ولد معين بسيسو في حي الشجاعية العام 1928، وتلقى دروسه الأولى في مدارس غزة الحكومية. تأثر بأستاذه للغة العربية سعيد العيسى الذي علّمه كتابة الشعر. التحق العام 1943 بكلية غزة وهناك تعرّف إلى الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبي سلمى) الذي نشر له أول قصائده العام 1946 في مجلة "الحرية". تابع دراسته الجامعية والتحق بالجامعة الأميركية في القاهرة-قسم الصحافة. عمل معين بسيسو بعد تخرّجه في الصحافة والتعليم في مدارس وكالة الغوث الدولية في غزة. وأصبح في العام 1955 مديراً لمدرسة مخيم جباليا.
أصدر ديوانه الأول "المعركة" العام 1952. وانتمى إلى الحزب الشيوعي ووصل إلى موقع الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني في غزة. اعتقل وسجن أكثر من مرة في زمن الانتداب البريطاني. كما اعتقل وسجن في المعتقلات المصرية أكثر من مرة. يتذكّر بسيسو أنه، قرب المدرسة الوطنية في غزة، كان هناك بناء قديم اسمه "الدبوية": "وفي الطابق الثاني منه أمضى نابليون بعض الليالي قبل أن يكمل رحلته إلى يافا ومنها إلى عكا حيث توقف وتراجع تحت الأسوار. علّمتني غزة التاريخ مبكراً".
يتذكّر كيف شاهد تمثال المسيح في الكنيسة معلّقا ممدود الذراعين والكفّين وحافي القدمين. ولم يكن يتصوّر انه سيأتي اليوم الذي يعلّق فيه الفلسطيني فوق جدار المنفى. بقي سؤاله الشعري الصعب يقلق روحه وهو حين يلمس الفلسطيني أرض فلسطين.
رأى حسني بلال، أول الشهداء الفلسطينيين في غزة. رآه محمولاً على الأكتاف والدموع وملفوفاً بالعلم الفلسطيني. يقول: "كان أول درس أتعلّمه في الشارع وهو كيف يكون الموت ضد الموت".
أفرج عنه من سجن الواحات العام 1963 وبقي شريداً في المنافي. توجّه إلى بيروت العام 1982 في عزّ حصارها وشارك في تحرير صحيفة "المعركة". سأله ياسر عرفات: "لماذا اقتحمت الحصار وأتيت؟" أجاب: "أريد أن يعرف المقاتل إن شاعراً يقف معه حتى ولو لم أكتب". كرّمه أبو عمار بمنحه مع الشاعر محمود درويش درع الثورة للفنون والآداب. أصدر 15 ديواناً شعرياً وسبعة أعمال مسرحية و13 عملاً نثرياً. هذا إضافة إلى المقالات في الصحف والدوريات العربية. ترجمت معظم أعماله إلى الروسية والإيطالية والإسبانية والفرنسية واليابانية والفيتنامية. كما نال جائزة اللوتس العالمية. وقال غير مرة: "أنا في الشعر ضد بطولة تكريس الحرمان كقدر ومع الدفاع عن جوهر القضية".
كان معين بسيسو مشاركاً في أمسية مشتركة مع محمود درويش وسميح القاسم في لندن ويستعد لإلقاء قصيدة عنوانها "السفر".. حين توفي إثر أزمة قلبية مفاجئة. شكّلت وفاته صدمة كبيرة في فلسطين وفي أوساط الشعراء في العالم العربي. كتب سميح القاسم في رثائه:
متماوتٌ! قلها وفاجئنا، بأغنيةٍ جديدة.
لم يبق وقتٌ عندنا للموت إن ننقُص يزد أعداؤنا فانهض،
يا صاحِبي! في النعشِ مُتسعٌ لأغنيتين،
واحدةٌ تقولُ: أنا الكَفَنُ،
وتقولُ واحِدة: تَعبتُ من الرحيلِ إلى الرحيلْ وتعبتُ من وطنٍ يَموتُ بلا وطنْ!
يا صاحبي حياً وميتاً،
أيها النهمُ البَخيل، في النعش متسعٌ لصعلوكين،
كيفَ مضيتَ وحدكَ دونَ صاحبكَ القتيل؟
جرت محاولات عديدة لإعادة جثمانه إلى مدينته غزة لكن سلطات الاحتلال رفضت، فدُفن في القاهرة. لكن صوته ما زال يتجلى في كل فعل مقاومة في غزة، ومازال عنوانها في مكانه في القلب، مثل عنوان كتابه "فلسطين في القلب".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها