السبت 2024/07/27

آخر تحديث: 01:14 (بيروت)

إئتلاف إبراهيم بدلاً من الناتو العربي؟

السبت 2024/07/27
إئتلاف إبراهيم بدلاً من الناتو العربي؟
increase حجم الخط decrease
في ما يشبه الرد على زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وقبل يوم واحد من وصوله، كانت الفصائل الفلسطينية في بكين تتوافق على تشكيل "حكومة مصالحة وطنية مؤقتة"، وكانت موسكو تعلن عن زيارة محمود عباس إلى موسكو في آب/أغسطس المقبل. وفي اليوم عينه، تحدث السفير الفلسطيني الأسبق في موسكو، رامي الشاعر، عن وفد من "جميع" الفصائل الفلسطينية يزور موسكو قبل آخر الشهر الجاري.

وجاء إستدعاء الأسد إلى موسكو ليخلق مع كل هذه التحركات، إنطباعاً بأن المنطقة في خضم دورة تصعيد جديدة من الصراع بين الدول العظمى. ومن جديد تبدو قضية الشعب الفلسطيني الأداة المستخدمة من قبل هذه الدول في دورة صراعها الجديدة في المنطقة، بعدما انتزعتها هذه الدول من أيدي طغاة المنطقة الذين ولغوا بها طويلاً.

أنباء الحلقة التي كان مسرحها واشنطن خلال الأيام الثلاثة المنصرمة، طغت على أنباء بكين وموسكو. وبعد طول إنتظار وتلهف، أتيح للإسرائيلي "المعتز بصهيونته" نتنياهو أن يلتقي بايدن في أواخر عهده. بادر نتنياهو بايدن لدى دخوله قاعة اللقاء بالقول "السيد الرئيس، نحن نعرف بعضنا منذ 40 عاماً، وأنت تعرف جميع رؤساء وزراء إسرائيل السابقين منذ 50 عاماً، بدءاً بغولدا مائير. مني، الصهيوني اليهودي الفخور، إليك، أيها الصهيوني الأيرلندي الأميركي الفخور، شكرًا جزيلاً لك على 50 عامًا من الخدمة العامة و50 عامًا من الدعم لدولة إسرائيل"، حسب ما نقلت وكالة نوفوستي. وأضاف نتنياهو مخاطباً بايدن بالقول أنه كان ينتظر "بفارغ الصبر" هذا اللقاء، والعمل سوياً على المهمات المشتركة خلال الأشهر المقبلة.

في خطابه أمام الكونغرس الذي قاطعه نواب ديوقراطيون كثيرون، وعلى رأسهم الرئيسة السابقة للبرلمان نانسي بيلوسي، التي وصفته بالأسوأ من بين جميع خطب الأجانب رفيعي المستوى أمام الكونغرس، إقترح نتنياهو إقامة "إئتلاف إبراهيم" في الشرق الأوسط على غرار حلف الناتو. ونقلت صحيفة Kommersant الروسية الكبرى في 25 الجاري، رد الفعل في الولايات المتحدة على إقتراح نتنياهو. وقالت الصحيفة أن الأميركيين كانوا ينتظرون من نتنياهو إعلاناً عن وقف إطلاق النار وإتفاقية مع حماس، لكن ليس أبداً خطة لهجمات جديدة.

وأشارت إلى أن زيارة نتنياهو نفسها تجري على وقع إحتجاجات النشطاء المناهضة للحرب ومقاطعة سياسيين كبار. وأشارت إلى أن نتنياهو وصف إتهامات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية حكومة، لإسرائيل باقتراف جرائم حرب في قطاع غزة، وصفها بالهراء. وأعلن أن بلاده تدافع في القطاع عن السكان المدنيين وتحرر الرهائن، أما أن الناس في غزة يموتون جوعاً، فتلك مسؤلية المجموعات المسلحة التي تحكم المدن الفلسطينية.

ونقلت الصحيفة عن "واشنطن بوست" إشارتها إلى أن الجمهوريين إستقبلوا خطاب نتنياهو أمام الكونغرس بالتصفيق المدوي وصيحات الإستحسان، بينما اتسم رد فعل الديموقراطيين بضبط النفس. ووصف موقع "ذا هيل" الأميركي رد فعل الحزبين بـ"الإنقسام الواضح". وأشارت الصحيفة إلى مقاطعة ديموقراطيين كثيرين خطاب نتنياهو، وأنهم يعتبرون أن نتنياهو يتحمل المسؤولية عن الكارثة الإنسانية في غزة. وتوقفت عند عضو الكونغرس، رشيدة طليب التي وقفت في القاعة وهي تحمل يافطة كتب في جانب منها "مجرم حرب" وفي الجانب الآخر "مسؤول عن الإبادة الجماعية". وبدعوة من السيناتور طليب، حضر في القاعة أميركي من أصل فلسطيني فقد خلال الحرب في قطاع غزة 150 فرداً من عائلته الكبرى.

وقالت الصحيفة أن نتنياهو حمل معه إلى واشنطن خطة إقامة نظير لحلف الناتو في الشرق الأوسط لمحاربة إيران. ونقلت عن وكالة رويترز قولها أنه يقترح تسمية التشكيل الجديد "إئتلاف إبراهيم". وكانت فكرة الإئتلاف قد برزت لدى نتنياهو في نيسان/أبريل المنصرم حين حلق طيران خمسة جيوش محتلة لإسقاط الصاروخ الإيراني والمسيرة أثناء الهجوم على إسرائيل. ويعتقد نتنياهو أن التحالف العسكري سيكون الإستمرار الطبيعي لهذا التماسك. ويرى أن الدول التي ينبغي أن تنضم إليه هي تلك التي تريد السلام لإسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن "جيروزالم بوست" الإسرائيلية قولها أن إسرائيل تخوض معارك ناجحة ضد أعدائها من إيران، والممثلين بحماس في غزة وبحزب الله في لبنان وبالحوثيين في اليمن. وهي بذلك لا تحمي نفسها فقط، بل والولايات المتحدة أيضاً.

كما نقلت عن "بلومبرغ" قولها أنه، بينما كان نتنياهو يتحدث أمام الكونغرس، كان آلاف المتظاهرين يحتشدون عند مبنى الكابيتول في إحتجاج ضد الحرب. ولتفريقهم إضطر البوليس إلى إستخدام غاز الفلفل، أما الضيف الإسرائيلي فوصفهم بأنهم "الأغبياء المفيدون" لطهران.

فكرة إقامة نظير للناتو في الشرق الأوسط، ليست فكرة نتنياهو، كما أنها ليست جديدة، بل بدأت الولايات المتحدة تتحدث عن "الناتو العربي" منذ سنوات "الربيع العربي". في بحث نشره المستشرق الروسي Leonid Tsukanov في أواخر آذار/مارس 2022 في موقع المجلس الروسي للعلاقات الدولية RIAC، قال أن فكرة "الإستنساخ الإقليمي" للناتو تبقى راسخة في الخطاب السياسي الأميركي. وهي تقضي بإقامة تنظيمات دفاعية على غرار الناتو توفر الإستقرار في المناطق التي تهم الولايات المتحدة، ومن دون وجود كبير لها في هذه التنظيمات. ويرى أن تشكيل قوات الرد السريع العربية المشتركة العام 2014، كان المحاولة الأولى لإقامة "الناتو العربي". وقد بادرت مصر حينها إلى طرح فكرة تشكيل هذه القوات في إطار الجامعة العربية. وسارعت واشنطن لتأييد المبادرة المصرية، ونصحت بتطوير هذه القوات مستقبلاً إلى منظمة سياسية عسكرية مستقلة بوسعها دعم الإستقرار في المنطقة بلا مشاركة القوات المسلحة الأميركية. وقال المستشرق أن هذه المنظمة بالذات أطلق عليها الخبراء الغربيون تسمية "الناتو العربي"، مضيفاً أنها كان يفترض أن تضم ست دول عربية، لتنضم إليها إسرائيل بصيغة محدودة بوصفها "الدولة الإستخباراتية" التي يزود إختصاصيوها المنظمة بالمعلومات الإستخبارية بوساطة الولايات المتحدة.

في العودة إلى زيارة نتنياهو مباشرة، ذكر الموقع الأذري Haqin.az مساء 26 الجاري أن ترامب إستقبل نتنياهو في مقر إقامته، وبطلب من الأخير. ونقل الموقع عن الصحافة الإسرائيلية قولها أن لدى ترامب ونتينياهو فرصة لضبط العلاقات في هذه اللحظة الحرجة ـــ الحرب بين إسرائيل وحماس، والإنتخابات الرئاسية الأميركية. وقال الموقع أن العلاقات بين الرجلين تدهورت في السنوات الأخيرة، وظل ترامب متردداً في الإتصال بنتنياهو طوال فترة الحرب. وبعد هجوم حماس على إسرائيل مباشرة، إنتقد ترامب نتنياهو بسبب تصرفاته خلال الحرب، قائلا في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" أن إسرائيل ورئيس وزرائها كانوا "غير مستعدين" بشكل عام.

صحيفة الكرملين VZ نقلت في 26 الجاري، عن خبير إسرائيلي قوله بأن أيام نتياهو كرئيس للوزراء باتت معدودة. ونقلت عن الخبير الإسرائيلي قوله بأن الجمهوريين والديموقراطيين عازمون على إنهاء الصراع في الشرق الأوسط في أقرب وقت. وقال الخبير الإسرائيلي في العلاقات الدولية والأمن القومي Simon Tsipis أن الديموقراطيين مرتهنون لآراء النشطاء المؤيدين للفلسطينيين، وهم يميلون لإنتقاد إسرائيل ويتعاطفون مع القيود المفروضة على إسرائيل. أما دونالد ترامب فلن يتوقف عن دعم إسرائيل، لكنه يحاول خطابيًا إجبارها على إنهاء الصراع الذي طال أمده.

يرى الخبير أن زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة تشير إلى أنه عازم حالياً على تعزيز وقف إطلاق النار. وهذا سيعرض الإئتلاف الذي أقامه إلى ضربة شديدة، ولذا فإن أيامه في السلطة باتت معدودة على الأرجح. لكنه لن يتخذ خطوات جدية إلا بعد إنتهاء الإنتخابات الأميركية.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها