حين نعجز، يصبح "الهاشتاغ" وسيلتنا كي نقول. التظاهر ليس حكراً على الشوارع. حين تضيق بنا السبل أمام الميادين، ونصبح مكمومين، نلجأ الى "الهاشتاغ". وقد نصرخ يوماً: ماذا نفعل من دون "هاشتاغنا" اليومي؟ ووفق هذا المبدأ، نقلت صحيفة "الصن" البريطانية الوسم من الميدان التقني/الافتراضي، الى نسختها الورقية، في أول تجربة لتعزيز التفاعل مع الجمهور.
في المبدأ، تخفي الأوسام التي تستخدمها المؤسسات الصحافية ووسائل الإعلام، أهدافاً تسويقية. تستخدم الاوسام في كتابة الاخبار لزيادة عدد القراء والمعجبين في حساباتها وصفحاتها في الاعلام الاجتماعي. غير أن صحيفة "الصن"(The Sun) البريطانية، تخطت المبدأ الى اعتماده كـ"طُعم" لزيادة التفاعل في نسختها الورقية، في حين تنخفض نسبة الإهتمام بالنسخ الورقية. ولم يتضح ما إذا كان الوسم إستطاع إنقاذ النسخة من موت محتمل، كما سائر النسخ الورقية العالمية، لكنه على الأرجح، سيساهم في إنعاشها.
يطبع الوسم في "الصن" تحت لازمة "ما رأيك؟" What do you think؟ أسفل المقالة بدعوة منها ليتابع القراء النقاش في الإنترنت. فتخلق جسر تواصل بين العالم الورقي والرقمي وتصل إلى جمهور أوسع. التجربة الأولى كانت لوسم (#cordencameron) رافق مقابلة المحرر الضيف جيمس كوردون مع رئيس الوزراء لإغاثة الرياضة. ولتوجيه التجربة في الطريق الصحيح، قامت الصحيفة بتوظيف فريق عمل إعلام اجتماعي بقيادة الصحافي في "ديلي تلغراف" سابقاً، جيمس مانينغ. يتحدث ديفيد دينسمور، محرر الجريدة، عن التجربة. يقول: "صحيفة الصن عملت دائماً على تقوية المحادثة مع القراء، لكن من طريق طباعة الهاشتاغ إلى جانب أخبارنا، نحن نسهل على القارئ مشاركة رأيه ومتابعة الخبر في الإنترنت". ويضيف: "في العالم الرقمي المتزايد، ستساعد الخطوة جيلاً جديداً كلياً لإكتشاف محتوى "الصن" في الإنترنت وعلامتنا التجارية الفريدة في الصحافة".
تقنياً، يرفع استخدام الاوسام إحتمال رؤية المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي وفي محرك بحث "غوغل" ما يعزز الانتشار الأوسع. ويتحول "الهاشتاغ" إلى رابط قابل للبحث على الشبكة العنكبوتية. أما إجتماعياً، فيتحول إلى رسالة يصرخ بها الشعب كلما عصفت بحياته اليومية نكبة ما او حدث او واقعة، مهما كانت صغيرة او كبيرة هزت المشاعر الانسانية.
انه تظاهرة في العالم الإفتراضي إن بخلت بحريتنا شوارع المدن. هو "شعار واحد" يرفعه المتظاهرون من أجل قضية واحدة. وهنا نذكر وسم #مش_شهيد الذي اطلقه الناشطون في الاعلام الاجتماعي إحتجاجاً على تفجير وسط بيروت في بيروت صباح 27 كانون الأول 2013 والذي قتل فيه تسعة أشخاص. ليعاود اللبنانيون مجدداً رفع وسم #LB4GAZA وهي إختصار لغوي لعبارة "لبنان لأجل غزة" والذي استخدم استنكاراً لما تتعرض له غزة من اعتداء همجي ينفذه الجيش الاسرائيلي. إضافة إلى العديد من الأوسمة المطالبة بحقوق مدنية وإجتماعية وسياسية محلية أو عربية.
وفي خضمّ هذا النقاش، ربما لا يعير البعض إهتماماً كافياً للأزمات السياسية والإجتماعية، لكنهم يستخدمون الوسم مماشاة لموضة العصر. إذ يبرز مدى إلمامهم بالحياة العامة، يتخفى وراءه كي يؤكد انه موجود ومتابع.
كان "تويتر" أول من فتح الباب لإستخدام "الهاشتاغ". أطلقه موظف "غوغل" كريس مسينا العام 2007، وأطلق على نفسه لقب "عراب الهاش". وفي تموز/يوليو 2009، توزعت الاوسام في "تويتر" الى اقسام، تحت عنوان "المواضيع العصرية" Trending Topics، والتي تضم أكثر الاوسام رواجاً وشعبية. وتظهر على الصفحة الرئيسة من حساب كل مستخدم.
أغرد عبر "تويتر" أو أكتب تعليقاً في "فايسبوك" وأنهي كلامي بوسم. أنشر رأيي للملايين وبحرية مطلقة. صوت لا تسكته رقابة أو تبعية. وسم غير مقيد. حر يطير في هواء الانترنت من دون ان تكبله قوى أمنية أو تزيّن حروفه وساطة خارجية. يبقى الإعلام الاجتماعي منبراً مفتوحاً للجميع من دون أي تفرقة. منبر مجاني لا يحتاج إلى ممول أو رقيب.
يُشار إلى أن الوسم أو "الهاشتاغ"، وهي الكلمة أو الإشارة المسبوقة بـ "الباوند ساين" أو إشارة الجنيه (#)، لم تعد مجرد وسيلة لتنظيم المعلومات ونشرها لإلقاء الضوء على موضوع معين في الإعلام الاجتماعي، بل أضحت ظاهرة يضمّنها المستخدمون أهدافاً إنسانية وسياسية وتسويقية. وربما صار لزاماً، كي نعبّر عن حال ما او اعتراض على حالة أو واقع نعيشه، أن نستخدم وسماً، نشاركه مع آخرين.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث