الجمعة 2024/10/25

آخر تحديث: 11:44 (بيروت)

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: لتدخل دولي عاجل لإنقاذ لبنان

الجمعة 2024/10/25
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: لتدخل دولي عاجل لإنقاذ لبنان
من المتوقع أن يشهد الاقتصاد اللبناني انكماشًا إضافيًا في العامين المقبلين
increase حجم الخط decrease
أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريرًا شاملاً يتناول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للتصعيد العسكري المستمر في لبنان خلال العام 2024. ويشير التقرير إلى أنّ الحرب جاءت في وقت حساس، يمر فيه لبنان بأزمة متعددة الأبعاد تتراكم منذ العام 2019، حيث يعاني البلد من انهيار اقتصادي، وتدهور في العملة الوطنية، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، وسط بيئة سياسية غير مستقرة. ولحظ التقرير أنّ التصعيد الحالي سيُفاقم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة بالفعل، مما يزيد من احتمالات انهيار اقتصادي واجتماعي واسع النطاق ما لم يتم التدخل بشكل عاجل وفاعل.

سياق الأزمة في لبنان
يشيرالتقرير إلى أن الأزمة اللبنانية بدأت تتفاقم منذ العام 2019، عندما شهدت البلاد سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية التي أدت إلى انكماش بنسبة 28% في الناتج المحلي الإجمالي، كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها، ما أدى إلى تضخم مفرط وضعف القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير. هكذا، تسببت هذه الأزمات في تدهور حاد لمستوى المعيشة، حيث أصبحت العديد من الأسر اللبنانية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.

في هذا السياق، يُعد التصعيد الحالي –بحسب التقرير- في العام 2024 أكثر تعقيدًا مقارنةً بحرب 2006، حيث يتميز باستخدام تقنيات عسكرية متقدمة، وزيادة مخاطر التدخل الإقليمي، الأمر الذي يضفي طابعًا جديدًا وأكثر تعقيدًا على الأزمة. ووفقًا للتقرير، يُتوقع أن تتجاوز تداعيات التصعيد الحالي تلك التي نتجت عن حرب 2006، حيث سيكون التأثير الاقتصادي والاجتماعي أعمق وأطول أمدًا.

التأثيرات الاقتصادية المباشرة
أسفر التصعيد حتى الآن عن مقتل 2412 شخصًا وإصابة 11285 آخرين، مما يعكس حجم الخسائر البشرية التي تكبدها لبنان حتى الآن. كما يتوقع التقرير أن يؤدي الصراع إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.2% بنهاية العام، مقارنةً بالسيناريو الذي كان سيتحقق في حال عدم وقوع الحرب. وبحسب التقرير، تقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة –حتّى الآن- بحوالي 2 مليار دولار، وهي خسائر مشابهة لما شهده لبنان خلال حرب 2006، والتي تراوحت بين 2.5 و3.6 مليار دولار.

التقرير يسلط الضوء على تضرر القطاعات الرئيسية في الاقتصاد اللبناني، مثل السياحة، والزراعة، والبناء. حيث يوضح أن قطاع السياحة قد شهد تراجعًا كبيرًا في الطلب على الحجوزات، مما أدى إلى انهيار العديد من الأعمال المرتبطة به وفقدان آلاف الوظائف.

وعلى الجانب الآخر، تعرض قطاع الزراعة لخسائر جسيمة، حيث تم تدمير المزارع والبنية التحتية الزراعية، ما أدى إلى فقدان العديد من العمال المزارعين لمصدر رزقهم. وأفاد التقرير بأن قطاع البناء أيضًا تأثر بشكل كبير نتيجة توقف مشاريع البناء الجديدة وتدمير المشاريع القائمة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في هذا القطاع.

التوقعات طويلة الأمد
التقرير يوضح أن التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة لن تقتصر على المدى القصير فحسب، بل من المحتمل أن تستمر لسنوات قادمة. فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد اللبناني انكماشًا إضافيًا في العامين المقبلين، حيث يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.28% في العام 2025، و2.43% في العام 2026، ما سيعكس استمرار التدهور الاقتصادي. كما يُتوقع أن تستمر معدلات البطالة في الارتفاع، مع فقدان المزيد من الوظائف وانحسار فرص التعافي الاقتصادي.

تشير التوقعات أيضًا إلى تراجع في مستويات الاستهلاك الخاص بنسبة 14.8%، مع انخفاض الاستثمارات الخاصة بنسبة 2.77%، مما يعكس ضعف الثقة في السوق وتراجع القدرة الشرائية للأسر اللبنانية. إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تتراجع التجارة الدولية للبنان، حيث يُتوقع انخفاض الصادرات اللبنانيّة بنسبة 9.84%، والواردات بنسبة 10.87%، نتيجة تضرر البنية التحتية وقيود التجارة.

الدعوة إلى الدعم الدولي
أمام هذا الوضع الحرج، يدعو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تدخل عاجل وشامل من المجتمع الدولي لدعم الجهود الإنسانية والتنموية في لبنان. ويوصي التقرير بتقديم مساعدات فورية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي، مع التركيز على توفير الدعم للقطاعات الأساسية مثل المياه والغذاء والصحة والبنية التحتية.

ويقترح التقرير مجموعة من التدخلات الضرورية التي يجب أن يشملها الدعم الدولي، مثل:

- تعزيز المؤسسات المحلية، إذ يُعد دعم السلطات المحلية أمرًا حاسمًا لإدارة تدفقات النازحين وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء. ويتطلب ذلك تعزيز قدرات هذه المؤسسات في التعامل مع الأزمة المستمرة، وتوفير حلول مستدامة طويلة الأمد.

- دعم القطاع الخاص:  يلعب القطاع الخاص دورًا رئيسيًا في التعافي الاقتصادي، وخاصة القطاعات الزراعية والسياحية والخدمية. وبحسب التقرير، ينبغي توجيه الدعم لتشجيع الاستثمار، وتقديم تسهيلات مالية، مثل القروض الميسرة والضمانات الائتمانية، لإعادة تنشيط السوق.

- إعادة بناء البنية التحتية:  يُعد إعادة بناء الطرق والمستشفيات والمدارس أمرًا أساسيًا لتعافي لبنان. ويحتاج البلد إلى تمويل كبير من المؤسسات الدولية لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك إعادة بناء شبكة النقل، ومحطات الطاقة، ومنشآت المياه والاتصالات.

- تعزيز الاستقرار الاجتماعي:  يجب تطبيق نهج يراعي النزاعات لمنع تصاعد التوترات المتعلقة بتوزيع المساعدات، وضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر ضعفًا، مع تعزيز آليات بناء السلام والحد من النزاعات.

وفي الخلاصة، يُحذر التقرير من أن عدم تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل وفعال قد يؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة، ويُفاقم من التوترات الاجتماعية والسياسية. ويُشدد التقرير على ضرورة تبني استراتيجيات تنموية شاملة ومستدامة لدعم التعافي الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، مع التأكيد على أن جهود الإغاثة الطارئة يجب أن تتكامل مع مبادرات التنمية طويلة الأمد.

 

 

 

 

 

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها