تصاعدت التحذيرات من ارتفاع نسبة الاعتقالات والرقابة الالكترونية في منطقة الشرق الاوسط، ضمن الإجراءات الهادفة الى الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي غالباً ما تصنف على أنها مثال سيء في هذا المجال، في ظل وجود أنظمة تعمل على تعزيز أجهزتها الأمنية من دون أي ضوابط، يرتفع الخوف من أن تؤدي تلك التدابير الى مزيد من الانتهاكات.
وأظهرت صور في عدد من البلدان العربية شوارع مهجورة تسير فيها سيارات عسكرية ومدرعات تعمل على فرض الحجر الصحي المنزلي وحظر التجول، في مشهد يتناقض مع ما شهدته تلك الشوارع من احتجاجات شعبية أدت في عام 2019 إلى سقوط حكومات ورؤساء في الجزائر والعراق ولبنان والسودان.
وسجلت أكثر من 32 ألف إصابة بفيروس كوفيد-19 و2100 حالة وفاة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى الآن، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
في لبنان، ورغم انحسار التظاهرات التي انطلقت في 17 تشرين الاول/أكتوبر ضد الطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد وعدم الكفاءة، قامت الشرطة ليل الجمعة وصباح السبت بتفكيك خيم المعتصمين في ساحة الشهداء في وسط بيروت في عز تدابير "حالة التعبئة الصحية" و"حظر التجول الذاتي" التي أعلنها رئيس الحكومة حسان دياب.
في مصر، استهدفت الحكومة وسائل إعلامية شككت بالحصيلة الرسمية المتدنية لعدد المصابين بفيروس كورونا المستجد. وأفادت صحيفة "غارديان" البريطانية أن مراسلتها في مصر أُرغمت على مغادرة البلاد بعد مقال اعتبرت السلطات أنه يحمل "سوء نية".
ومع ارتفاع عدد الإصابات، اتخذت السلطات تدابير احترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد مع عقوبات للمخالفين تبدأ بغرامة مالية وتنتهي بالحبس. ودقت عائلات سجناء الرأي في مصر ناقوس الخطر، محذرة من كارثة قد تنجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد في سجون مصر المكتظة والرديئة.
وبحسب المنظمات غير الحكومية، في مصر حوالي 60 ألف سجين سياسي. ودعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج "الفوري وغير المشروط" عن سجناء الرأي، لكن السلطات أفرجت فقط عن 15 سجينا سياسيا.
وفي الأردن، وقع الملك عبد الله الثاني على "قانون الدفاع" الذي يفعل فقط في حالات الطوارئ ويمنح سلطات استثنائية للحكومة. وأغلق الجيش العاصمة عمان وجميع محافظات المملكة ومنع التنقل بينها، فيما تم اعتقال مئات الاشخاص لعدم امتثالهم لأوامر حظر التجول.
ورغم أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع عمر الرزاز تعهد تطبيقه "في أضيق الحدود"، مؤكدا أنه لن يمس الحقوق السياسية أو حرية التعبير أو الملكيات الخاصة، حضت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان الأردن على التزام عدم الانتقاص من الحقوق الأساسية للمواطنين.
وفي المغرب، ظهرت دوريات مدرعة أيضًا في الرباط لضمان امتثال المواطنين "لحالة الطوارئ الصحية".
وقال صحافي مغربي فضل عدم الكشف عن هويته "الناس يطالبون بمزيد من النظام (...). نحن نشهد عملية تراجع سياسية كبيرة يسهلها الإجماع الواسع حول دور الدولة في زمن فيروس كورونا المستجد".
في الوقت نفسه، تعهدت الرباط خوض معركة بلا هوادة ضد "الأخبار المزيفة" عن الفيروس. لكن اعتمادها لقانون ينظم عمل مواقع التواصل الاجتماعي أثار مخاوف الجمعيات الحقوقية.
وفي إسرائيل، أثير جدل حاد بعد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السماح لجهاز الأمن الداخلي" شين بيت" الذي يركز عادة على "أنشطة مكافحة الإرهاب"، بجمع البيانات عن المواطنين في إطار حملة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، لا سيما أنه جاء على خلفية أزمة سياسية في البلاد.
وقال عالم الأنتروبولوجيا الإسرائيلي يوفال نوح هراري في افتتاحية نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" إن "الوباء يمكن أن يمثل نقطة تحول"، لأن "استخدام أدوات المراقبة الضخمة" يعرض المواطنين لمزيد من السيطرة التدخلية.
في الجزائر، وبعد أكثر من عام على الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، أدى ظهور الوباء إلى وضع حد - ولو بشكل موقت - للتظاهرات الأسبوعية ضد النظام، في حين عبرت منظمات غير حكومية عن استيائها لاستمرار نشاط الجهاز القضائي.
وأعلنت "منظمة مراسلون بلا حدود" الأحد ان مراسلها في الجزائر الصحافي خالد درارني اودع الحبس الاحتياطي. واتهم خالد درارني بـ"التحريض على التجمهر غير المسلح و المساس بالوحدة الوطنية".
وفي تونس حيث الديموقراطية فتية لكن هشة، لم يتم إصلاح نظام الشرطة السابق الذي اعتاد عناصره الممارسات الأمنية بشكل كامل.
وطلبت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان إيضاحات بشأن تدابير الحجر الصحي المنزلي بعد تنديد على الإنترنت بتدخلات تعسفية للشرطة ضد أشخاص خرجوا من منازلهم للتسوق، وحامت شكوك بأن أشخاصا آخرين ابلغوا عنهم.
ودعا الرئيس قيس سعيد بنفسه إلى إطلاق سراح المعتقلين، بينما دعت منظمات غير حكومية في دول الخليج إلى إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان مثل أحمد منصور في الإمارات ونبيل رجب في البحرين.
واوضحت الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" هبة زيادين ان سجون دول الخليج تتسم بالاكتظاظ والظروف غير الصحية ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية.
وتساءل الناشط الكويتي أنور الرشيد في "تويتر": "في مواجهة هذا الوباء ، ألم يحن الوقت لإطلاق سراح سجناء الرأي؟".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها