الإثنين 2024/10/07

آخر تحديث: 15:55 (بيروت)

أهل الضاحية يعودون لتفقدها...في الصباح حين يخفت القصف المباح

الإثنين 2024/10/07
أهل الضاحية يعودون لتفقدها...في الصباح حين يخفت القصف المباح
"أطمئن على منزلي وأحضر حاجيات لعائلتي التي تشردت في الطريق" (غيتي)
increase حجم الخط decrease
عاد علي محمود، صباح الأحد، الى منزله في الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت لأخذ بعض الحاجيات، بعدما غادر على عجل الليلة الماضية على وقع "الليلة الأعنف" من القصف الإسرائيلي.

وقال محمود (63 عاماً) وهو يجلس في أحد مقاهي المنطقة التي غادرها عدد كبير من سكانها: "شعرنا بالخوف، كل الناس يخافون". وتابع الرجل الذي غزا الشيب لحيته: "خرجنا مسرعين باتجاه بيروت لكني عدت الآن لأطمئن على منزلي وأحضر حاجيات لعائلتي التي تشردت في الطريق" منذ أيام، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

في الصباح، تعود الحياة بشكل خجول بضع ساعات الى الضاحية الجنوبية، حين يستغل سكانها فسحة الهدوء لتفقد ما تركوا خلفهم على عجل. وهذا الصباح أيضاً، عاد بعض الذين نزحوا الى بيروت، على دراجات نارية أو سيارات، لإلقاء نظرة على بيوتهم بعد ليلة طويلة من القصف، أو لإحضار ما تبقى من حاجياتهم وأمتعتهم تحت أزيز الطائرات الإسرائيلية المسيرة التي تحلق من دون توقف فوق رؤوسهم.

وتعد الضاحية الجنوبية لبيروت معقلاً رئيسياً لـ"حزب الله". وهي منطقة مكتظة كان عدد سكانها قبل التصعيد الراهن يقدر بنحو 850 ألف نسمة، وتضم العديد من المباني السكنية الكبيرة والمؤسسات التجارية والتعليمية والاستشفائية. ويقع على أطرافها "مطار بيروت الدولي" الذي يواصل عمله على رغم القصف، علماً أن غالبية شركات الطيران الأجنبية علقت رحلاتها الى العاصمة اللبنانية.

وتطالع سحب الدخان الأسود، العائلات الوافدة والمغادرة، ممتزجة برائحة الحرائق التي خلفتها الغارات. وعلى طريق المطار القديم في الضاحية الجنوبية التي تعد شرياناً حيوياً في المنطقة، عملت جرافات، الأحد، على رفع الركام المتناثر الذي تسبب بقطعها.

وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن الضاحية الجنوبية لبيروت "شهدت أعنف ليلة" منذ بدء حملة القصف الإسرائيلي الكثيفة قبل أسبوعين، وأحصت "أكثر من 30 غارة سمعت أصداؤها في بيروت". وأوضحت أن الغارات استهدفت أحياء عدة مثل الغبيري والصفير وبرج البراجنة وحارة حريك والمريجة والليلكي، إضافة الى "محطة وقود على طريق المطار" الواقع عند أطراف الضاحية الجنوبية.

كما طاولت الغارات "مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية" على طريق المطار ما أدى لاندلاع النيران فيه "وسمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أوكسجين بكمية كبيرة"، بحسب الوكالة.

وتعالت سحب الدخان الأسود فوق أنحاء واسعة من الضاحية، الأحد، وبعضها يتصاعد من مبان قصفت قبل أيام. وفي أحد أحياء المنطقة، سمعت أصوات انفجارات خفيفة حتى الصباح من مبنى مشتعل تعرض للقصف خلال الليل.

وقال مهدي زعيتر (60 عاماً) الذي يملك متجر خضار وفضل البقاء في منزله في حي المريجة على رغم القصف: "كانت ليلة عنيفة جداً، الغارات من كل الجهات، لا يقصفون أهدافاً عسكرية، بل أهدافاً مدنية، ومصالح ناس". وأضاف أن ليلة السبت الأحد كانت "الليلة الأعنف"، مشبهاً الغارات "بزلزال كلما قصفوا يهتز المبنى بنا. لم ننم طوال الليل".

وفي جميع أنحاء الحي، روى السكان التجربة ذاتها، وهم ينقلون فرشاً أو أكياساً أو بضاعة من مخازن متاجرهم. وسبق للضاحية الجنوبية أن تعرضت لدمار واسع خلال حرب تموز/يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله، في حين بقيت بعض الأحياء في منأى عن القصف الجوي. لكن نطاق الغارات يختلف هذه المرة، لأنه يطال أحياء عدة. ويتكرر مشهد المباني المنهارة والمحال التجارية المغلقة والركام في كل مكان تقريباً.

ويأتي التصعيد في لبنان بعد نحو عام على فتح "حزب الله" جبهة ضد إسرائيل "إسناداً" لغزة، غداة هجوم "حماس" على إسرائيل واندلاع الحرب في القطاع. ونقلت إسرائيل مركز ثقل عملياتها العسكرية في منتصف أيلول/سبتمبر من غزة إلى الجبهة الشمالية، وكثفت غاراتها على لبنان اعتباراً من 23 أيلول/سبتمبر، وبدأت قواتها عمليات برية "محدودة" ضد "حزب الله".

واستشهد أكثر من 2000 شخص في لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، منهم أكثر من ألف منذ أن كثفت اسرائيل ضرباتها، بحسب السلطات الرسمية في لبنان. ونزح أكثر مليون و200 ألف شخص من منازلهم.

ومن بين هؤلاء، المعلمة المتقاعدة فاطمة (61 عاماً) التي هربت مع ابنتيها وزوجها وحفيدها إلى مدرسة في حي قريب من الضاحية الجنوبية. وقالت: "خلال أسبوعين، خسرت وزوجي كل ما جنيناه في حياتنا". وفقدت المرأة منزلها في جنوب لبنان، ثم منزلها في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأضافت باكية: "لعن الله الحرب".

بدورها، تعيش سلمى سلمان (30 عاماً) في "الشارع". وقالت محتضنة ابنتيها التوأمين (7 سنوات): "نقضي الليل في صالون للتجميل يملكه صديق لأبي"، مضيفة: "نعيش كابوساً مخيفاً لا ينتهي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها