الإثنين 2024/06/24

آخر تحديث: 21:29 (بيروت)

تقرير "التلغراف" المضلل يستدعي أيضاً تفكيك رسائله

الإثنين 2024/06/24
تقرير "التلغراف" المضلل يستدعي أيضاً تفكيك رسائله
وصف وزراء لبنانيون تقرير "التلغراف" حول تخزين الأسلحة في مطار بيروت بالـ"سخيف" (أ ب)
increase حجم الخط decrease
لا جدال في أن التقرير الذي نشرته "التلغراف" حول تخزين الاسلحة في مطار بيروت سخيف ويفتقر للمصداقية، ولا يراعي أبسط القواعد المهنية في التحقيقات الصحافية، لكن التزييف في هذه الحالة، يستدعي عدم تجاهل الرسائل التي أراد إيصالها، بالنظر الى انه يحمل رسائل أمنية، استناداً الى تجارب الصحيفة نفسها في نقل الرسائل المزيفة في العام 2003، وخلال الحرب على غزة. 

ففي العام 2003، نشرت "التلغراف" مقالاً يتحدّث عن عثور الأميركيين على أدّلة لبرامج نشطة لتصنيع أسلحة الدمار الشامل، من قِبَل نظام صدّام حسين. كان الخبر صادماً في ذلك الوقت، كونه خبر مضلل ومزيف، ويسعى إلى إضفاء مصداقية على مبررات غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للعراق، بذريعة وجود أسلحة دمار شامل. 

وخلال الحرب الحالية على غزة، لعبت الصحيفة الدور نفسه خلال اقتحام قوات الاحتلال لمستشفى "دار الشفاء"، بذريعة وجود أنفاق لـ"حماس" تحت المستشفى. استندت الصحيفة الى رواية الجيش الاسرائيلي دون غيرها، وتبنت ما روجت له آلة الاحتلال الدعائية لجهة الحديث عن عثور على أسلحة تحت المستشفى، فتعرضت لوابل من الانتقاد. 

والحادثتان، تضعان مصداقية "التلغراف" على المحك. لم تنفع كل تبريرات محرر الشؤون الأمنية فيها، في محاولة اضفاء صدقية على تقرير "سخيف"، حسبما وصفه وزيرا النقل والإعلام اللبنانيَين خلال جولة إعلامية في المطار، لدحض مزاعم الصحيفة.


فما قالته مراسلة الصحيفة السابقة في لبنان، أبلغ من كل محاولات التجميل التي ظهرت، أو محاولات التعاطي مع التقرير على أنه يتضمن جزءاً من الصدقية، ولو في الجانب السياسي منه، علماً أن النائب غسان حاصباني كان قد أوضح ما صرح به، وأظهر أن ما نُقل عن لسانه في التقرير يفتقر الى الدقة. 


غير أن الاكتفاء بنفي التقرير، وتطويق تداعياته على المستوى الرسمي، لا ينفي الرسالة التي نقلها، ولو في إطار التزييف والتضليل، وذلك استناداً الى "الدور" الإعلامي الذي اضطلعت به هذه الآلة الدعائية في حربَي العراق وغزة، وفي تقارير أخرى أظهرت اصطفاف "التلغراف" الى جانب اسرائيل، وتبنيها روايتها، إذ تنكبّ على تجميل الوقائع ومحاولات إثبات المزاعم.

فالتقرير جاء بعد خمسة أيام على تهديد أمين عام "حزب الله" لقبرص، في حال انخرطت في الحرب، وتالياً، فإن التقرير يمكن أن يحمل رسالة تهديد أمنية، بالنظر الى أن علاقة "حزب الله" وقبرص، تتسم بالريبة، ويتهم إعلام الحزب القواعد البريطانية في قبرص بالمشاركة في اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية التي أطلقتها طهران باتجاه اسرائيل في 13 نيسان الماضي. 

ويأتي التقرير في لحظة التبادل الأقصى للرسائل والتهديدات بين "حزب الله" واسرائيل، وتهديدات اسرائيلية بتوسيع الحرب الى مناطق لبنانية أخرى، وضرب المرافق الحيوية، وتحريض إسرائيلي للبنانيين في جونيه ودبل وبشري على "حزب الله"، حسبما جاء في مقطع الفيديو الذي نشره المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي. 

وعلى ضوء تلك التهديدات، لا يمكن استبعاد الرسائل الأمنية الإسرائيلية ضمن التقرير، التي يسهل تفكيكها، طالما أن "التلغراف" هي ناقل رسائل إسرائيلية، وتصطف الى جانب موقف تل أبيب. تبدو السيناريوهات المحملة في هذا التقرير، تهديداً مباشراً بتحديد اسرائيل لمطار بيروت في لائحة الاستهدافات المحتملة في حال اندلعت الحرب، وهي تحتاج الى ذريعة، سبق أن عممتها بمزاعم مضللة حول تخزين الحزب للصواريخ في المطار، وحددت أصنافها، وبينها "فاتح 110" الذي يقدر طوله بنحو 9 أمتار، ما يجعل امكانية تخزينه ونقله أمراً في غاية الصعوبة. 

يستدعي التقرير، رغم نفيه والاعتراف بتفاهته، التدقيق في الخلفيات وتفكيك الرسائل التي يحملها، وليس أقلها نقل الحرب رسمياً من إطارها الجغرافي المحدود، الى حرب على مَرافق لبنان الحيوية بهدف الضغط على اللبنانيين، والثأر من الموسم السياحي الاستثنائي الذي يشهده لبنان، بدليل أرقام الوصول الى المطار والتي تخطت الـ300 ألف مسافر منذ مطلع الشهر الحالي، قبل دخول الموسم في ذروته. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها