الخميس 2024/06/20

آخر تحديث: 20:26 (بيروت)

خطاب نصر الله بعيون إسرائيلية: حرب كلامية متبادلة!

الخميس 2024/06/20
خطاب نصر الله بعيون إسرائيلية: حرب كلامية متبادلة!
increase حجم الخط decrease
تفاعل الإعلام الإسرائيلي مع الخطاب الأحدث للأمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، بعد 37 أسبوعاً من المواجهة في جنوب لبنان، لدرجة بثه مقتطفات صوتية من خطابه، وتصدره عناوين نشراته الرئيسية، مروراً بنقاشه وتحليله.

وتحت عنوان "احتمالات الانزلاق إلى الحرب الشاملة"، استهل مذيع التلفزيون العبري الرسمي "مكان"، نقاش الخطاب، بوضعه في سياق "رد نصر الله على رسالة التحذير الإسرائيلية الأخيرة، بتهديدات مضادة"، وزعم المذيع الإسرائيلي أن نصر الله بهذا الخطاب "دق المسمار الأخير في نعش جهود المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وزيارته للمنطقة، لمنع الحرب الشاملة".

تركيز على "تحذيرَين"
ولعلّ "مكان" العبري، أسوة بوسائل إعلام أخرى، وجد ضالته في مقطعين صوتيين لنصر الله ضمن خطابه الذي تزامن مع تصاعد المخاوف من التدحرج نحو الحرب الشاملة. أولهما يقول فيه: "إذا فُرضت الحرب على لبنان، فإن المقاومة ستقاتل بلا ضوابط.. وبلا قواعد.. وبلا سقوف".. ثم هتافات "لبيك يا نصر الله".

كما بث "مكان" مقطعاً ثانياً، حذر فيه نصر الله، الحكومة القبرصية، من مغبة فتح مطاراتها وقواعدها أمام إسرائيل لضرب لبنان، وإلا فإن قبرص تكون "قد أصبحت جزءاً من الحرب، وستتعاطى معها المقاومة على أساس ذلك".

بينما ركزت صفحات "التليغرام" العبرية بشكل أكبر، على تهديد نصر الله لقبرص، ودلالات "غاز المتوسط" في خلفية المعارك "الوجودية" في المنطقة، وسيناريوهات اتساع نطاقها.

رغم هذا، وجدت التحليلات العسكرية الإسرائيلية في تهديدات نصر الله، في المقطعين، دليلاً على أن حزب الله يحاول ردع الحرب الشاملة من ناحية، لكنه يستعد لها من ناحية ثانية. واعتبر المراسل العسكري، إيال عاليما، تهديد نصر الله لقبرص بأنه "تهديد لم يسبق له مثيل، بدليل أن إسرائيل وحزب الله يستعدان لمعركة شاملة، وإن لم يرغبا فيها، وأن تحذير قبرص يأتي في هذا السياق".

ونوهت تحليلات عبرية أخرى الى أن ما يُفهم من خطاب نصر الله، بأن الحرب لن تكون بين حزب الله وإسرائيل فقط، بل ستكون دول أخرى في دائرة الاستهداف أيضاً.

كما سلط عاليما، الضوء على تلويح نصر الله بسلاح جديد سيقوم باختباره واستخدامه إذا اندلعت الحرب، وهو ما عدّه "محاولة أخرى" لثني إسرائيل عن أي سيناريوهات لتوسيع نطاق ضرباتها للحزب.

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" فقد ركزت على تهديد نصر الله بخطة اقتحام الجليل، بقوله إنها لم تُحيّد، وما زالت قائمة، إلى جانب تهديده بوجود بنك أهداف لدى الحزب من شأنها تقويض إسرائيل. ويبدو أن نصر الله قصد الحديث عن "خطة الجليل"، في سياق رده على تقارير زعمت أن "الجيش الإسرائيلي حيّد الخطة، بفعل ضرباتها ضد الحزب ضمن المعركة الدائرة منذ 9 أشهر".

تصعيد كلامي.. متبادل
لكنّ التحليلات الإسرائيلية لمضمون الخطاب، تُجمع على أن تهديدات نصر الله تندرج في سياق تصعيد كلامي "متبادل" في الأيام الأخيرة، بين الحزب وإسرائيل، بموازاة التصعيد الميداني.. إذ اعتبرت معالجات إعلامية عبرية "أننا نشهد تبادلاً في التحذيرات بين الطرفين"، حيث استعرضت رسالة تحذير أخرى أطلقها رئيس الأركان هرتسي هاليفي، خلال زيارته لبطاريات منظومة "الدفاع الجوي" في الجبهة الشمالية. وقال عاليما إن تحذير هاليفي جاء في سياق تعليقه للمرة الأولى، على بث حزب الله فيديو مسيّرة "الهدهد"، التي وثقت رصداً جوياً لمواقع في ساحل حيفا.

وبثت التلفزيونات العبرية مقطعاً صوتياً لهاليفي، وهو يهدد حزب الله، بأن الجيش الإسرائيلي "يمتلك قدرات أقوى مما لدى حزب الله، وبشكل لا يمكن قياسه.. والعدو سيعلم بها عند الضرورة، وفي الوقت المناسب".

وهنا، أدرج عاليما، استعراض نصر الله وهاليفي، لقدراتهما العسكرية، ضمن "نوع من افتخار كل طرف بقدراته التي قد تكون أكبر من الآخر". لكن عاليما شدد في مداخلته التحليلية، على أن الحرب الكلامية بين الطرفين لا تكفي، وأن وزير الجيش عقد جلسة تقييمية، بحضور قادة الجيش.. مبيناً أن "اللهجة تعكس وكأننا أقرب من أي وقت مضى إلى اتساع المواجهة بالجبهة الشمالية".

لا حرب
ولاحقاً، نقل الإعلام العبري عن مسؤول إسرائيلي، إطلاقه تهديداً جديداً في سياق الرد على نصر الله، قال فيه إن "جنوب لبنان سيكون مصيره مثل غزة، وبيروت غير محصنة".. وهو تهديد يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت الخطة الإسرائيلية الجاري نقاشها تتأرجح "بين الحرب.. والمعركة"، بمعنى تنفيذ "ضربات أشد لجنوب لبنان"؛ بحجة استهداف "أسلحة نوعية للحزب"، من دون تحويلها إلى حرب شاملة. 

وفي خضم حرب الرسائل التحذيرية، واصلت إسرائيل الترويج الإعلامي لمصادقة الجيش على خطط عملياتية هجومية في لبنان، إضافة إلى اتخاذ قرار بـ"رفع جهوزية القوات في الميدان".. غير أنّ المراسل العسكري عاليما أكد أنه، بغض النظر عن الحرب الكلامية، فإن ما يجري على الأرض هو قصف إسرائيلي مستمر مدفعياً وجوياً على مناطق مختلفة جنوب لبنان، يقابله قصف عنيف من حزب الله على أهداف إسرائيلية في مناطق متعددة شمالاً.

وبخصوص فيديو "الهدهد"، كشف مراسلون عسكريون أن الجيش يحقق في ما إذا كانت المَشاهد المصورة لحيفا، ضمن طلعة جوية واحدة لمُسيّرة حزب الله، أم أنه فيديو مُجمّع من عمليات عديدة قامت بها مسيّيرات الحزب، أكثر من مرة.

في كل الأحوال، اعترف هؤلاء المراسلون أنه، بالرغم من الضربات الاسرائيلية للحزب، بما فيها استهداف مخزن يُزعم أن مسيّرة حيفا "الهدهد" انطلقت منه، إلا أن "حزب الله لا يقف مكتوف الأيدي، بل يواصل هجماته"، في إطار تصعيد مفتوح.

الخوف من "تقدير خاطئ"
وسط ذلك، ثمة خشية أوردتها قراءات عسكرية إسرائيلية أخيراً، تتمثل في "تقدير خاطئ" من حزب الله وإسرائيل لنوايا بعضهما البعض، وعندها تحصل الحرب؛ بسبب التقدير الخاطئ المبني على اعتقاد كل طرف أن الآخر غير معني بالحرب.

لم تنسَ الصحافة العبرية أن تتوقف أيضاً عند لقاء سيجمع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأربعاء، مع مستشار "الأمن القومي" الإسرائيلي، ووزير الشؤون الإستراتيجية.. مؤكدة أن سبل تجنب الحرب الشاملة عند الجبهة الشمالية، يتصدر ملفات متعددة سيبحثها الاجتماع في واشنطن.

زالحال أنّ أمراً آخر بدا لافتاً في تغطية التلفزيون العبري، ويتمثل في أن العنوان العام لتغطية تطورات الحرب في الجبهتين الجنوبية والشمالية، هو "معادلات إقليمية جديدة". ولا شك في أنه عنوان يعكس إقراراً إسرائيلياً بأن تل أبيب تتعاطى مع معادلات إقليمية جديدة، أمنياً وجيو-سياسياً، وقد يكون ما وراء تهديد نصر الله لقبرص، مؤشراً آخر لذلك.. فالحديث هنا عن صراع أوسع في شرق المتوسط، ضمن مخاض صعب، يحاول كل طرف رسم نتيجته على نحو يكون فاعلاً فيه، لا مفعولاً به، بمنظور مراقبين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها