الخميس 2024/07/04

آخر تحديث: 10:55 (بيروت)

ماركيز وأزمنة الكوكاكولا في "عالم الكتاب"

الخميس 2024/07/04
ماركيز وأزمنة الكوكاكولا في "عالم الكتاب"
increase حجم الخط decrease
من ضمن محاور مجلة "عالم الكتاب" المصرية، "وصفة ماركيز/ كيف تكتب رواية"، وهذا أحد الأسئلة التي كثيراً ما تُوجه إلى الروائي، ولدى المرء دوماً إجابة مرضية تناسب مَن يوجه السؤال، لكن الأمر أبعد من ذلك، فمن المجدي محاولة الإجابة عنه، لا لمتعة التنويع فحسب، كما يقال، إنما لأنه يمكن الوصول من خلاله إلى الحقيقة، ولأن هناك أمراً مؤكداً وهو؛ أن من يسألون أنفسهم كيف تكتب الرواية، هم الروائيات بالذات.

هذا ما يقوله ماركيز في مستهل كتاب له بالعنوان نفسه "كيف تكتب الرواية؟"، (ترجمة صالح علماني). الأكثر متعة في الكتاب، ما كتبه ماركيز عن الكوكاكولا، فالمقال يكشف عن حس عال من السخرية، في فصل عنوانه "في تلك الأزمنة أزمنة الكوكاكولا"، يكتب ماركيز أن البضاعة الأولى التي نفدت بعد فرض الحصار الاقتصادي الأميركي على كوبا، هي الكوكاكولا.

وقد ساد الاعتقاد ـ كما يقول ماركيز ـ بأن من يشرب زجاجة الكوكاكولا في ساعة معينة كل صباح يتعرض للإصابة بفتنة أو إدمان شبيه بالإدمان على السيجارة أو القهوة، وكان يسود اعتقاد بأن ذلك ناتج عن مركب سري في الشراب، فقد كانت الكوكاكولا حتى عام 1903، تحتوي على الكوكايين، وقد اخترعت أول الأمر كدواء وليس كمرطب، لعلاج التشنجات المعوية.

حين سئل ماركيز عن مذاق الكوكاكولا قال: "لها مذاق الأحذية الجديدة" وعند انتصار الثورة الكوبية كانت إمكانات توسيع سوق الكوكاكولا في كوبا محدودة، لأن 900 ألف كوبي من بين 6 ملايين كانوا في ظروف تسمح لهم بشرائها بشكل منتظم، وحين استولى العمال الكوبيون على معامل التعبئة في هافانا لم يتمكنوا من مواصلة الإنتاج، لأن المادة الأساسية كانت تأتي من الولايات المتحدة الأميركية، والكمية المخزنة منها في المصنع كانت ضئيلة، والشيء الوحيد الذي بقي مبعثرا في أرجاء البلاد هو مليون زجاجة فارغة.

يقول ماركيز إن المتشددين أبدوا معارضتهم لمحاولة تصنيع بديل للشراب، يمثل رمزا لكل ما كان الكوبيون يودون نسيانه، لكن تشي عيفارا بوضوحه السياسي المذهل رد عليهم بالقول إن رمز الإمبريالية ليس في الشراب ذاته، وإنما في شكل الزجاجة بالذات، وكان غيفارا هو الذي قرر ـ كوزير للصناعة ـ بدء محاولة لتصنيع شراب بديل، وتم استخدام الزجاجات الفارغة في التعبئة، حتى إن ماركيز يقول: "كنا نحن الزائرين القادمين من بلدان رأسمالية، نشعر بنوع من البلبلة الذهنية، حين نتناول ليمونادة شفافة في زجاجة كوكاكولا".

وقد راجت في الشوارع الكوبية طرفة تقول إنهم حين قدموا العينة الأولى من ذلك المشروب البديل إلى غيفارا، تذوقها وتمعن في مذاقها بجدية ذواقة محترف، ثم قال دون أدنى تردد: "لها طعم البراز" وفيما بعد أعلن عبر التليفزيون أن لها طعم الصراصير، لكن هذا الشراب الجديد شق طريقه رغم ذلك.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها