الثلاثاء 2024/07/09

آخر تحديث: 07:13 (بيروت)

موسكو تتوقع رئاسة صعبة لبزشكيان في إيران

الثلاثاء 2024/07/09
موسكو تتوقع رئاسة صعبة لبزشكيان في إيران
increase حجم الخط decrease

ليس أول رئيس إصلاحي يصل إلى كرسي الرئاسة في إيران، ومع ذلك بقيت إيران على النهج الذي اختطه الخميني: التوسع في الشرق الأوسط، العداء للغرب، السعي للحصول على السلاح النووي، قمع الداخل وإفراغه من السياسة. يجمع المراقبون للشؤون الإيرانية أن الرئيس الجديد، لن يتمكن من إنجاز ما عجز عنه سابقاه، محمد خاتمي وحسن روحاني. فهو يوصف بالإصلاحي المعتدل والحريص على الإلتزام بتوجيهات المرشد الأعلى. وسيرافق مسعود بزشكيان في كل مدة رئاسته برلمان (المجلس) مغرق في توجهه المحافظ، تم انتخابه قبل ثلاثة اشهر من إنتخاب الرئيس. وأول مواجهة مع هذا البرلمان ستقع لدى عرض بزشكيان أسماء وزراء حكومته التي سيشكلها في الأسابيع الاولى لرئاسته. 

يعترف المتابعون للشؤون الإيرانية بأن نظام الملالي، وعلى عكس الأنظمة التسلطية الأخرى، تمكن من الإلتزام بتقنيات العملية الديموقراطية في الإنتخابات. فهي لا تشبه "الإنتخابات" في سوريا أو روسيا، وليست إنتخابات يفوز فيها المطلوب فوزه بنسب تصل إلى 99% الشهيرة. لكنها إنتخابات تجري فيها غربلة المرشحين، والسماح فقط لمؤيدي النظام المشاركة فيها. الإلتزام بتقنيات الديموقراطية لايجعلها ديموقراطية، بل "ديموقراطية إيرانية"، كما يصفها خبراء. 

المعارضة الإيرانية الممنوعة من المشاركة في إنتخابات الملالي تصف الإنتخابات بأنها "سيرك". والغرب يطعن بنزاهتها وحريتها، كما وصفت الخارجية الأميركية الإنتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة. واللافت أن من سارع للرد على الأميركيين ليست إيران، بل روسيا. فقد صرحت في 6 الجاري الناطقة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالقول أن الولايات المتحدة صرحت في الأول من الجاري أن الإنتخابات الرئاسية الإيرانية ليست حرة ولا عادلة، ولن تفضي إلى تغييرات جذرية في التوجه الإيراني. الموقف الأميركي الذي تم التأكيد عليه في 5 الجاري، وصفته زاخاروفا بأنه معد مسبقاً، ونصحت الأميركيين بأن يهتموا بإنتخاباتهم لا ان ينتقدوا إنتخابات الغير. 

وكالة نوفوستي نقلت في 6 الجاري عن السفير الروسي السابق في إيران Alexander Maryasov قوله بأن مسعود بزشكيان تنتظره رئاسة صعبة، وذلك لأن الولايات المتحدة لن تقدم على أي تنازل. وأضاف بأن هدف بزشكيان الرئيسي ــــ تخفيض حجم العقوبات أو إلغائها، مما يعني بداية مفاوضات غير مباشرة مع أوروبا والولايات المتحدة. والمفاوضات بشأن إلغاء العقوبات سبق أن عقدت، لكنها لم تفض إلى "نتائج جدية"، وذلك لأن طهران كانت تدافع بحزم عن موقفها، وواشنطن لم تقدم على أي تنازل. ويرى السفير أن الأميركيين لن يقدموا على أي تنازل في عهد بيشكيان أيضاً. ولن يكتفي الأميركيون بالشروط المرتبطة بالصفقة النووية وبرنامج إيران النووي،  بل سيطالبون أيضاً بالإلتزام بحقوق الإنسان والتخلي عن دعم الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط، وهو ما لم تقبل به القيادة الإيرانية سابقاً، ولن تسمح للرئيس بزشكيان القيام به. 

يضيف السفير أن واشنطن لن تقدم تنازلات عشية الإنتخابات الرئاسية. وإذا عاد إلى البيت الأبيض ترامب الذي سحب الولايات المتحدة من الصفقة النووية وفرض عقوبات جديدة، لن يكون لدى إيران أي أفق في العلاقات مع الولايات المتحدة. في هذه الحال ليس أمام بزشكيان خيار سوى تطوير العلاقات مع الدول المهتمة بهذا الأمر. وسينتهج بزشكيان سياسة تطوير العلاقات مع روسيا والصين ودول "جنوب الأرض" ومنظمة شانغهاي والبريكس، أي ستكون السياسة تفسها التي اتبعها سابقه. ويرى أن لن يتغير الكثير في العلاقات مع روسيا، بل ستستمر في التطور. 

وعلى صعيد السياسة الداخلية، يستبعد السفير أن تطرأ عليها تغييرات حاسمة، وذلك لأن بزشكيان سيبقى دائما مقيدا بالقيادة العليا والبرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون. ويستدرك بالقول أن الرئيس الجديد سيعمل على تحسين وضع الأقليات القومية والدينية، وإلغاء قواعد لباس المرأة.

البوليتولوغ Karine KevorKyan ليست واثقة، كما السفير السابق، من بقاء السياسة الإيرانية حيال العلاقات الروسية الإيرانية على حالها كما كانت في عهد الرئيس السابق. فقد نقلت عنها صحيفة الإزفستيا في 6 الجاري قولها بأنه من الصعب حتى الآن توقع كيف ستكون عليه سياسة بزشكيان حيال روسيا. لكنها أشارت إلى أن المرشد الأعلى سبق أن وعد بمحافظة إيران على السياسة السابقة حيال روسيا. وأضافت بأن المرشد أكد للرئيس بوتين عبر القائم بأعمال الرئيس محمد مخبر خلال لقائهما في أستانة في 4 الجاري مواصلة الحكومة الجديدة النهج السابق حيال روسيا. 

ورأت البوليتولوغ  أن من العسير القول في ظل الظروف المتغيرة الحالية ما الذي سيحدث وإلى أي مدى يعتبر بزشكيان إصلاحيا. وتوقعت أن ينشط الرئيس الجديد في تطوير العلاقات مع تركيا. 

وكالة INTERFAX الإخبارية الروسية أجرت في 6 الجاري مقابلة مع الباحث في مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، المتخصص في الشؤون الإيرانية Yuri Lyamin. في رده على السؤال عن التغييرات التي يمكن توقعها في عهد الرئيس الإيراني الجديد، قال الخبير بأنه على ثقة بأنه لا يجدر بنا توقع اي تغييرات جدية، خاصة في السياسة الخارجية. وبالنسبة للعلاقات مع روسيا، يكرر الباحث القول بأن الكلمة الأخيرة في هذه السياسة تبقى للمرشد، ويشير إلى ـتأكيد خامنئي لبوتين عبر القائم بأعمال الرئيس محمد مخبر إلى بقاء السياسة الإيرانية حيال روسيا على حالها. ويستدرك بالقول أن بعض الوزراء قد يسرّعون تنفيذ بعض المشاريع المشتركة أو يؤخرون، لكن لن يحدث أي تغيير جذري. 

وبالنسبة للعلاقات مع الغرب، يكرر تقريباً ما ذكره السفير الروسي السابق لوكالة نوفوستي. لكنه يضيف عن العلاقات مع إسرائيل بأن لا شيئ أيضاً يمكن أن يغيره الرئيس الجديد. فعدم إعتراف إيران بوجود بإسرائيل يمثل مبدأً رئيسياً لإيران منذ زمن الثورة الإيرانية. ويستدرك بالقول أنه يتحدث عن عدم حصول تغييرات جذرية في الموقف من إسرائيل. 

يؤكد الخبير أن رئاسة بزشكيان ستكون صعبة "بدون شك". والإختبار الجدي الأول سيكون في تصديق البرلمان "المحافظ للغاية" على وزراء حكومته. وعن الخلافات الكبيرة بين الرئيس الجديد والمرشد الأعلى التي يتحدث عنها الخبراء والإعلام، يؤكد الباحث بأنها موجودة "بالتأكيد". لكنه لا يرى بأن هذه الخلافات سيجري تفعيلها، والخبرة السابقة مع الرؤساء الإصلاحيين تشير إلى أنه سيتم تسويتها، ولن تعلن  على الملأ. 

موقع السينامئيين الروس posnews نشر في 8 الجاري نصاً تساءل في عنوانه ما إن كان بزشكيان "إصلاحياً أم ملتزماً" خط المرشد الأعلى. يشير الموقع إلى أن مراسم تنصيب بزشكيان رسمياً ستجري بعد تقديم إستقالته من منصبه نائباً في البرلمان، ويتوقع أن يتم التصديق على الإستقالة في 21 الجاري، وأن تجري مراسم التنصيب بين 22 الجاري و5 الشهر القادم. 

ينقل الموقع عن البوليتولوغ الروسي Andrey Nikulin قوله بأن بزشكيان يعتبر إصلاحياً، لكن التوجه المحافظ للبرلمان ومجلس الخبراء والمرشد الأعلى تقيد حركته، ولن تكون لديه إمكانية للمناورة، "على الأقل في المرحلة الحالية". ويقول البوليتولوغ أن بوسع الرئيس الجديد إحداث بعض التغيرات، لكن عدة ظروف تجعله مقيد اليدين. والناس يدركون ذلك، وحقيقة أنهم صوتوا لصالحه تشكل إشارة إلى أن المحافظين لا يتمتعون بثقتهم ويكرهونهم أكثر من الإصلاحيين، الذين تراجعت سمعتهم أيضاً في الأعوام الأخيرة. ولكن بشكل عام، يدرك الإيرانيون أن الفصائل التي تبدو متعارضة، "كلها جوهر نظام واحد"



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها