الثلاثاء 2024/07/23

آخر تحديث: 06:48 (بيروت)

بايدن يتنحى جانباً..لمن؟

الثلاثاء 2024/07/23
بايدن يتنحى جانباً..لمن؟
increase حجم الخط decrease

حتى الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم سيبقى خبر إنتخابات الرئاسة الأميركية يتصدر الصفحات الأولى ونشرات الأخبار في العالم. بعد المناظرة بين بايدن وترامب في 28 الشهر المنصرم وفشل الأول فيها، بقي العالم حتى الأحد المنصرم يتحزر ما إن كان بايدن سينسحب ويخلي الطريق أمام مرشح آخر للرئاسة من الحزب الديموقراطي. بديهية الطبيعة البشرية ــــ كلما تقدم المرء في السن كلما إزداد تمسكه بالدنيا ـــ ملازمة لكل بشري، مهما كبر أو صغر دوره في هذا العالم. فكيف إذا كان رئيس الولايات المتحدة الأميركية التي تضطرها مصالحها الهائلة للإحاطة بكل صغيرة أو كبيرة تجري على هذا الكوكب. البلد الذي يملك أكبر قوة عسكرية عرفها العالم لحماية ماكينة تنتج حوالي 26 تريليون $ في السنة، تسهم في إنتاجها كفاءات من مختلف بقاع الأرض استطاع النظام الأميركي أن يؤالف بينها في بوتقة واحدة، مختلفة الإثنيات والأديان والطموحات، ويوظفها لخدمته. 

الصعوبة الشخصية التي واجهها بايدن لاتخاذ قرار الإنسحاب من السباق الرئاسي تبررها الطبيعة البشرية، لكن لا يبررها من يخوض السباق إلى قيادة هذه القوة العظمى إذا رأى أنها تعترض طريقه. خلال الساعات التي انقضت بعد إعلان بايدن قراره بالإنسحاب، تدفق سيل من التحليلات والتعليقات على هذا القرار، وأُرفق بأسئلة كثيرة: هل اتخذ بايدن قراره بنفسه، أم أُجبر على إتخاذه؟ هل كان القرار وليد الساعة، أم  اتخذ من قبل وتم إختيار الوقت المناسب لإعلانه؟ هل سيلتزم الحزب الديموقراطي بترشيح كمالا هاريس لمنافسة الجمهوري رونالد ترامب؟، ما تأثير إنسحاب بايدن على مجرى السباق الرئاسي ونتائجه؟

صحيفة الإزفستيا المخضرمة نقلت في 22 الجاري عن محلل سابق في وكالة الإستخبارات الأميركية CIA قوله بأن إنسحاب بايدن ـــ خطة أقرها الحزب الديموقراطي منذ زمن. قال المحلل Larry Johnson بأنه منذ نصف سنة "تم إطلاعي" على معلومة تقول بأن هذا بالذات (سحب بايدن) ما هم عازمون على القيام به. كانت الخطة تفترض عقد مؤتمر علني وإختيار ميشال أوباما ـــ زوجة باراك أوباما ـــ كمرشح لمنصب الرئيس. 

تنقل الصحيفة عن المحلل قوله بأن الصراع داخل الحزب الديموقراطي لا يزال مستمراً. بالإضافة إلى نائب الرئيس كمالا هاريس التي يدعمها بايدن نفسه، ثمة كثيرون يرغبون في الترشح لمنصب الرئيس. ويجد أن قرار الرئيس مستغرب، ولا يعتقد أن بايدن كان يريد الإنسحاب من السباق الرئاسي، "حتى لو لم  يكن مؤهلاً نفسياً لذلك" . ويفترض أن ضغوطاً هائلة مورست عليه من جانب شخصيات مثل باراك أوباما، عضو مجلس النواب الأميركي ورئيسته السابقة نانسي بيلوتشي، السيناتور عن ولاية نيويورك تشاك شومر، وغيرهم من كبار المتبرعين للحزب الديموقراطي. 

وكالة تاس أوجزت في 21 الجاري تعليقات الكثير من مواقع الإعلام والرسميين الروس والغربيين على قرار إنسحاب  بابدن. نقلت الوكالة عن قناة CNN إشارتها في اليوم عينه إلى أن بايدن، وقبل قليل من إعلان قراره بالإنسحاب، أبلغه إلى كبار المسؤولين في حملته الإنتخابية وفريق البيت الأبيض. وأعلنت القناة الأميركية أن بايدن لم يتخذ قراره النهائي سوى يوم إعلانه. 

صحيفة The Washington Post كتبت أن بايدن إتصل هاتفياً بنائب الرئيس كمالا هاريس قبل إعلان قراره. وأشارت CNN إلى أن هاريس لن تتحدث إلى الرأي العام قبل أن يتوجه الرئيس بكلمة إلى الأمة. وقالت بأن هاريس لم تكن على علم بقرار بايدن سوى في 21 الجاري. وتوقعت قناة التلفزة CBS أن يجري التصويت على تبني الحزب الديموقراطي ترشيح كمالا هاريس لمنصب الرئيس في الأول من آب/ أغسطس المقبل (معظم المواقع الإعلامية أشارت إلى أن مؤتمر الحزب الديموقراطي بشأن الإنتخابات الذي يعقد في 19 ـــ 22 الشهر القادم قد يختار هاريس من بين أشخاص آخرين يتنافسون على تبني الحزب لترشيحهم). 

نقلت تاس عن مجلس الشيوخ الأميركي تعليقه على قرار بايدن بأنه وضع مستقبل الولايات المتحدة فوق مصالحه الخاصة. وأعلن ممثل رفيع المستوى للإدارة الأميركية أن بايدن وحده كان بإمكانه إتخاذ القرار بالإنسحاب. ورأى دونالد ترامب أن الولايات المتحدة عانت بشدة في ظل إدارة بايدن، ولا يستحق أن يتقدم بترشحه لدورة جديدة. ووصفه بأنه الرئيس الأسوا للولايات المتحدة. أما الرئيس الأسبق باراك أوباما فقد إعتبر قرار بايدن بالإنسحاب من السباق الرئاسي بأنه أحد أصعب القرارات في حياة بايدن.

روبرت كينيدي الأصغر(اغتيل والده بعد أن تبني الحزب الديموقراطي ترشيحه للإنتخابات الرئاسية العام 1968) الذي أعلن عن عزمه المشاركة في الإنتخابات الرئاسية بصفته مرشحاً مستقلاً، رأى بأن إختيار مرشح جديد للمنصب الأعلى في الدولة عن الحزب الديموقراطي يجب أن يتم بالتصويت العلني، حسب تاس.  وتجدر الإشارة إلى أن المجمع الإعلامي الروسي الكبير RBC كان قد نشر في أواخر آذار/مارس المنصرم نصاً مطولاً تحدث فيه عن إبن العائلة السياسية الأميركية الشهيرة روبرت كينيدي الأصغر، ولماذا يخشى بايدن ترشحه. ونقل المجمع حينها عن صحيفة Axios أن شقيق كينيدي الأصغر وشقيقتيه أدانوا برنامج شقيقهم الإنتخابي، وأشاروا إلى أنه لا يتفق مع القيم والآراء والأحكام التي كان يؤمن بها والدهم. وبعد أن كان القيمون على حملة ترامب الحالية يهاجمون بشدة كينيدي الذي صوت العام 2020 لصالح بايدن، عادوا وخفضوا من لهجتهم تجاهه، إذ اعتبروا أن ترشحه هو لصالح ترامب. 

في العودة إلى نص تاس، تابعت الوكالة أيضاً تعليقات المسؤولين الروس على قرار بايدن بسحب ترشحه. نقلت عن الناطق بإسم الكرملين دمتري بيسكوف قوله بأن الكرملين سوف يتابع الوضع حول الإنتخابات الأميركية، لكنها ليست الأولوية بالنسبة له، بل بلوغ أهداف "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا. 

رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فيتشسلاف فالودين قال بأن بايدن خلق مشكلات في العالم أجمع، ويفر الآن من الإنتخابات. 

الناطقة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت بأن سيناريو تطور الوضع في الولايات المتحدة بعد إنسحاب بايدن هو شأن داخلي أميركي. 

وكالة نوفوستي نشرت أكثر من نص بمناسبة إنسحاب بايدن، ونقلت في أحدها عن محلل تركي قوله بأن إنسحاب بايدن كان تلبية لمطلب عام، وليس بسبب الوضع الصحي الناتج عن تقدمه في السن. ورأى المحلل إنجين أوزر أن جواً من عدم الثقة العامة كان يحيط بالرئيس بايدن، فالناخب الأميركي العادي كان مرتاحاً للوضع الإقتصادي المريح نسبياً في عهد الرئيس السابق ترامب، إذ كان الأخير يدعم إستثمارات الشركات الأميركية. ويرى المحلل أن الديموقراطيين أعطوا الأولوية للطاقة الخضراء والمزيد من الإستثمارات العالمية. وقد أدى هذا القرار إلى خلق وضع غير مريح للإقتصاد الأميركي. كما واجه الديموقراطيون ردة فعل جدية على سياستهم بشأن المهاجرين. 

إضافة إلى ذلك رأى أوزر أن تراجع الردع الأميركي في العالم أجمع، وخاصة في مناطق النزاعات، أدى إلى تراجع شعبية الديموقراطيين في ظل بايدن. ونتيجة لذلك نرى أن المجتمع الأميركي إتجه نحو المرشحين المحافظين كردة فعل على السياسة الليبرالية المتطرفة للديموقراطيين، وليس على أخطاء بايدن الشخصية ومشاكله الصحية. ويستنتج المحلل مما قاله أن تقديم مرشح جديد من قبل الديموقراطيين كان أمراً منتظراً، إلا أنه  يبدو أنه لن يحول دون إنتصار ترامب. 

    





increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها