الثلاثاء 2024/10/15

آخر تحديث: 15:51 (بيروت)

الحل السياسي بعيون إسرائيل: 17 أيار جديد

الثلاثاء 2024/10/15
الحل السياسي بعيون إسرائيل: 17 أيار جديد
دبابة اسرائيلية تسير بمحاذاة الشريط الحدودي مع لبنان (Getty)
increase حجم الخط decrease
تكاد لا تخلو نشرات الأخبار التلفزيونية، ولا أقلام الصحف، في إسرائيل، من طرح سؤال، ولو على هامش تغطيتها لمجريات الحرب على لبنان، عن جديد الجهود السياسية الإقليمية والعالمية، للوصول إلى حل دبلوماسي مع "حزب الله".
وإذا كانت الرؤيا لأي سياسي لا تزال تدور بين "القضاء على حزب الله" و"إبعاده عن الحدود" و"تأمين الشمال" و"إبعاد الخطر في المستقبل"، إلا أن ما طفا على السطح خلال الساعات الاخيرة من شروط سرّبها الجيش، تشبه الى حد بعيد "إتفاق 17 أيار" الذي توصل اليه لبنان والاحتلال في العام 1983 برعاية أميركية، ولم يوقعه الرئيس اللبناني أمين الجميل آنذاك، وسقط في العام 1984 تحت النار. 

شروط الجيش
قدم الجيش الإسرائيلي إلى الحكومة "الشروط" التي بإمكان إسرائيل بموجبها التوصل إلى اتفاق مع لبنان، بزعم أن من شأن هذه "الشروط" أن تؤدي إلى "استقرار واقع أمني جديد"، حسبما ذكرت القناة 12، الإثنين. وأضافت القناة أن هذه "الشروط" لا تهدف إلى نزع قدرات حزب الله فقط، وإنما إلى "إنشاء أنظمة تساعد على ضمان عدم تسلح حزب الله مجددا".

وأحد هذه "الشروط" هو إنفاذ القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن الدولي في نهاية حرب تموز/يوليو 2006، وبما في ذلك نزع أسلحة الميليشيات في لبنان. أما الشرط الآخر الذي يطرحه الجيش الإسرائيلي، فيتعلق "بمراقبة دولية" وخاصة عند الحدود السورية – اللبنانية، في محاولة لمنع التسلح مجددا ونقل أسلحة من إيران.

ويطالب الجيش الإسرائيلي "بسيطرة استخباراتية وسيطرة على إطلاق النار في لبنان كله، خصوصاً على طول الحدود السورية – اللبنانية وقرى جنوب لبنان". وقدم شرطاً رابعاً يتمثل في أن يكون بإمكانه شن توغلات برية في الأراضي اللبنانية، أو "عمليات عسكرية محدودة" في المستقبل أيضا، أي حتى بعد انتهاء الحرب.

الميدان مقابل التفاوض
وحاولت وسائل إعلام عبرية طرح علامات استفهام بشأن علاقة بعض المشاهدات الميدانية بأي جهود سياسية معينة، خصوصاً عندما غابت الغارات الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة أيام، إذ توقفت قناة "كان" عند ذلك، وحاولت تفسير الأمر، ثم سرعان ما نفى مصدر رسمي إسرائيلي أن تكون الحكومة قد أوعزت إلى الجيش الإسرائيلي بوقف أو تقليص الضربات على بيروت، واصفا ما نشر بهذا الشأن ب"كذب محض"، وأن "إسرائيل تحتفظ لنفسها الحق في حرية العمل في جميع أرجاء لبنان وفقا لوجود الأهداف".

استضافة جاك نيريا.. اللبناني!
والحال أن هيئة البث الإسرائيلية واصلت سؤالها لمحللين وخبراء عن فرص الحل السياسي، وإمكاناته، حتى بعد ما وصفته "الهجوم الأخطر" منذ 8 تشرين أول/ أكتوبر 2023، وذلك بإطلاق حزب الله مُسيّرة على قاعدة تدريبات للواء غولاني قرب بنيامينا، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الجنود الإسرائيليين.

واستضافت إذاعة "مكان" العبرية صباح الاثنين، الباحث جاك نيريا، بصفته باحثاً بالشؤون اللبنانية، وأصوله تعود إلى لبنان، عدا أنه شغل سابقا ضابطا في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي.

واستهل المذيع سؤاله لجاك نيريا، بالقول إن التصعيد على الجبهة الشمالية متواصل يوماً بعد آخر، ولا نلحظ أي تقدم للحل السياسي، "فأين أميركا وأوروبا؟". وأجاب نيريا بأن فرنسا تبذل جهدها لوقف إطلاق النار، وأنها طلبت من مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة (عقدت الاثنين)، لبحث قضية وقف إطلاق النار في لبنان.

لكن نيريا شدد على دعم التصور الإسرائيلي للحل النهائي، وهو مخالف لما تطرحه الدولة اللبنانية، أي أنه يرفض النقاط الثلاث التي تطرحها بيروت، وهي: وقف فوري لإطلاق النار، تطبيق القرار الأممي 1701، وانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان.

تحريض على اليونيفيل
واعتبر نيريا أنّ عقيدة "حزب الله" لا تسمح بتطبيق قرار 1701، أي أنه لن يقبل بالانسحاب من المنطقة الجنوبية، وخصوصاً المحاذية للحدود. وزعم نيريا أن "غلطة إسرائيل الكُبرى" تمثلت في عدم تصديها لـ"تغلغل" مقاتلي حزب الله في المنطقة الحدودية، في أعقاب صدر قرار 1701 الأممي. 

وهذا التحريض من جاك نيريا يتساوق مع تحريض رسمي متصاعد من تل أبيب ضد القوات الدولية، مرده أن إسرائيل تريد قوة دولية مختلفة عن "اليونيفيل"، وهو ما أكده أيضا نيريا في حديثه للإذاعة العبرية الرسمية، بقوله إن هناك إمكانية لتسوية سياسية مع لبنان، لكن عمادها وجود قوة دولية جديدة، بحيث تكون مدعومة أميركياً، بدعوى أن "اليونيفيل لم تفعل شيئاً على مدار عقود".

وهنا، تشترط إسرائيل "نوعية القوات الدولية المراقبة للجانب اللبناني من الحدود، وبصيغة مراقبة جديدة ومضمونة". في حين، زعم خبراء ومحللون إسرائيليون في أحاديثهم للإعلام العبري، أن إسرائيل لا تريد احتلال المناطق حتى نهر الليطاني، وإنما "منطقة عازلة من السلاح"، بعمق محدد.

بري وميقاتي.. صوت منفرد
يُسشتف من معالجات الإعلام العبري، أنها تُجمع على أن الأصوات الداعمة لانفراجة سياسية بخصوص لبنان، هي "صامتة"، باستثناء الدور الذي يقوم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لدرجة أن أقلاماً عبرية اعتبرت أن دور ماكرون هو الأبرز أوروبياً.

في حين، قال الباحث بشؤون الشرق الأوسط، ميشال عون، في حديث للإذاعة العبرية "مكان"، إن صوت نبيه بري، ونجيب ميقاتي، بخصوص الحل السياسي، هو "صوت منفرد"، وغير مدعوم بجهد دولي لوقف الحرب.

أهداف إسرائيل السياسية.. بـ"التدرّج"
وأبدى عون، المقيم داخل أراضي 48، وخلال حديثه لراديو "مكان"، دعمه للعدوان الإسرائيلي على لبنان، بزعمه أن الحملة العسكرية لها "أهداف سياسية محددة"، وأن الباب مازال مفتوحاً لتدخل الوسطاء. كما وضع عون دعوات من داخل لبنان لتطبيق "عملي وحقيقي" للقرار 1701، في سياق "مؤشر على أهمية الحملة العسكرية الإسرائيلية"، وفق قوله.

لكنه قال أيضاً إن الأهداف السياسية التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها، تأتي بالتراكم، والتدرج، وهو ما يثير تساؤلاً بشأن مدة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وما إذا كانت ستتحول إلى حرب مفتوحة، تحت عنوان "فرض حل سياسي على مقاس إسرائيل".

وبشأن "الوسيط المفضل"، رأى ميشال عون، أنّه يجب استبعاد إيران من الحل، وأن فرنسا هي التي يمكنها لعب دور فاعل لصياغة حل سياسي. وعدّ عون فرنسا، دولة مضطر حزب الله لقبولها، إضافة إلى قبولها من قبل إسرائيل.

إنجازات استراتيجية
في غضون ذلك، تشدد معظم المراكز البحثية الإسرائيلية الأمنية والعسكرية، على أن مسار الحرب العسكري في لبنان، يجب أن يكون مصحوباً بمبادرة سياسية إسرائيلية سريعة، حتى "تكتمل الصورة العسكرية-السياسية" بخصوص لبنان، ولتحويل "الإنجازات التكتيكية إلى استراتيجية"، بحسب قولها.

لكن الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، رأى في أحدث مقال له، أن مستقبل الحرب مرهون بوجود "لحاف لبناني"، مشيراً إلى أنه بينما تتجنب إسرائيل تقديم خطة سياسية، تركز القوى السياسية في لبنان على "حسابات شخصية"، وتتحرك إيران للحفاظ على "موقعها" في لبنان، وحزب الله بلا زعيم يقرر إلى أين يتجه. واعتبر برئيل ما سبق بمثابة عوامل مجتمعة تحدد وجهة الجهود المبذولة لوقف الحرب.

وذلك فيما ترنو الماكينة الدعائية الإسرائيلية إلى أن تجعل من كابوس "الحرب الأهلية"، كعامل ضاغط على جميع اللبنانيين للتحرك، والقبول بحل سياسي لبناني غير متصل بساحات أخرى، إذ ذكرت قناة "كان" أن هناك مخاوف إقليمية من أن تتسبب الضربات الإسرائيلية، بتدهور الأوضاع في لبنان، وربما تؤدي إلى حرب أهلية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها