لا توصيف أو تعبير حقيقياً للكتابة عن صورة طفل في خضم الحرب الإسرائيلية الوحشية والمدمّرة والقاتلة على لبنان وفلسطين. صورة الطفل(ة) أُنقذ جريحاً من غارة إسرائيلية قيل إنها في بعلبك، وبعد علاجه وخروجه من المستشفى، كان بين ذراعي امرأة، رغم الجروح والخدوش في وجهه ورأسه، يبتسم للكاميرا، ابتسامته البريئة أقوى من الدم والألم والدمار ومبعث أمل. تجعلنا نتذكر أغنية فيروز "بحرب الكبار شو ذنب الطفولة"، بل نقول ما ذنب الجميع في حرب الكبار؟ فأي مواطن يدفن حياً في غارة، لا ناقة له ولا جمل... المأساة الحقيقية، المأساة اليومية التي نعشيها ونشاهدها في كل لحظة، ناتجة عن الأضرار الجانبية في الحرب. لأجل اغتيال شخص، يُقتل مئة شخص.
لن أدخل في السياسة والتنظير والقيل والقال، وطهران وتل أبيب، وأميركا والمرشد الأعلى وأذرع ايران، والانتصارات، والشرق الأوسط الجديد، ولعنة المصالح الكبرى، والنفط، والنووي. لكني في الواقع، أجد الحروب الحالية كما الحروب السابقة، تؤسس لحروب ولحقد في المستقبل، ليس من مبدأ "أن الحياة صراع" كما يقول القوميون السوريون، بل أن ينشأ الأطفال على وحشية قصف الطائرات الحربية، وأسطوانة جدار الصوت، والتفجيرات الزلزالية والمداهمات اللاإنسانية في غزة، وإهانة الطاقم الطبي وقتل الناس وتشريدهم، من دون أن ننسى الإيديولوجيات الدينية، هذه كلها لن تؤسس لأمان أو هدوء أو سلام...
لا أخفي أني أتهرّب من أسئلة طفليَّ حول الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة، ومرات أتفادى متابعة الأخبار التلفزيونية حتى لا يطرحا الاسئلة عليّ، لكني في لحظة انتبهتُ إلى أنّ ابني الصغيرة يكلمني عن إسرائيل بوصفها مصدر الشرّ والقتل والعنف، أجواء الحرب غير المباشرة والإنزواء في البيت تفادياً لمصيدة الطائرات الحربية، جعلت ابني يلتقط من أطراف الحديث أن الشرّ الإسرائيلي يمنعه من الذهاب إلى الحديقة، أو زيارة أماكن بعيدة أو حتى إلى المدرسة بشكل منتظم.
ابنتي التي في العاشرة من عمرها، أصبحت متأثرة بأحاديث زميلاتها في المدرسة، تدعوني في رحلات التبضّع من التعاونية إلى مقاطعة بضائع الشركات الداعمة لإسرائيل. أمور صغيرة، كانت في الماضي وستبقى في المستقبل، إشارات إلى أننا سنبقى في دوامة صراع وعنف لا ينتهيان، هذا عدا عن أن الأبواق الاعلامية تؤسس لشرخ وتصدع كبيرين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها