السبت 2024/06/15

آخر تحديث: 12:51 (بيروت)

رحيل السيناريست السوري فؤاد حميرة...غزال خارج غابة الذئاب

السبت 2024/06/15
رحيل السيناريست السوري فؤاد حميرة...غزال خارج غابة الذئاب
increase حجم الخط decrease
توفي الكاتب والسيناريست السوري فؤاد حميرة، عن عمر ناهز 59 عاماً إثر نوبةٍ قلبية في مصر حيث كان يقيم منذ سنوات. وكان قد انتقل إلى مصر، من فرنسا التي لجأ إليها خلال الحرب السورية وإثر معارضته لنظام بشار الأسد.
ونعى كتّاب وممثلون سوريون وعرب ورابطة الكتّاب السوريين، السيناريست السوري الذي قدّم قبل سنوات مسلسله الشهير "غزلان في وادي الذئاب". وكتب السيناريست السوري سامر رضوان، في "فايسبوك" إن "الفجيعة تأكل قلبك كل يوم.. وتزداد اتساعاً ودمعاً كلما رحل واحد من الأصدقاء الجميلين". وأضاف: "(فؤاد حميرة) أحد أساتذة الكتابة الدرامية في سوريا، وصاحب الأعمال التي لا يمكن للأعمى أن يمرَّ بها من دون رفع قبعة الاحترام، يرحل حاملاً في حقيبة قهره سنين الخذلان والمنفى. فاجع رحيلك أيها الأستاذ المعلّم".
كما نعى الفنان السوري قاسم ملحو، حميرة، وكتب: "صاحب مسلسلات لها الأثر الكبير في درامانا السورية، منها غزلان في غابة الذئاب ورجال تحت الطربوش والحصرم الشامي وغيرها، الكاتب المبدع فؤاد حميرة يلبي نداء ربه". وأضاف: "العزاء لأسرته وأحبابه.. ترحموا عليه".

كما قال الكاتب السوري، محمد منصور ناعياً حميرة: "يكفي أنه وقف بجانب ثورة الحرية والكرامة، أياً كانت دوافعه وأسبابه، ويكفي أنه قد مات على عهد الثورة كي نقول له بكل احترام: وداعاً فؤاد حميرة. تستحق مكاناً طيباً في الذاكرة والوجدان".

وكتب المعارض فايز سارة: "عندما عرفت فؤاد حميرة قبل أكثر من ثلاثين عاماَ، عرفت شاباً يدخل أول بوابات الحياة عبر مهنة الصحافة، إذ تشاركنا العمل في مؤسسة واحدة. ومثل شباب كثيرين، كان راغباً بتغيير ما يحيط به من أحوال وظروف في المستويين الفردي والاجتماعي، ومنها صاغ طموحاته الأولى في الحياة وفي المهنة وفي العلاقات، وعلى طريقها انصبت جهوده وسط آمال عريضة بان القادم افضل وأحلى. وسط طريق صعب ومتعرج حقق فؤاد بعض تقدم في السير نحو طموحاته، فأسس لنفسه مكاناً في عالم الصحافة، وفي العلاقات أقام صداقات وتواصلات، فتح من خلالها الباب نحو الكتابة التلفزيونية، ووسط بيئة معقدة تحيط بالإنتاج التلفزيوني والعاملين فيه، احتل فؤاد حيزاً مقبولاً، آملاً أن يستقر فيه ويطوره في سياق حلمه في ما يراه من اتجاهات التغيير. فؤاد الذي دخل الحياة بقلب طفل، صدمته الوقائع بالتتابع في المهنة الأولى وفي العلاقات، وتلاحقت الخيبات، حيث فكر أن يستقر ويتقدم في عالم التلفزيون الذي وإن استطاعت الموهبة فتح البوابة اليه، فإن البقاء في فضائه وعلاقاته يتطلب مواصفات لا تتوافر عند فؤاد، إن لم نقل أن كثيرها لا يتوافق مع قناعاته الفردية والاجتماعية.
لم يتأخر فؤاد حميرة في الانتماء الى ثورة السوريين عندما أطلقت هتافاتها الاولى عن الحرية والشعب الواحد وضرورة التغيير، وكلها كانت بين هواجس وطموحات زينت بداياته، وشكلت موجهاً لخطواته، ومسار سيرته في الثورة، التي جهد من أجل وصولها إلى تحقيق أهدافها.
ومثل اغلب تجاربه السابقة، فقد أصيب بالخذلان من راكبي موجة الثورة وقيادات ومؤسسات المعارضة، وكان همهم تحويل السوريين من أبناء الثورة وأنصارها إلى مؤيدين من خشب لا روح فيهم، ولا مطالب لهم.
مسيرة طويلة من الخذلان عاشها فؤاد حميرة في حياته، امتدت في العلاقات مع أقرب المقربين، وتواصلت في المؤسسات التي عمل فيها ومعها، وأصابت الطموحات والقضايا التي سعى اليها، لأنه في التعامل معها أصر ان يكون صاحب قلب الطفل المحب الذي خذله أخيراً، فكتب قبل موته بساعات: … الموت حلو يالاولاد.
رحل فؤاد حميرة وسط خذلان متعدد ومتواصل، لكنه لم يتخلَّ أبداً عمّا آمن به، وما سعى من أجله، وخاصة طموح السوريين من أجل السلام والحرية والتغيير. سلام ورحمة لروح فؤاد حميرة العزاء للمحبين ولكل السوريين".

وكتب تيسير خلف "الصديق فؤاد حميرة في ذمة الله.. منذ سنوات وهو يعاني الكآبة، وكنت أظن وكنت أتمنى أن يخرج منها سالماً، لكنه مضى سعيداً بموته، كما خط على جداره قبل قليل.. ما يحزنني أنه لم يصدقني حين أخبرته أن الكآبة قرار شخصي.. كان يعتقد بأنها قدر لا فكاك منه.. وداعاً فؤاد". 

وكتب المخرج هيثم حقي "وداعاً فؤاد حميرة. خبر حزين لرحيل مبكر... وداعاً للصديق والكاتب الموهوب الذي خصني بواحد من أفضل أعماله الدرامية : الحصرم الشامي 
سنفتقدك كثيراً يا صديقي... وسيفتقدك محبو الفن الدرامي الذي كنت إضافة كبيرة لأفضل كتّابه".

ودوّن محمد نصار: "أيام قناة اوربت المشفرة، كانت تتميز بإنتاجها مسلسلات سورية ممتازة، اكتر هالمسلسلات أهمية كان مسلسل "الحصرم الشامي" بأجزائه الثلاثة، مسلسل كسر المتعارف عليه من تجميل التاريخ وتقديم بطولات وطنية وهمية، وقدم دمشق وتاريخها لحوالي مئتين سنة بدءاً من القرن السابع عشر بمبدأ الواقع كما هو، من دون تجميل، مستنداً إلى وثائق حقيقية عن دمشق الفقر والجوع والسرقات والقتل بتلك الفترة، المسلسل أثار اعتراضات كثيرة، وملاحقات قانونية عديدة، واعتراضات على تقديم النساء الشاميات كعاهرات، والرجال كخونة لشرفهم ووطنهم، وتم اتهام الكاتب فؤاد حميرة الذي رحل عنا اليوم، بوطنيته، إلا أنه أصر مع المخرج سيف الدين سبيعي على الاستمرار في أجزاء المسلسل، وما زال المسلسل لغاية اليوم من اهم الاعمال الي قدمت فترات تاريخية للشام.
مسلسل آخر من مسلسلاته لاقى هجوماً عليه هو "ممرات ضيقة"، ورفضته الرقابة كتير وتم ركنه بالدرج لسنوات لتقديمه قصصاً واقعية عن سجون النساء، لكن يبقى أشهر أعمال فؤاد حميرة هو "غزلان في غابة الذئاب"، لكن هو كان دايما يعتبر ان اهم أعماله هو "الحصرم" وكان يتضايق كتير انه القناة اللي عرضته كانت مشفرة، وكان يقول لو في عدل كان اسمي بيكون الاسم الأول بعالم الدراما السورية بسبب هذا العمل.
وفؤاد كان كثر في الوسط يبتعدون عنه لأنه كان يقول للأعور أعور بعينك، وكان يظهر كأنه هجومي كتير، لكن أعتقد الذي كان يحركه هو شعوره بالغبن، كان يرى أنصاف المواهب تتصدر المشهد وهو قاعد بالركن، هذا الشيء كان كثيراً ما يؤثر فيه. وآخر شيء أتذكره لفؤاد هو خناقته مع رشا شربتجي على مسلسل "كسر عضم" الجزء الأول واتهام المخرجة وكاتب العمل بسرقة نصه "حياة مالحة"، كتيرة القصص عن شخصية فؤاد الذي رحل عنا بمصر".

***
تعرض فؤاد حميرة في سوريا للاعتقال التعسفي والتعذيب خلال مدة سجنه، ثم ترحيله من فرع أمن الدولة في اللاذقية إلى فرع فلسطين سيِّئ الصيت في دمشق. وحال استعادته حريته، كان الخيار الأفضل للراحل هو المغادرة إلى العاصمة الأردنية، حيث بقي فترة قصيرة عمل فيها مع الراحلة مي سكاف وآخرين على مشاريع درامية لم تكتمل.

ثم حصل على حق اللجوء في فرنسا، لكنه سرعان ما غادر إلى القاهرة، ومن بعدها إلى إسطنبول، حيث حاول إطلاق مبادرة سياسية سورية تجمع أطياف الشعب السوري مع ناشطي الساحل. وكان قد انخرط في السلك السياسي ضد بشار الأسد خارج البلاد وانسحب في مرحلة لاحقة من "الائتلاف السوري المعارض".

وحميرة من مواليد العام 1965، عمل مدير تحرير لجريدة "الدستور" لمدة عشر سنوات. وكانت بداياته في مجال الدراما السورية من خلال مسرح "الشبيبة"، ثم في المسرح الجامعي ومسرح "العمال" قبل أن يتعرّف لاحقاً على الفنان والمخرج سليم صبري الذي أخذ بيده وعّلمه أسس كتابة السيناريو الخاص بالدراما التلفزيونية، ليقدم نتاج ذلك مسلسله "الحصرم الشامي" العام 2007.

ومن أهم أعماله: مسلسل "شتاء ساخن" (2009) و"الإمام الشافعي" (2007) و"ممرات ضيقة" (2007)، بالإضافة إلى مشاركته الدرامية في الجزء الرابع من مسلسل "الهيبة" (2019).

وكشف الراحل في تصريحات سابقة عن أسباب غيابه وقلة أعماله، قائلاً أن شركات إنتاج كثيرة ترفض العمل معه وتقديم أعماله، نظراً لجرأتها وخوفاً من السلطات السورية التي كان يعارضها.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها