الدعوة تمثلت في مجموعة تغريدات أطلقها هداية (32 عاماً) الاثنين عبر
حسابه الرسمي في "تويتر"، وكأنها مجرد "تحليلات إعلامية" لمشهد الحرب في البلاد ضد الفصائل المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة، الخصم الابرز لروسيا بوتين، قبل أن يعتبر صور الجنود الروس التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعية، سبباً كافياً لتحويل إدلب إلى "صحراء قاحلة".
وإن كان لا يوجد خلاف على فظاعة عمليات السحل والتنكيل بالجثث من قبل أي طرف، إلا أن الدعوات للاقتصاص من الأحياء لأغراض الانتقام تجعل الحرب السورية أقبح مما هي عليه، خاصة أنها تأتي من منصات الإعلام التي يفترض بها الحياد أولاً والتمسك بالإنسانية والنزعات السلمية ثانياً، وليس من رجال الحرب والسياسة الأكثر ضلوعاً بالمعارك والعنف على الأرض.
والحقيقة أن هداية لا يتحدث من منطلق إعلامي مستقل، فهو صوت رفيع المستوى (17 ألف متابع في تويتر) في منظومة إعلامية يراها كثير من السوريين جزءاً من آلة دعائية تفتقد لكافة خصائص المهنية، خاصة أنها قناة رسمية ممولة من الكرملين مباشرة ما يجعلها مروجاً لأفكار الحرب مع واقع مشاركة القوات الروسية في القتال إلى جانب النظام السوري منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
في ضوء ذلك، يمكن القول إن هداية الذي يحمل الجنسيتين السورية والروسية، صوت يمثل خطاباً لا تختلف مفرداته وأفكاره باختلاف الأشخاص، بل خطاب شمولي يكرر نفسه بذات المستوى من العنجهية والعجرفة، وهنا الجانب المخيف فيه، خاصة وأن هداية يستشهد فرحاً بمجازر روسية سابقة ارتكبتها القوات الروسية في ريف اللاذقية الشمالي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد إسقاط طائرة روسية هناك.
والحال أن هذه الدعوة تتقاطع مع
تغريدة سابقة لهداية عن تحديد النسل في سوريا: وفيها يرى هداية الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، أن المشكلة السورية تتلخص بارتفاع عدد السكان ولا بأس من تقليلهم، وإن كان المعنى المبطن يحتوي رغبة شريرة بتقليل عدد السكان على طريقة الحروب!.
المنطق نفسه غير المفهوم، تكرر مطلع الأسبوع على قناة حليفة أخرى هي "المنار" التابعة لحزب الله اللبناني، وفيها
دعا جوزيف أبو فاضل السوريين في لبنان لاستخدام الواقي الذكري وتوزيع حبوب منع الحمل على النساء، لأن عدد اللاجئين السوريين في لبنان لا يعجبه، والذي لا يراه بالطبع نتيجة لحرب مدمرة في البلاد، متناسياً أن الإنجاب وعدد الأطفال حقوق طبيعية لأي إنسان، ومن غير المعقول أو المنطقي إطلاق دعوات لحرمان الناس من أبسط حقوقهم في الحياة بهذه الأساليب غير الأخلاقية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها