وتداخلت المخاوف من تلك الرسائل والاتصالات مع تداعيات تفجير أجهزة الاستدعاء "البايجر" وأجهزة الاتصال اللاسلكي، حتى بات السؤال ملحّاً حول أسباب تلك الأعطال وعدم القدرة على الدخول إلى حسابات الواتساب ومنصة إكس وغيرها. فهل هي محاولات اختراقٍ إسرائيلية أم هناك أمرٌ آخر. وكيف يتصرّف المواطنون في هذه الحالة؟
أعطال غير مُعلَنة رسمياً
أكثر ما أثار قلق بعض المواطنين، هو عدم تمكّنهم من فتح تطبيق الواتساب كلياً أو فتحه مع عدم قدرتهم على إرسال الرسائل الصوتية، وتالياً حرمانهم من التواصل مع الآخرين وتبادل المعلومات. والأصعب، أن بعض تلك التطبيقات يتعلّق بالأعمال، سيّما وسائل الإعلام التي تعتمد الواتساب للتسويق لأعمالها. كما ينطبق الأمر على الشركات التجارية وغير ذلك. والواتساب وبعض مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسائل ترويج تفيد العمل التجاري أيضاً.
عدد من الصحافيين أكّدوا لـ"المدن" أنهم حاولوا فتح تطبيق الواتساب لنشر مقالاتهم، ولم ينجحوا. ولدى البعض، لم تفلح محاولات مسح التطبيق وإعادة تحميله على الهاتف والدخول إليه برقم الهاتف نفسه، إذ لم يفتح التطبيق في الأصل. فكان الحل استخدام رقم هاتف جديد. وأحياناً، وصلت للبعض رسالة من الواتساب تفيد بأنّ الحساب يُفتَح من جهاز آخر. والحال عينه عند محاولة الدخول إلى الحساب على موقع إكس. وفشل هذه المحاولات أدّى إلى عرقلة الأعمال.
لم تتّضح حتى الآن الصورة الكاملة لأسباب تلك الأعطال. إذ لم تصدر الجهات التي واجهتها الأعطال، بيانات رسمية تحدّد طبيعة ما جرى وأسبابه. وهذا ينطبق على واتساب، إذ يشير عبد قطايا، وهو أحد المسؤولين في منظّمة "سمكس" SMEX المعنية بحماية حقوق الإنسان في الفضاءات الرقمية إلى أنّ "شركة الواتساب لم توضح رسمياً حقيقة ما يحصل لديها. لكنّ مكتب المساعدة لديها Help Desk أكّد لسمكس بعد تواصلها مع الشركة، وجود ثغرة تقنية أدّت طلب إعادة تسجيل الحسابات أو نشر بعض الرسائل للمستخدمين، لكن الشركة لم تصدر بياناً رسمياً بذلك". وأوضح قطايا في حديث لـ"المدن"، أن الثغرة التي تتحدّث عنها شركة الواتساب "لا علاقة لها بالحرب في غزة ولبنان".
استغلال سريع
عدم إعلان الواتساب رسمياً عن الثغرة، لا يعني انتفاء الخطر عن حسابات المشتركين وبياناتهم وأجهزتهم، سواء الهواتف الخليوية أو أجهزة الكمبيوتر. ويكمن الخطر وفق قطايا بـ"استغلال القراصنة وربما إسرائيل لتلك الثغرات للدخول إلى أجهزة اللبنانيين والسيطرة عليها. وإذا جرى الأمر من قِبَل قراصنة، فقد يبتزّون صاحب الجهاز ببياناته التي حصلوا عليها، ليدفع لهم مبالغ مالية كبيرة إذا كانت البيانات مهمة بالنسبة إليه. أما إذا كانت إسرائيل هي مَن اخترقت الجهاز، فستستفيد حكماً من المعلومات الموجودة عليه". ويضيف قطايا أن كِلا الطرفين، عصابات القراصنة أو الإسرائيليين "ينتظرون أحداثاً واضطرابات كالتي تحصل في لبنان، ليزيدوا هجماتهم، خصوصاً وأن الناس في هذه الحالة تتداول الكثير من الروابط الإلكترونية والصور والفيديوهات، وهذا يسهِّل عمل مَن يريد اختراق الأجهزة والحصول على المعلومات أو المال".
خطوات لتفادي الأسوأ
لا فرق بين اختراق يقوم به العدوّ الإسرائيلي أو قراصنة يسعون وراء المال، طالما أن شخصاً ما سيقع فريسة الاختراق ويدفع الثمن. ولتفادي ذلك، يتمّ الأمر بطريقتين متوازيتين، على مستوى أجهزة الدولة. وقد عَبَّرَ وزير الاتصالات جوني القرم عن إحدى وسائل هذا التفادي بإعلانه أمس توقيف عدد من مرسلي رسائل نصية مشبوهة إلى هواتف المواطنين. وعلى مستوى الأفراد، يجدر بأي شخص أن "لا يفتح أي رابط الكتروني أو فيديو أو صورة ما لم يكن متأكّداً من مصدرها". ولمزيد من الحذر برأي قطايا "لا ضير من سؤال صاحب الرسالة عمّا إذا كان فعلاً هو مَن أرسلها أم لا. فأحياناً تصلنا رسائل من أصدقائنا أو من شركات ذات اسم تجاري معروف، لكنها في الحقيقة تكون رسائل خادعة والقصد منها قرصنة الجهاز". ويضيف قطايا أنه يمكن لأي شخص مهتمّ بعرضٍ ما يأتي من إحدى الشركات، أن "يدخل إلى الرابط الإلكتروني الخاص بالشركة، والتأكّد من أي عرض أو إعلان، والامتناع عن الدخول عبر الرابط المُرسَل كرسالة عبر الواتساب أو رسالة نصية عبر الهاتف". ويحذِر قطايا من محاولة "إعادة إرسال رسالة على أي رقم مشبوه أو إعادة الاتصال به، فأحياناً إعادة التواصل باتصال أو برسالة، يكون هو مفتاح تفعيل أمر ما، كالاختراق".
من الواضح أن المعركة السيبرانية جزء من الحرب الإسرائيلية على لبنان. ورغم الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها العدوّ في هذا المجال، يمكن للمواطنين اللبنانيين محاولة حماية أجهزتهم وبياناتهم قدر الإمكان، مع أن بعض الهجمات تكون "أكبر من قدرات الأفراد والدّوَل". وهنا تبرز مسؤولية الشركات المالكة للتطبيقات الكبرى، سواء في زيادة الحماية أو في الإعلان بشفافية عن الأخطاء أو الثغرات التي تحصل، ليتأكّد الجمهور ما إذا كانت المشاكل التي تواجههم، أعطالاً تقنية من الشركة الأم، أو هجوماً سيبرانياً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها