ونال المراسل الحربي شادي حلوة، وساما مثل وسام النمر من روسيا، واسم شادي حلوة يجمع بين الشدو والغناء والحلاوة والندى. اسمه خال من صفات الغابة وخصائصها، فالتناقض أحد أهم خصائص نجاح الدويتو، أما اسم الوسام فهو "الشجاعة والبطولة"، ناله على دوره الشجاع في الحرب على الإرهاب الدولي، تغفر شجاعته ذنب مسخه لحرف الضاد العربي إلى دال مخزية، وهما يظهران معا غالبا، فهما دويتو تلفزيوني حربي كوميدي، ويتقدم شادي النمر على سهيل حلوة بفضيلة هي المدرعة “بي آر أم-ك واحد” وهبتها له روسيا، وهي مزودة بعتاد ومحطة رادار قادرة على رصد الدبابات على بعد عشر كيلومترات، والأشخاص على بعد ستة كيلومترات، وفيها جهاز قياس ليزري يصل مداه لثمانية كيلو مترات، بالإضافة إلى خصائص أخرى وفقاً لوكالة سبوتنيك الروسية مثل الطرمحة التي ترصد الخصوم على بعد مئات السنوات!
لم نجد وصفاً أفضل للنظام بالنظام، وقد عاد اسمه الأول في معظم وكالات الإعلام، فلم يعد نظاماً، إنه دولة، وكنا ننتظر أن يخترع لنا صحافي وصفاً جديداً له، مثل نظام الكورونا مثلاً، فسوريا رسمياً خالية من الكورونا، مع إنّ الإصابات فيها كثيرة، وكان آخر تقرير يقول إن بها ألف إصابة، كلها من بركات الزيارات الإيرانية، للمشاورة طبعاً.
وكان من الخسائر الصافية في حرب سراقب، خبر إصابة نمرنا المحبوب، نجم الكاميرات والجنرال المعجزة، الذي سرق الأنظار وخطف الأبصار، ملك العروض العسكرية في السيرك الكبير. وبينما كانت تركيا تعكف على تطوير طائرات من غير طيار، والصين منكبّة على تطوير لقاح ضد طاعون الكورونا، كان نظام المرايا السوري يجتهد في تطوير ثلاث نسخ من السامسونغ العسكري السوري.
المرايا مكيدة سينمائية معروفة، يلوذ المجرم المستعصي بغرفة مليئة بالمرايا، والبطل في أثره، فيدخل ليجد ستاً وثلاثين مرآة، كلها تعكس صورة المجرم، لكن مرآة واحدة هي الصادقة، أحد مشاهد المرايا السينمائية الشهيرة نجدها في فيلم شهير لآل باتشينو اسمه الوجه ذو الندبة، أول مرايا سينمائية رأيناها كانت في مسلسل سندباد الكرتوني.
يبيّن الوسام أن بوتين مغرم بالنمر، ورأى فيه بطلاً لسورية المستقبل، فهو من الغابة نفسها، ومن صفوة الأقلية المفضّلة، غير أنَّ به عيباً واحداً هو أنَّ نمرنا مصاب بفيروس الوطنية الفائضة، مثال ذلك غضبه أشد الغضب من نصفه غير الكوميدي عندما هتف بالروح بالدم نفديك سوريا، فضربه على يده وحرد إلى بيت حماته، بعد أن هتف: سوريا هي بشار الأسد!
الكوميديا هي أحد الأسلحة الكبرى في العصر الحديث. تظهر الفيديوهات المبثوثة للنمر تأثره بالفانتازيا التاريخية، درّة صناعة الأسد الثقيلة في عصر الاستقرار الذي أفل استمراره، وهي مضمنة برسائل طائفية ففرسانه المقربون منضوون تحت كتيبة الطراميح، والطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ الطائي شاعر شيعي ومن أصحاب الإمام علي، حمل رسالته إلى معاوية، واختصم معه. النمر لا يحسن لفظ الاسم صحيحاً، فيلفظه بميم مخففة، الشدّة هي للشعب السوري.
الأشتر أحد ألقاب ضباط النمر المقربين، تقول الروايات إنَّ الأشتر دخل على عمر بن الخطاب مع وفد مذحج، فجعل ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره، فقال لرئيس الوفد: أمنكم هذا؟ قلت: نعم. قال: ماله قاتله الله، كفى الله أمة محمد شره والله إني لأحسب للمسلمين منه يوماً عصيباً.
العروض التي يقدمها النمر مع طرامحيه لها وظائف عدة: التعبئة والحضّ والتحريض، رفع الروح المعنوية في مناطق خفض التصعيد، التذكير بعهود الفانتازيا التاريخية المجيدة، تصريف الهمُّ السوري الكبير.. ذكرت تقارير تحليلية رصينة أنَّ الأسد يخشى من نفوذه ويغار من مكانته لدى الروس.
النمر يلمّ ببعض مفردات الخطاب الديني الجامع، وهو يوهم العامة من مواليه بقدرات فلسفية، وهو بطل في مفارقات التغريب اللغوي، وهي كهانة شائعة في الخطاب الإعلامي السوري في عصر الاستقرار، سخر منها دريد لحام كثيراً في عصر الأبيض والأسود.
النمر يقطف ثمار صناعة سوريا الثقيلة في الدراما، من مسلسلات الفانتازيا التاريخية إلى الكوميديا التي بلغت ذروتها في ضيعة ضايعة، وقد رأينا اثنين من نجوم المسلسل الشهير، هما البيسة والسلنغو يتصارعان على منصب نقابة الفنانين، ويخشى ساخرون أن يتصارع جودة وأسعد على رئاسة جمهورية " المهاجرين" الضائعة. من الجدير بالذكر أنَّ ضحايا الأسد والنمر، نالوا جوائز سينمائية عالمية مثل فيلم "الخوذ البيض"، "ومن أجل سما"، وفيلم "الكهف"، وهي أفلام وثائقية، معقمة من الفانتازيا، مليئة بالتاريخ والحب والتضحية، لا خيال فيها، أفلام ليست سوى ترتيل للألم السوري العظيم.
خُطبُ النمرِ تجمع بين الفصاحة والحماس والوعظ والفلسفة. من مواعظه الشهيرة أنه جعل للإيمان أركاناً أربعة لم نسمع بها قط، أولها الصدق، وآخرها الإيمان بالجد المقدس حافظ الأسد.
نشاهد ونضحك ونغسل أيدينا بعد الدين الجديد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها