السبت 2024/10/12

آخر تحديث: 16:38 (بيروت)

صحافيون "فيكسر" لبنانيون: أبطال الظل... وأحياناً مُستَغلّون

السبت 2024/10/12
صحافيون "فيكسر" لبنانيون: أبطال الظل... وأحياناً مُستَغلّون
صحافي يوثق غارة إسرائيلية في بيروت (غيتي)
increase حجم الخط decrease
ربما يكون استشهاد مرافق قناة "الميادين" حسين عقيل في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مع المراسلة فرح عمر والمصور ربيع معماري، إشارة لمدى خطورة عمل "الفيكسر" ومهامه، التي يحصرها البعض في المرافقة وقيادة السيارة وأخذ أذونات الجيش اللبناني، ومع الحرب الجارية في لبنان بين إسرائيل و"حزب الله" ينسق الفيكسر أيضاً لأخذ أذونات التصوير من الحزب.


يعترض الصحافي والمخرج الوثائقي زكريا جابر على مصطلح "الفيكسر"، ويقول في حديث مع "المدن": "هذا مصطلح أجنبي، يوحي فقط بأن الفيكسر هو دليل مرافق  للطاقم الأجنبي يشبه الدليل السياحي. فيما مهام الفيكسر تُعرف في الإعلام اللبناني بالمنتج المنفذ، والمنسق والمترجم، والمصور، إضافة إلى كل مهارات العمل الصحافي التي يتطلبها الميدان".

وأشار جابر: "عملنا مهدد وربما نتلقى الرصاصة عن الصحافي الأجنبي سواء في التغطية الحربية أو أي إشكالات تحصل مع الأحزاب على الأرض"، مضيفاً: "نتحمل في العديد من الأحيان الأجندات الأجنبية للصحافيين التي تكون مخالفة لمبادئنا، ما قد يخلق شرخاً بيني وبين البيئة الإجتماعية التي أعيش فيها، فمن هنا بت أطالب برؤية السيناريو المعد مسبقاً قبل البدء بالتصوير أو العمل لمنع السقوط في فخ الإعلام الأبيض"، حسب تعبيره.

وتحدث جابر عما سمّاه "استغلال الفرق الأجنبية للصحافيين الفيكسر"، وقال أنه على عكس المتوقع، يتقاضى الفيكسر بدلاً مادياً يبلغ  200 دولار أميركي، وهي لا تكفي سوى لتغطية تكاليف البنزين، والإتصالات والإنترنت. ونظراً لخبرته السابقة في العمل كفيكسر، قال: "لا يجب أن يقل البدل اليومي عن 1000 دولار أميركي، لا سيما إن كانت التغطية تستلزم الذهاب إلى الجنوب والبقاع للتغطية. فنحن أيضاً نقوم بالتنسيق مع زملاء في المناطق، وكل ذلك يلزمه تقديم بدل مادي لكل من يتعاون معنا".

وفي غياب العمل والأطر النقابية، وعدم القدرة على إنشاء نقابة للفيكسر والفريلانسر، يسعى جابر إلى إنشاء شركة غير ربحية، بل تنظيمية، تضم الزملاء الفيكسر،  لتثبيت سعر البدل المادي للعاملين ومنع أي استغلال في وقت الأزمات، خصوصاً أن التسعيرة عمل الفيكسر  تختلف عن العمل في أوقات السلم. مضيفاً: "سيتم إنشاء تطبيق الكتروني مخصص للصحافيين الفيكسر، تتضمن معلومات عن الصحافيين ونوع أعمالهم، وخبراتهم الصحافية".

بطل الظل

ونظراً لأن "الفيكسر" هو بطل الظل والجندي الذي بالكاد يُذكَر اسمه إن مات، ولا يكتب اسمه في التقارير المعدة، ولا يذكره أحد في حال فاز الصحافي بجائزة صحافية عن قصة ساهم في إنتاجها وكان مسؤولاً عن إخراجها إلى الضوء... يعمل جابر على "فيلم وثائقي لتجارب أربعة صحافيين ومصورين يعملون كفيكسر لإيضاح طبيعية عملهم للرأي العام وإبراز المعاناة والتحديات التي تواجههم في عملهم".

من جهتها، تحدثت الصحافية والمنتجة هلا مقدم عن أهم أدوار "الفيكسر" الذي يجهله كثيرون: "تأمين المعلومات الموضوعية، نظراً لأن العديد من المؤسسات الأجنبية والصحافيين يبنون آراءهم تبعاً للوسائل الإعلامية التي يعملون فيها. فيجب أن يتم إخبار الفريق الأجنبي عن الواقع الفعلي على الأرض، وعليهم أن يحترموا طبيعة البلد وعاداته وتقاليده".

الفيكسر مفتاح النجاح

وقوة الصحافي "الفيكسر" هي المسؤولة عن إنجاح الفريق الصحافي، وإيصال صورة الحقيقة الموضوعية، بعيداً من التوجهات السياسية للفرق الأجنبية أو الرضوخ الى أجندات خارجية. إضافة إلى دور الصحافي والتزامه تجاه قضايا وطنه، حسبما قالت مقدم.

ومقدم هي التي تقوم بتحديد بدل الأتعاب، وترفض أي بدل مادي متدنٍّ، خصوصاً أن عمل "الفيكسر" هو من دون أي تأمين صحي، ولا حتى معدات يتم تزويد الصحافيين بها. وأشارت إلى "أن عمل الفيكسر غير مضاء عليه إعلامياً ومحكوم بصورة نمطية معينة، فيما هو من أهم الأعمال الصحافية، ويختزل قدرات الصحافي المطلوبة، ككتابة السكريبت، والمقابلات، والقصص المصورة، والترجمة، والخلفية الثقافية والتاريخية للبلد، إضافة الى شبكة معارف على الأرض، وتأمين التنقل والحماية لفرق الأجنبية".

دَخْل جيد لكنه مؤقت

يتعاون الصحافي والمصور محمد قليط، مع العديد من المؤسسات الأجنبية التي تغطي تصاعد الأعمال العسكرية في لبنان، بما في ذلك وكالات ايطالية، ونمسوية، وروسية، وصينية. من أهم المهام التي يعمل عليها "تأمين المعلومات الكافية عن الحرب وظروف النازحين، والحيثيات الميدانية على أرض، وتأمين التصريحات الأمنية لتسهيل تنقل الفريق الأجنبي، ومنعاً لحدوث اي اشكالات مع القوى الأمنية أو مع حزب الله". وقال: "من الضروري الشرح للفرق الأجنبية تاريخ البلد وخصوصيته وبيئة كل منطقة جغرافية في لبنان".

ويعد عمل "الفيكسر" مؤقتاً وغير مستدام، لكنه مدخول مادي جيد، فعمل لمدة أيام قليلة من الممكن أن يوازي راتب شهرين في لبنان. ومن الضروري بحسب قليط، "أن يتراوح البدل المادي بين 500 و1000 دولار أميركي. داعياً إلى عدم الرضوخ إلى الفرق الأجنبية التي تدفع بدلاً مادياً يترواح بين 150 و250 دولار أميركي". خصوصاً أن عمل "الفيكسر" لا يتضمن تأميناً صحياً، ولا اي معايير سلامة صحافية تلزم المؤسسات الصحافية الأجنبية بتحمل مسؤوليتها تجاه المتعاونيين معهم خلال الحرب.

وما يدفع قليط إلى ممارسة هذا العمل هو "الاستفادة المهنية ودوره الصحافي بالإلتزام بالقضية والعداء مع اسرائيل واطلاع الرأي العام العالمي عما يحصل على أرض، إضافة إلى المدخول الشهري الذي يمكنه من إعالة عائلته في ظروف الحرب"، حسب تعبيره.

1450 صحافي أجنبي في لبنان

عمل الفرق الأجنبية في الحرب يوفر الكثير من فرص العمل للصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي حتى لو أنه مؤقت. وقال رئيس "غرفة مراسلي العرب والأجانب" في وزارة الإعلام محمد ملي لـ"المدن"، أنه منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى اليوم بلغ عدد الصحافيين الأجانب في لبنان قرابة 1450 صحافي، وهذا زخم صحافي أجنبي غير مسبوق ولم يكن متواجداً في حرب تموز/يوليو 2006.

وأشار الملي: "هناك نوعان من الصحافيين الأجانب في لبنان. الصحافيون الأجانب الدائمون الذين يحصلون على إقامات عمل لمدة عام من قبل الأمن العام، إضافة إلى تقديم طلب إلى وزارة الإعلام ليصار إلى اعطائهم تصاريح من وزارة الإعلام مع بطاقة صحافي أجنبي صادرة عنها لمدة عام.. وهناك الصحافيون الذين يعملون بشكل مؤقت، هؤلاء يقومون بتقديم ملف كامل موجه من إدراة وسائل اعلامهم، يتضمن تفاصيل عن عمل الصحافي وسيرته الذاتية ودخوله الشرعي إلى لبنان، بعد إعطاء الموافقة الأمنية من الأمن العام اللبناني".

وأكمل الملي أن التصريح للصحافيين المؤقتين "هو لمدة شهر، اي تبعاً لتأشيرة الدخول المسموح بها للدول الأجنبية القادمين منها. ولا يمكن تجديد التصريح في حال خرج الصحافي من لبنان، بل يتم القيام بالإجراءات نفسها مع كل خروج وعودة إلى الأراضي اللبنانية".

وأوضح الملي أن "التصريح الصادر من وزارة الإعلام يشمل العمل والتغطية في أطر بيروت والضاحية الجنوبية، فيما أذونات التصريح لمناطق الجنوب والبقاع والشمال تؤخذ من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني مقابل بدل مادي قدره 50 دولار أميركي".

وبحسب الملي، لا صلاحية لوزارة الإعلام بشأن الأخبار التي تم تناقلها عن توقيف صحافي يمتلك أورقاً وجواز سفر تابعاً لدولة اسرائيل. وعلق: "هي مهمة الأمن العام والأجهزة القضائية، فنحن لا نعطي أي تصريح إلا بعد موافقة الأمن العام اللبناني".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها