ثلاثة ممثلين عن "حركة أمل" و"حزب الله" ظهرا في برنامج "صار الوقت" الذي يقدمه الاعلامي مارسيل غانم، في حلقة أمس الخميس، في مؤشر سياسي بالغ الدلالات، كونه من المرات النادرة التي تكون فيها أكثرية الموجودين على منصة برنامج "التوك شو" الأشهر في لبنان، من الثنائي.
صحيح أن الوزيرين الممثلين لـ"حركة أمل" و"حزب الله"، وهما وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن، ووزير الاشغال العامة والنقل الدكتور علي حمية، تمت استضافتهما ضمن وظيفتهما التقنية كوزيرين في الحكومة يقومان بمهام وزارية في الداخل والخارج، إلا أن توقيت هذا الظهور، بما تضمنه من إطراء على عمل الوزيرين، يؤشر حكماً الى انفتاح جديد للقناة التي تُتهم بأنها رأس حربة في مواجهة "حزب الله" اعلامياً وتتصدى له في الشأن السياسي اللبناني.
مؤشرات الانفتاح ظهرت في جزئين، أولهما الأشارة العميقة الدلالات من المحلل جورج غانم الى ان الشيعة "لا يستطيعون ولا يريدون حكم لبنان"، علماً أن جورج غانم يعد من أهم المحللين في الساحة اللبنانية، وينتظره كثيرون، سياسيون وسفراء، لمعرفة تقديراته حول ملفات يتطرق اليها. حتى أنه يُتهم ببث رسائل سياسية عبر تحليله وربطه بالتاريخ، ومن أبرزها في حلقة الخميس، الحديث عن تضعضع القيادة المركزية السنية في فترة ما بعد رفيق الحريري بعد ضبطها في فترة حكمه، وأنه لا توازن من دون قيادة سنية هي عملياً الرابط بين لبنان والعمق العربي، وكأنها رسالة خارجية عن أهمية دعم القيادة السنية المركزية للحفاظ على هذا الدور.
أما الجزء الثاني من الانفتاح على الثنائي الشيعي، فيتمثل في استضافة شخصيات ثلاث، تمثل الثنائي، ظهرت بصورة معتدلة وجادة وناجحة، بدأت من النائب ابراهيم عازار، عضو كتلة "التنمية والتحرير" الذي بدا متوازناً سياسياً، ويمثل فريقاً معتدلاً لا يسعى إلى إلغاء الآخر، ولا يخوض معركة طائفية.. حتى أنه في الحديث عن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، قدم وجه نظر قانونية بما يتخطى وجهة النظر السياسية المرتبطة بالملف.
والمشهد نفسه انسحب على الوزيرين الحاج حسن وحمية. ليس تفصيلاً تقديمهما بأنهما يحملان الجنسية الفرنسية، ويحوزان على مرتبة علمية (الدكتوراه)، ويحظيان بتأييد داخلي وفرنسي لما يقومان به. فقد تكررت التلمحيات الصريحة والمبطنة الى "الثناء الفرنسي" على حمية، وهو ممثل "حزب الله" في الحكومة، ويحمل الجنسية الفرنسية أيضاً في مؤشر الى أن الحزب غير محاصر أوروبياً... كما تكرر الثناء على دور الحاج حسن، وهو ممثل "حركة أمل" في الحكومة، وإنجازاته المتصلة بالزراعة.
قدم مارسيل، الوزيرين، بصورة جديدة. منصبان وزاريان لمتعلّمَين جديَين ويحققان إنجازات ويحظيان بدعم خارجي، فرنسي تحديداً. لم يُحرج الوزيران في أي موقف، وظهرا ضالعَين في الملف السياسي والتقني المرتبط بوزارتهيما. هي إطلالة ستُحفظ في ذاكرة المشاهدين حول صورتيهما، وتؤشر حكماً الى انفتاح البرنامج على الثنائي الشيعي، بأبعاده السياسية. وذلك لأنه، حتى لو كان الوزراء ينجزون، لجرى التعتيم على الإنجازات، ببساطة، إذا لم يكن هناك من قرار لمواكبتها.
ويبدو أن الاتجاه الانفتاحي لن يتوقف، وسيستمر باستضافة وزير المال يوسف خليل، في واحدة من الإطلالات النادرة لوزير لا يحب الإعلام، وذلك الأسبوع المقبل، لمناقشة ملف تقني (الموازنة) التي أشرف عليها، ويعمل عليها بتفاصيل مملة، ويعد مهندس توازناتها. كما يعد مارسيل بإطلالة مفصلة أيضاً لحمية، الذي ظهر أمس عبر الاقمار الاصطناعية من فرنسا حيث يلتقي مسؤولين فرنسيين، والحاج حسن لمتابعة ملف الزراعة. الملف التقني ليس وحده هدفاً لتقديم مادة دسمة. الدلالة السياسية لا يمكن إخفاؤها.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها