أكد تقرير نشره الصديقان التركيان جيران كينار وراغب سويلو، في مجلة “فورين بوليسي” الاميركية، متانة العلاقة التي تربط نظامي فلاديمير بوتين وبشار الأسد بتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش).
ففي مقالة بعنوان “ماذا يعمل مهندسون روس في محطة غاز يسيطر عليها داعش في سوريا”، نقلت كينار وزميلها سويلو عن مسؤولين في حكومة تركيا قولهم ان مهندسين روس تابعين لشركة غاز يملكها احد المقربين من بوتين يعملون في حقل توينان الواقع في منطقة تدمر، ٧٥ كيلومترا جنوب غرب مدينة الرقة.
ويرعى الشراكة مع الروس رجل الاعمال المقرب من الأسد وليام حسواني، الذي اتهمته واشنطن بتنسيق تعاون الأسد وداعش وفرضت عليه عقوبات مالية في تشرين الثاني الماضي. ويسدد حسواني ٥٠ الف دولار شهريا لداعش “لحماية معداته”، فيما توصل لاتفاق مع التنظيم لضمان أمن المهندسين الروس الذين يبيتون في قاعدة عسكرية تابعة لقوات الأسد في محافظة حماة.
ويظهر التقرير ان معمل غاز توينان يزود محطة غاز حلب، التي يسيطر عليها داعش، ويزود في الوقت نفسه محطتي كهرباء دمشق وحمص، اللتين يسيطر عليهما النظام.
هذا التنسيق بين التنظيم الذي تصنفه اميركا والغرب الاكثر ارهابية في العالم، اي داعش، مع الأسد وموسكو، التي تدعي انها تشن حملة عسكرية في سوريا ضد الارهاب فيما هي في الواقع تسعى لتصفية معارضي الأسد، يتم على مرأى ومسمع الولايات المتحدة، التي تثور ثائرتها على اي دولار عربي يصل ايدي اي جمعية خيرية اسلامية يبدو القيمون عليها محافظين اكثر مما تسمح به أميركا.
هي واشنطن نفسها التي تثور ثائرتها ضد بعض التنسيق على ارض المعركة بين “جبهة النصرة”، المصنفة ارهابية في أميركا، وبعض فصائل الثوار السوريين، فيما لا يبدو على المسؤولين الاميركيين الامتعاض نفسه في وجه التقارير حول التعاون النفطي بين روسيا وداعش والأسد، وتسديد رجل الأسد حسواني مبالغ شهرية لمقاتلي داعش، بل ان الحكومة الاميركية لا تنفك تؤكد ضرورة بقاء الأسد “لمحاربة الارهابيين”.
ويخبرني سويلو، الذي يعمل مراسلا لصحيفة “الصباح” التركية في واشنطن، انه يحاول عبثا التواصل مع المسؤولين في ادارة الرئيس باراك أوباما. ويقول سويلو انه على اثر زيارة نائب الرئيس جو بايدن انقرة، وخصوصا بعد زيارة المنسق الاميركي للحرب ضد داعش بيرت ماكغيرك الى كوباني والتقاطه صورا اظهرته مع مقاتلي "بي كي كي"، الذي تصنفه تركيا تنظيما ارهابيا، لم ينجح اي صحافي تركي لا في بلاده ولا في اميركا في الحصول على اي لقاءات مع المسؤولين الاميركيين.
ويعتقد سويلو ان واشنطن منحازة تماما ل"بي كي كي"، وهو انحياز يبدو انه يشبه انحيازها للأسد وتغاضيها عن تنسيقه النفطي مع داعش، وبسبب انحيازهم غير المبرر، يتفادى المسؤولون الاميركيون الحديث علنا عن موقعهم في شبكة العلاقات الشائكة التي تجمعهم مع ال"بي كي كي" وتجمع الروس مع داعش.
روسيا تدّعي محاربة الارهاب وتصادق داعش، وأميركا تدّعي محاربة الارهاب وتصادق "بي كي كي"، والاثنان يريدان بقاء الأسد في السلطة لمحاربة الارهاب، على الرغم من تعاون الأسد مع الاثنين: داعش وال"بي كي كي".
وحدها المعارضة السورية تجد نفسها في مواجهة الجميع، الارهابيين، مثل داعش و"بي كي كي"، ومكافحي الارهاب، مثل روسيا واميركا والأسد، وما محاولة القضاء على المعارضة السورية في حلب الا صورة عن تكالب الارهابيين واعدائهم على السوريين. هكذا، تجد المعارضة السورية نفسها تقاتل في حلب على محاور متعددة، ال"بي كي كي" من ناحية، وداعش من ناحية اخرى، والأسد وروسيا من ناحية ثالثة، فيما تسعى أميركا بكل ما أوتيت من قوة لاطباق الخناق على مقاتلي المعارضة السورية بممارستها الضغوط على اي عاصمة في العالم تفتح جيوبها او حدودها لتزويد المعارضين السوريين بالمال او السلاح.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها