الخميس 2024/11/07

آخر تحديث: 14:04 (بيروت)

القصف الإسرائيلي يطارد النازحين إلى برجا: اعتقدنا أننا آمنون!

الخميس 2024/11/07
القصف الإسرائيلي يطارد النازحين إلى برجا: اعتقدنا أننا آمنون!
فريق "الدفاع المدني اللبناني" بعد الغارة في برجا (Getty)
increase حجم الخط decrease
في غرفة تبعثرت محتوياتها وتتوسط فجوة كبيرة أحد جدرانها، جلس موسى زهران يتحسر على جيرانه النازحين من جنوب لبنان الذين استشهدوا ليلاً بغارة إسرائيلية بعدما ظنوا أنهم وجدوا الأمان في برجا جنوبي بيروت.

وقال زهران الذي مازال تحت هول الصدمة بينما قدماه ملفوفتان بضمادات وزوجته تتلقى العلاج مع طفله الوحيد في المستشفى: "هربوا من الموت، لكن الموت كان ينتظرهم هنا"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

واستهدفت غارة إسرائيلية ليل الثلاثاء من دون إنذار، شقة في الطابق السفلي من مبنى مؤلف من أربع طبقات، على أطراف بلدة برجا الواقعة على بعد نحو 28 كيلومتراً من بيروت، تقطن فيه عائلات نازحة من جنوب لبنان. وأسفرت الغارة عن استشهاد عشرين شخصا، وفق حصيلة أوردتها ليلاً وزارة الصحة، لكن مسؤولاً ميدانياً من "الدفاع المدني اللبناني" قال صباح الأربعاء من موقع الغارة أن فرق الإنقاذ سحبت قرابة ثلاثين جثة، الجزء الأكبر منها يعود لنساء وأطفال.

وبحسب رئيس بلدية برجا العميد المتقاعد حسن سعد، كانت ثلاث عائلات نازحة تقيم في الشقة المستهدفة، موضحاً أن الضحايا جميعهم من خارج البلدة. وقال مصدر أمني لبناني وقت لاحق أن الغارة استهدفت مسؤولاً من "حزب الله" يتحدر من بلدة عين بعال التي تقيم أسرة منها في الشقة المستهدفة، من دون أن يحدد مسؤولياته.

وخلف المبنى الذي يقع على تلة مشرفة على البحر، تنهمك فرق الإنقاذ في البحث عن ضحايا مازالوا عالقين تحت أنقاض الطابق المستهدف الذي تكدست فوقه طبقات ركام انهارت من الطوابق العليا. وبينما تعمل جرافة على رفع الركام، رمى عنصر من "الدفاع المدني" أكواماً من الثياب والقماش من الطابق الأول، بينما انتشل آخر ثلاث حقائب مدرسية محشوة بالكتب، إحداها زهرية اللون ومزينة بقلوب، ووضعها جانباً.

وأمام باحة شقته في مبنى ملاصق للمبنى الذي طاوله القصف، كرر زهران المقيم في البلدة منذ نحو عقد من الزمن، شكر الله على نجاة ابنه الوحيد. وروى زهران لحظات القصف قائلا: "كنت أهم بالنوم، وبينما كنت أحضن طفلي وأقبله سمعت دوياً وانفجرت الدنيا كلها من حولي". وأضيف: "وصلت النيران الى قدمي. وأصيبت زوجتي وطفلي بجروح".

وعندما خرج زهران من منزله، أدرك أن غارة اسرائيلية استهدفت الشقة المجاورة. وتابع: "أكثرية المقيمين فيها عائلات استأجرت شققاً" بعد نزوحها من جنوب لبنان، بينهم عائلة نزحت قبل ستة أسابيع. وقال أنه أعطاهم "كراسي وفرشاً. لم نر شيئاً منهم وكان أطفالهم يلهون أمام شقتي". وأضيف بحزن: "ماتوا جميعهم. حزنت عليهم كثيراً".

ومنذ الرابعة فجراً، عمل عناصر "الدفاع المدني" على رفع الركام. وقال مسؤول ميداني من دون الكشف عن اسمه كونه غير مخول التصريح: "هنالك ضحايا في الطابق السفلي لكن هناك تضارب في روايات الجيران حول عددهم". وروى بتأثر: "وجدنا جثث أطفال على الأدراج. وأشلاء في كل مكان".

ومن شقة تصدعت واجهتها الخلفية، تظهر غرفة جلوس صمد منها تلفزيون معلق وكرسيان. وفي شقة أخرى، تبدو مقتينات المطبخ مبعثرة. وعلى الأرض، ثياب وأسلاك وفرش وإطارات نوافذ وحجارة كبيرة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها شقة سكنية في بلدة برجا التي تقطنها غالبية سنية في منطقة الشوف. ففي 12 تشرين الأول/أكتوبر، استشهد أربعة أشخاص وأصيب 18 آخرون في غارة اسرائيلية استهدفت شقة سكنية في البلدة.

حينها ناشدت خلية الأزمة في بلدية برجا في بيان: "كل من يكون مستهدفاً أو معرضاً للخطر أن يبتعد عن البلدة"، داعية الجهات المعنية إلى "العمل من أجل تهدئة الأوضاع وحماية المدنيين الأبرياء ووأد الفتنة التي يسعى إليها العدو الإسرائيلي".

وجدد رئيس البلدية الأربعاء توجيه النداء "لضمان ألا نعرض أهلنا وضيوفنا للخطر، مع استقبال البلدة أكثر من 27 ألف" نازح من مناطق يطاولها القصف الإسرائيلي. ويقطن في البلدة التي تعد من كبرى بلدات منطقة الشوف، 35 ألف شخص من أبنائها، يضاف إليهم قرابة عشرة آلاف لاجىء سوري، بحسب البلدية.

وتشن اسرائيل بين الحين والآخر غارات دامية على بلدات وقرى تقع خارج المعاقل التقليدية لـ"حزب الله"، تستهدف سيارات أو أشخاصاً أو شققاً سكنية. وتحدثت تقارير عن ارتباط الأهداف بـ"حزب الله". وأثار ذلك حساسيات وارتياباً وتوترات في المناطق التي يريد سكانها أن يبقوا في منأى عن الحرب.

وعلى بعد أمتار من المبنى المستهدف، جلس محمود (54 عاماً)، وهو عسكري متقاعد، مع عائلته أمام شرفة منزلهم الذي تحطم زجاج نوافذه جراء عصف الغارة. وقال الرجل الذي نزح من بلدة يارين الحدودية من دون الكشف عن شهرته: "لا وجود عسكرياً هنا ويفترض أننا كنا نشعر بأمان وفجأة تغير كل شيء". وتابع محمود: "هذه هي إسرائيل، تريد أن تزرع الخوف والرعب والتفرقة بين الناس، وأن تقول: أنتم لستم آمنين في أي منطقة كنتم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها