فسكان منطقة البقاع الشمالي من بريتال إلى الهرمل يعيشون على ضجيج الدوريات العسكرية العلنية لـ”حزب الله“ كما حصل يومي الأحد والاثنين، والسرية التي لم تتوقف بشاحنات رباعية الدفع مغطاة بشوادر، تنقل مقاتلين يحملون أسلحتهم وينتشرون على حدود بلدات المواجهة وخصوصاً محور اللبوة ـ عرسال، حيث اتخذ هؤلاء العناصر موقعاً على تلة فوق حاجز للجيش اللبناني لحماية بلدة اللبوة من أي تمدد عسكري.
أحد المتابعين لما يحصل في اللبوة أشار لـ"المدن" إلى أنه قبل أسبوع انتشرت شائعة في بلدته والبلدات المجاورة لها أن تنظيم ”داعش“ يتحضر للهجوم على البلدات المحسوبة على ”حزب الله“ من جهة جرود عرسال، فبدأ أبناء المنطقة اتصالاتهم بالحزب للتأكد من صحة الخبر، ولذلك قام عناصر الحزب باستعراضهم العسكري بأسلحة منوعة أبرزها محمولات تنقل مضادات أرضية من رشاشات ٢٣ ورشاشات ١٤.٥ وكذلك مدافع ١٠٦ مباشر، وذلك لإعادة الهدوء إلى مناطق مناصريهم من جهة ولإيصال رسالة إلى من يسميهم الحزب بالمجموعات المسلحة أنه جاهز لرد أي محاولة تقدم إلى مناطق نفوذه وهو لن يتوانى عن استعمال كل قدراته لحماية جمهوره.
ويتابع المصدر بالقول إن "الأسبوع الماضي شهد اشتباكا بين دورية من عناصر الحزب وعناصر من المعارضة السورية في وادي ميرا فوق بلدة القاع داخل الأراضي السورية حينما وقعت مجموعة الحزب في كمين أدى إلى مقتل شخصين منها وأسر واحد وفرار البقية“، حيث يحتفظ عناصر المعارضة السورية بالجثتين والأسير في نقطة من جرود القلمون قريبة إلى الحدود مع عرسال.
ولكن وفيما تتفلت حياة المنطقة الحدودية بغابة من السلاح بين جانبي الصراع، فإن المقاتلين من الطرفين يستعملون اسم تنظيم ”داعش“ لأي اشتباك يحصل، لأنه الأكثر تخويفاً ويفتح الخيال لبطولات وهمية عند البعض، ويستعمل لزراعة الرعب عند البعض الآخر. فقد أكد أبو أحمد وهو أحد القياديين العسكريين من المعارضة السورية في جبال القلمون لـ"المدن" أن ”داعش“ لم يكن لها أي تواجد ضخم في القلمون سابقاً، وهي اختفت من تلك المنطقة نهائياً بعد دخول ”حزب الله“ والجيش السوري. أبو أحمد أشار إلى أن خلافات المهربين والخلافات العشائرية مثل عملية قتل رجل من آل عز الدين من عرسال يوم الثلاثاء تحولت إلى اتهام داعش والنصرة، مع أن الجميع يعرف أن الخلاف هو بين مجموعة من المهربين اللبنانيين والسوريين يتهمون بعضهم بسوء الأمانة، وهو أمر كان يحصل دائماً قبل وقوع الحرب الأهلية في سوريا.
ويتحدث أبو أحمد عن اشتباكات عنيفة يقودها حزب الله لاحتلال مزارع رنكوس، وخصوصاً مزرعة ”سبنا“ التي تعتبر مدخلاً إلى أودية توصل إلى قرى في لبنان وبلدة الزبداني المحاصرة في سوريا وكذلك إلى بلدة رنكوس. ويشير أبو أحمد إلى أنه في ليل الأحد ـ الاثنين شهد الطريق من عسال الورد إلى بلدتي بريتال عبر بلدة طفيل اللبنانية عبور أكثر من ٦٧ شاحنة مغطاة بالشوادر.
وتوقع القيادي في المعارضة العسكرية أن تتحول منطقة جرود القلمون خلال الأيام المقبلة إلى أرض لحرب قاسية بين حزب الله والنظام السوري من جهة وبين فصائل المعارضة، حيث سيحاول الحزب تقسيم المنطقة الواقعة شمال بلدة طفيل، إلى مربعين يفصل فيهما عناصر المعارضة عن بعضهم ما يسهل ضربهم، ودليله لهذا السيناريو هو الحركة الكثيفة لانتشار عناصر حزب الله في مناطق حدودية وكذلك كثافة الطلعات الجوية لطائرات المراقبة التي لم تتوقف عن العمل منذ أكثر من أسبوع.
قبل وصول موسم الشتاء، يحاول ”حزب الله“ إنهاء هذا الملف، قبل أن يمنعه المطر والثلوج من التقدم في الجبال، ما يسمح للمقاتلين بتقوية وضعهم في انتظار الربيع القادم.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث