وكانت عبارة "فاز أبو لهب على حمالة الحطب"، المستمدة من النص القرآني، واحدة من أكثر العبارات تداولاً في "تويتر" لوصف فوز ترامب، من قبل المغردين العرب، الذين أبدى كثيرون منهم عدم مبالاتهم أساساً بهوية الرئيس الأميركي الجديد، لا من منطلق فكري أو تحليل سياسي يرصد تجليات الانتخاب على الشرق الأوسط، بل لأن جميع المرشحين "كفار ومشركون" ويتساوون في السوء من وجهة نظر دينية لا تخلو من عنصرية.
السخرية الكبيرة في ردود الفعل العربية من فوز ترامب، غير مفهومة على الإطلاق، هل يحق للعرب أصلاً السخرية من الانتخابات كفعل ديموقراطي، في الولايات المتحدة أو أي بلاد أخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار واقع الديكتاتوريات العربية وحكم العسكر، وغياب أي ثقافة ديموقراطية عن تاريخ المنطقة الحديث؟ ما يستحق السخرية فعلاً هو ذلك الواقع السياسي العربي المهترئ وليس خيارات الآخرين الحرة مهما بدت للعالم المراقب عن بعد غريبة ومستهجنة.
والحال أن التعامل ككل مع فوز ترامب بالرئاسة يعكس قصوراً في المعلومات عن واقع الولايات المتحدة نفسها بالنسبة للأميركيين، حيث تشكل السياسات الداخلية مفتاح الفوز الرئيسي وليس السياسة الخارجية، وتعكس حقيقة أن فوز ترامب كان كاسحاً في معظم الولايات، بسبب رغبة داخلية حقيقية في التغيير عن سياسة الحزب الديموقراطي الحاكم في البلاد منذ ثمانية أعوام. ووفق هذه الرؤية، فإن ترامب فاز لكونه المرشح الجمهوري، ربما بما يوازي شعبويته الطاغية، وذلك أكثر من أي مسبب ثاني، مثل برنامجه الانتخابي وكافة تصريحاته الجدلية وموقف الإعلام السلبي منه.
ترتبط هذه الرؤية إلى حد كبير بنظرية المؤامرة على الإسلام، حيث عبر مغردون عرب عن عدم مبالاتهم لأن فوز ترامب (أو هيلاري كلينتون) لن يؤثر في المنطقة، كون الولايات المتحدة "تعادي المسلمين" بالمطلق: "ما أعرف ليش هلكد مهتمين ومتشائمين من فوز دونالد ترامب، يكره المسلمين؟ ع أساس أوباما يموت عالمسلمين؟ لو هيلاري كاتلة روحها تساعد المسلمين؟"، فيما كتب آخر: "اللي أشغلونا ب #فوز_ترامب ع أساس أن #أوباما إمام مسجد وبوش مؤذن و #كلينتون داعية إسلامية كلهم نصارى حاقدين".
العنصرية توسعت لدى مستخدمين آخرين لتشمل ابتهاجاً بفوز ترامب "الرجل" على منافسته هيلاري كلينتون "الحريمة" وهي الكلمة الذكورية الآتية من مسلسلات البيئة الشامية لتوصف بصفاقة واحدة من أكثر السيدات خبرة في ميدان السياسة العالمية، وصولاً إلى السعادة بالتخلص من "الرجل الأسود" في منصب زعامة العالم، في إشارة للرئيس باراك أوباما، وحتى في اعتبار نتيجة الانتخابات طبيعية لكون معظم الأميركيين الذين صوتوا لصالح ترامب يأتون من مناطق ريفية وزراعية بعكس النخبة في المدن: "من الطبيعي فوز #ترامب لأنه يمثل أغلب الأمريكان الرعاع"، وكأن الديموقراطية باتت حقاً محصوراً بسكان المدن وأصحاب الدخل والتعليم الأعلى في مانهاتن و"فيفث أفينيو".
وتحولت الوسوم (الهاشتاغات) العربية من #فوز_ترامب و#الانتخابات_الأميركية وغيرها من الوسوم ذات الصلة، إلى #أمريكا_تنحدر_للسقوط أو التنبؤات والدعوات لخراب أميركي وانتكاسة أميركية، وكلها نقاط تختزل عقوداً من الكراهية الشعبية العربية للولايات المتحدة التي ينظر لها على أنها المتسببة في خراب العالم وإشعال الحروب، وتحديداً حربي العراق وأفغانستان.
بخلاف ذلك، امتد الذعر العالمي من #فوز_ترامب إلى مواقع التواصل العربية، حيث عبر كثير من المستخدمين عن خوفهم من مخاطر أمنية وحروب خارجية ستشنها إدارة ترامب القادمة، نظراً لتصريحات ترامب المخيفة حول سياسته الخارجية القادمة طوال حملته الانتخابية، فكتب أحدهم: "بشار الاسد في سوريا دونالد ترامب في امريكا كيم جونغ اون في كوريا الشمالية ارقد بسلام ايها العالم، فقد كنت لطيفاً ولن ننسى ذلك يوماً!" في إشارة إلى "تزعم العالم من قبل مجانين" على حد تعبير مغردين آخرين أضافوا أسماء آخرى مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها