الخميس 2023/06/22

آخر تحديث: 14:05 (بيروت)

"ذا آيدول".. فانتازيا اغتصاب أم هجاء لثقافة الشهرة؟

الخميس 2023/06/22
"ذا آيدول".. فانتازيا اغتصاب أم هجاء لثقافة الشهرة؟
تؤدي ليلي روز ديب، دور جوسلين، نجمة البوب الشبيهة ببريتني سبيرز.. وأثار المسلسل انتقادات قبل عرضه
increase حجم الخط decrease
قبل عرضه، أثار مسلسل "ذا آيدول" The Idol جدلاً، واُتهم بالترويج لثقافة الاغتصاب واعتماد نظرة دونية للمرأة كمجرد جسد. الفكرة جاءت من "ذا ويكند"، بينما الإخراج تولّاه مبتكر مسلسل "يوفوريا". يملك "ذا آيدول" كل ما يلزم لتحميس المشاهدين، على ما يبدو. فلماذا اُستقبل بالانتقادات والجدل والحذر؟ ولماذا نتحدث عنه أصلاً؟

"ذا آيدول" The Idol، (يُعرض في منصتي OSN+ وHBP)، هو مسلسل جديد مكوّن من ست حلقات من إنتاج منصّة HBO وشركة "A24"، وتدور قصّته حول الجانب المظلم لثقافة البوب والجنس والشهرة في القرن الحادي والعشرين. يلعب الأدوار الرئيسية كل من ليلي روز ديب، ابنة جوني ديب وفانيسا باراديس، وآبل تسفاي، المعروف أيضاً باسم "ذا ويكند"، الفنان الأعلى استماعاً عالمياً في الوقت الحالي. تشمل الأدوار الأصغر نجمة البوب تروي سيفان، ونجمة الـ"كي بوب" جيني، والمغني الأميركي-الغاني موسيس سومني، إلى جانب دان ليفي، وإيلي روث، وهانك أزاريا، وهاري نيف وغيرهم.

وتلعب ليلي روز ديب دور جوسلين، نجمة البوب الواعدة الشبيهة ببريتني سبيرز التي تحاول أن تجد طريقها مرة أخرى بعد وفاة والدتها وانهيار عقلي وفضيحة كبيرة. تلتقي بتيدروس (ذا ويكند)، وهو مالك ملهى ليلي ومعلّم روحي غامض وقائد طائفة متستّر، لتبدأ "أقذر قصّة حبّ في هوليوود"، وفقاً لدعاية الشركة المنتجة، حيث تكون الخطوط الفاصلة بين الجنس والإبداع وسوء المعاملة غير واضحة تماماً.


قصة حقيقية؟
القصة خيالية تماماً. رغم إنه ليس من الصعب البحث عن مراجع وتأثيرات. يقول "ذا ويكند" إنه استند في رسم شخصية جوسلين إلى تجاربه في عالم موسيقى البوب. سيرة بريتني سبيرز، وتحديداً كما دوّنتها في أغنيتها الشهيرة "أنا عبدة لك"، لها تأثير مؤكد. "متى كانت آخر مرة كان لدينا فيها نجمة بوب قذرة حقاً؟"، يقول أحدهم في المقطع الدعائي للمسلسل. تأتي الإجابة بعد ثانية، عندما يعلو صوت بريتني سبيرز بأغنيتها "أعطني المزيد".

ويبدو أن المسلسل يريد أن يكون انعكاساً على الجانب المظلم من صناعة موسيقى البوب (الأميركية)، التي أفرزت قصصاً مقلقة في السنوات الأخيرة. ومع أنه لا وجود مباشراً لأي من هذه القصص في "ذا آيدول"، لكن يبدو أن الاحداث الماضية شكّلت عالم شخصياته ومنطق الأشياء بداخله. "لوس أنجليس هي المكان الذي يتجمع فيه كل وحوش العالم، فلا تثق في أحد"، يقول المقطع الدعائي. بعبارة أخرى، ما فعله فيلم "بابليون" لداميان شازيل في تناوله الجانب القذر من العصر الذهبي لهوليوود في الخمسينيات، يبدو أن "ذا آيدول" يريد أن يفعله لصناعة البوب في القرن الحادي والعشرين.


يدور الجدل، في المقام الأول حول ما جرى خلف الكواليس. قبل عامٍ، أُعلن أن إيمي سيميتز، مخرجة المسلسل (التي أخرجت حلقات من مسلسلات مشهودة مثل "سترانجر ثينغز" و"آتلانتا" و"ذا غيرل فريند إكسبرينس")، قد تركت العمل فجأة رفقة عدد من أفراد الطاقم. لم يُعط سبب واضح للقرار المفاجئ في حينها، خصوصاً أن المخرجة كانت قد أنجزت بالفعل حوالى 80 بالمائة من مشاهدها، لكن الصحافة الهوليوودية ذكرت أن "ذا ويكند" شعر أن المسلسل أُخذ "إلى منظور أنثوي أكثر من اللازم" وركّز كثيراً على شخصية جوسلين (التي تؤديها ليلي روز ديب). بعدها، أُعلن أن سام ليفنسون، الذي شارك في كتابة القصة، تولّى مهمّة الإخراج، وذهبَ عمل سيميتز إلى سلّة المهملات. وهكذا، انتقل طاقم المسلسل الجديد إلى ضاحية بِل إير، غربي لوس أنجلوس، حيث يقع قصر "ذا ويكند"، وهناك أعيد تصوير المسلسل.

ثم في آذار/مارس من العام الحالي، ظهر مقال/تحقيق في مجلة "رولينغ ستون" تضمّن شهادة 13 مشاركاً في المسلسل (بهويّات مُجّهلة) حول عمليات إعادة التصوير الفوضوية والاتجاه المريب الذي اتخذه المسلسل بعد تولّي ليفنسون دفّة القيادة. قال أحد المصادر: "لقد كان مسلسلاً عن امرأة تكتشف نفسها جنسياً، فأصبح مسلسلاً عن رجل يسيء معاملة امرأة بينما تستمتع هي بذلك". وقال مصدر آخر: "إن "ذا آيدول" بدأ كعمل هجائي، لكن انتهى به الأمر لفعل الشيء نفسه الذي أراد انتقاده في الأصل". قال ثالث: "إنه فانتازيا اغتصاب ذكورية تداوم البطلة على الانخراط فيها لأنها تجعل موسيقاها أفضل".

أحد الأمثلة الملموسة: في الأصل، كان هناك مَشهد تُدخل فيه جوسلين بيضة في مهبلها. إذا أسقطتْ البيضة، يرفض تيدروس "اغتصابها". وبعد ذلك توسّلت إليه جوسلين كي "يغتصبها"، لأنها اعتقدت أن هذا هو مفتاح نجاحها. لم يُصوَّر المشهد في النهاية لأنه لم تكن هناك طريقة لتصويره من دون أن تقوم ليلي روز ديب فعلياً بإدخال بيضة في مهبلها. يقول أحد المصادر في تقرير "رولينغ ستون": "المسلسل لا يقول شيئاً. فقط وضعوا أكبر قدر ممكن من العري واللقطات الفاضحة لمعرفة ردّ الفعل". 

ردّ صنّاع المسلسل
بالفعل، ردّت ليلي روز ديب بعد مقال "رولينغ ستون"، في بيانٍ، وصفت فيه ليفنسون بأنه "أفضل مخرج عملت معه"، وكتبت أن "اقتراحاتها وآرائها أُخذت في الاعتبار"، وأنها "لم تشعر من قبل بمثل الدعم والاحترام الذي وجدته أثناء تصوير المسلسل".

بدوره، شارك "ذا ويكند" في البداية مقطعاً من المسلسل، وعلّق بأن انتقادات رولينغ ستون "لا محلّ لها". ثم أوضح لاحقاً لمجلة "فانيتي فير" (التي تظهر إحدى محرّراتها في الحلقة الأولى من المسلسل) أن مغادرة إيمي سيميتز، المخرجة الأصلية، جاءت لأن المسلسل لم يعد يتناسب مع جدولها الزمني. وأشار إلى أن عمليات إعادة التصوير جزء طبيعي من العملية الإبداعية. وردّ على الاتهام الموجّه للمسلسل بأنه "فانتازيا اغتصاب"، بقوله "أنا أصنع موسيقى للبالغين، وليس للأرواح الحسّاسة. ولست مسؤولاً عمّا يعتقد أي شخص وجوده في موسيقاي"، مناظراً مسيرته الموسيقية ولونه الغنائي بما يفعله المسلسل وقصّته الهجائية الساخرة من ثقافة الشهرة وعالم موسيقى البوب.

ثم في الشهر الماضي، حين عُرضت حلقتان من المسلسل للمرة الأولى في مهرجان "كانّ" السينمائي، صرّح سام ليفنسون قائلاً: "كنا نعلم أننا نقدّم عرضاً مثيراً...عندما قرأتْ زوجتي هذا المقال، نظرتُ إليها وقلت: أعتقد أن بين أيدينا الآن أكبر مسلسل في موسم الصيف". كان مصدر إزعاجي الوحيد أنهم لم يذكروا عن عمد بعض الأشياء لأنها لا تتناسب مع روايتهم".

مسلسل The Idol

هل يستحق المشاهدة؟
إجابة هذا السؤال تعتمد على منظور كل متفرّج وذائقته وما يبحث عنه في تجارب الفرجة التلفزيونية. يملك المسلسل عناصر جذب كافية، مثلما تلقّى موجة من التعليقات والمراجعات السلبية حتى قبل عرض حلقته الأولى. المؤكد أن الأخبار المرتبطة بمشاكل التصوير أثّرت في استقبال هذا المسلسل الذي يضم نجوماً وأداءات تمثيلية لافتة. وظلمته أيضاً. أبعد من الحقيقة المؤسفة التي يمثّلها إبعاد مخرجة بقيمة سيميتز، تملك وجهة نظر كانت ستخلق شيئاً مختلفاً بالتأكيد، ما يُحكم عليه هنا هو المنتَج الصاد، وليس قصة إنتاجه أو مشاكلها.

ما ظهر من المسلسل حتى الآن (أول حلقتين) ليس سيئاً. فعلى عكس "يوفوريا"، المفترَض به تقديم ورسم بورتريه واقعي لـ"ناس عاديين" (وهو لم يكن كذلك ابداً)، يأتي "ذا آيدول" هجاءً ساخراً وهزلياً، كيتشاً خالصاً، ولا يتظاهر بكونه أي شيء آخر.. فانتازيا تملك القليل من نقاط الاتصال بالواقع. أما بخصوص كونه مفرطاً في ألعابه وبهاراته، فذلك لأنه يلعب في عالم التخيّلات هذا، في الحياة الحميمة ومشاكل بطلته، نجمة البوب التي، مثل بريتني أو مادونا، تعرّف نفسها باسم واحد فقط: جوسلين.

"ذا آيدول" عمل مِزاجي، مُسلّ وممتع، يحوي قدراً معتبراً من السطحية؛ تماماً مثل موسيقى البوب. صحيح أنه لا يقول شيئاً لا نعرفه بالفعل عن الفوضى التي يعيش فيها نجوم البوب اليوم، لكن ما يُظهره في بعض الأحيان يكون مزعجاً. خصوصاً في الطريقة التي يُقدّم بها هؤلاء النجوم كدُمى في أيدي أنواع مختلفة من شخصيات تدفعهم، بطرق ومخططات مختلفة، للقيام بأشياء بالطريقة التي يريدونها. قد لا يكون المسلسل، ولا بطلته، واضحاً بشأن مَن هم أصحاب النوايا الحسنة والعاملين لمصلحتها حقاً، لكن ما هو واضح أن "القائمين عليها" لم يسمحوا لها قطّ باتخاذ قراراتها بنفسها. أين ينتهي التمكين، وأين يبدأ الاستغلال؟ هذا بالضبط ما يدور حوله المسلسل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها