انتهت مفاعيل الجذب العائدة لمسلسل "كل الحب كل الغرام"، حين ظهرت البدائل الكثيرة والضخمة مع انطلاق موسم رمضان. فالمسلسل الذي عرض على مسافة 5 أشهر قبل رمضان، واستكمل عرضه في الموسم الحالي، فَقَد آلية جذب المشاهدين، بفعل التكرار الذي قاد العمل الى الملل، ووتيرته البطيئة.
كان الحريّ بـ"أل بي سي" أن تنهي عرض المسلسل قبل أسبوع. فطوال 10 حلقات منذ بدء موسم دراما الصوم، لم يقدم أي جديد أو مشوق، ولا يزال يجتر أحداثاً ماضية، وتذكارات مملة، هي جزء من آلية التطويل ومد العمل ليستغرق ثلاثين يوماً. خلافاً لذلك، كان يجب أن يكون قد انتهى عند الحلقة الاربعين، أو الخمسين في أقسى حالاتها، ولا حاجة ليتمد الى 90 حلقة، طالما أن الابطال لا زالوا على حالهم، والادوار لم تنقلب الى مستوى درامي جديد يمكن أن تنقل العمل الى مستوى آخر.
والواقع أن المحطة راهنت على نجاح حققه العمل خلال الاشهر الماضية، وبنت حسابات على أنها نجاحات مضمونة تضع العمل ضمن خريطة المنافسة. لكن "كل الحب كل الغرام" إذا كان لا يزال قادراً على جذب مشاهديه الاوفياء، فذلك لا يعني أنه مسلسل ينافس "تانغو" على المحطة نفسها، أو "طريق"، أو "الهيبة – العودة".
وعجز العمل عن المنافسة الرمضانية، يعود الى تركيبة العمل نفسه، واخراجه، وخطه الدرامي الثابت في ثلاث محطات زمنية. فالاحداث تسير في خط بطيء، ولم تتغير منذ حلقات طويلة، في وقت يلتف الانتاج على المشاهدين من غير اقناعهم: كيف يمكن لمسلسل يسرد على مدى 50 حلقة حكاية ثوار مفترضين ضد الانتداب، من غير أن ينفذوا أي عملية عسكرية؟ لمن تُحمل الذخائر والاطعمة؟ وكيف يُعقل أن يبقى عميلاً للانتداب في القرية، من غير أن يتعرض له طفل يرميه بحجر؟!
بدلاً من تقديم أي شاهد على فعل ثوري مفترض في عمل درامي، ذهب النص الى سردية عاطفية مرتبطة بمأثورات وطنية وكليشيهات الثورة، ودروس المستقبل التي لم تثبت جديتها. يغرق العمل بعبارات وحوارات من هذا النوع "الوطني" المكرر من فن الخطابة التلفزيونية، (ما تمثله حوارات "جميلة وزوجها يوسف" مثلاً، أو كلمات المختار والحماسة الوطنية لدى نسرين).
لو قدر لهذا العمل أن يخرجه مخرج آخر تمرس على مسلسلات "الثورات على الاحتلال" و"الانتداب"، لما خرج "كل الحب كل الغرام" باهتاً، يفتقد الى عناصر الاقناع.
حسناً، إذ كان العمل بلا نص مشوق، ولا أحداث سريعة، ولا إخراج مقنع، ولا انتاجاً بميزانيته خيالي، فمن أين له نسبة متابعة مرتفعة جداً في الموسم ما قبل رمضان، وتراجعت في رمضان الى مستويات معينة؟
سببان عادا على العمل بالفائدة؛ أولهما أنه يدور في زمن مضى، يقيم في حنين اللبنانيين، فضلاً عن البيئة التي صور بها العمل، والتي يفتقدها كثير من اللبنانيين، ويتلهفون اليها. وهي الاسباب نفسها التي رفعت من مستوى المشاهدة لدى كل الاعمال التي تصور في بيئة جبلية، أو في القرى والبلدات، أو في حقبات ماضية غير بعيدة.
في الوقت نفسه، تتسم الشخصية الاساسية (كارول الحاج وتلعب دور نسرين) بقدرة على سحب المشاهد نحو التعاطف معها، كفتاة بريئة ومظلومة ولا تزال تتمسك بتقاليد ومفاهيم اندثرت الى حدّ كبير، إلا ما ندر.
غير أن تلك الميزات ليست كافية حين يبدأ موسم رمضان، تتسابق فيه الأعمال الدرامية نحو الريادة والتشويق. فعمل مثل "كل الحب كل الغرام" يُعرض خارج السياق، ولا سبيل لاخراجه من سباته طالما أن المنتج قرر تمديد قصة الحلقات الاربعين الى تسعين حلقة مملة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها