مع تزايد معدلات البطالة وتراجع فرص العمل التقليدية وقلة أجورها، تلقى التطبيقات ومواقع العمل الإلكترونية رواجاً وإقبالاً متزايداً بين الشباب السوريين، الباحثين عن فرص عمل تضمن مصادر دخل مناسبة، رغم المعوقات وما تحمله من مخاطر التعرض للاحتيال.
وتتنوع مصادر العمل والمهام التي يقدمها الإنترنت بين الوظائف الإدارية عبر منصات التواصل الاجتماعي، والعمل الحر أو ما يعرف بـ"الفري لانسر" التي توفرها التطبيقات ومواقع التشغيل الإلكترونية لأصحاب الخبرات، ما يجعلها فرصة لتحقيق مداخيل نقدية في بلد يغوص قاطنيه في حفرة الفقر والبطالة والأزمات المعيشية.
"الفري لانسر" نافذة جديدة
وتعتبر زينب وهي خريجة لغة إنكليزية من جامعة دمشق، أن أهم ما يميز العمل عبر الإنترنت هو القدرة على إنجاز المهام من المنزل، من دون الحاجة لتحمل مصاريف المواصلات وضياع الوقت بالتنقل وشراء الألبسة وغيرها من الأكلاف، التي يفرضها الالتزام بالعمل الوظيفي التقليدي.
وأكملت زينب عامها الأول في مجال تفريغ المحتوى الصوتي والترجمة من اللغة الإنكليزية إلى العربية عبر الإنترنت، بعد تركها السلك التعليمي لانخفاض أجوره، التي لا تغطي متطلبات العمل الأساسية.
وتوضح لـ"المدن" أنها دخلت هذا العالم بعد مشاهدتها إعلانات وتسجيلات لأشخاص يتحدثون عن مزايا العمل الحر "الفري لانسر" أثناء تصفحها وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدأ بالبحث في المواقع التي تؤمن فرص ضمن تخصصها.
وتقول: "الأسابيع الأولى في هذا العالم تعتبر الأصعب والأقسى، والكثيرون يتركون المجال ضمن هذه الفترة، بسبب الإنتظار وإرسال السيرة الذاتية لأكثر من مرة والسعي الدائم لتحصيل المهام، خصوصاً وأن صاحب الطلب يفضل المتمرسين وأصحاب الكفاءة والتحصيل العلمي الذي يتوافق مع العمل المطلوب.
ويتراوح دخل زينب الشهري بين 70 و120 دولاراً أميركياً، بحسب الأعمال والطلبات التي تنجح بالاتفاق على تأديتها، وهي أضعاف ما كانت تحصل عليه خلال فترة عملها في مجال التدريس، إذ لم يتجاوز راتبها 13 دولاراً أميركياً شهرياً.
معوقات وتحديات كثيرة
يتحدث أحمد الذي يعمل في مجال المونتاج وتقديم أفكار المحتوى الإلكتروني، لـ"المدن" عن الصعوبات التي تواجههم، والمتمثلة بالانقطاع الدائم للكهرباء وعدم ديمومتها، وضعف شبكات الانترنت، فضلاً عن معضلة إستلام الأجور.
ويقول: "غالباً ما أجبر على إعادة العمل عدة مرات نتيجة انقطاع الكهرباء وضياع ما أنجز. أما تحميل الملفات وإرسالها، فيحتاج لتكاليف إضافية، بسبب اعتمادي على صالات الإنترنت لبطئ التحميل من باقة الاشتراك المنزلي. وهذا يضر أيضاً بعملي ومتابعتي الدائمة لأحدث ما يجري في عالم الانترنت، وخسارتي للكثير من الفرص التي أصبحت مصدر الدخل الوحيد بالنسبة لي".
أما العائق الأكبر، بحسب أحمد، فيتمثل باستلام الأجور فـ"معظم طلبات العمل تكون من خارج سوريا ومن دول لا تمتلك تواصل مصرفي مع البنوك المحلية، أو مواقع لا تدعم التحويل إلى سوريا بسبب العقوبات، خصوصاً الـ"الباي بال". ما يعني إرسالها إلى أحد الأشخاص خارج البلاد ثم تحويلها عبر المكاتب التي تستقطع نسباً كبيرة.
ومع ذلك، يؤكد أحمد على أن عمله ساهم بتطوير مهارته ووسع من شبكة علاقاته، ما فتح له أبواباً على مصادر دخل جديدة من دون وسيط، تغنيه عن انتظار الوظائف الحكومية أو الشركات الخاصة التي تحتكر هذا المجال وتحجمه في قوارير ضيقة.
لا قوانين لحماية العاملين
بدورها تعتبر فاطمة، وهي موظفة حكومية، أن العمل عبر الإنترنت ما زال غير آمن رغم المداخيل الجيدة التي يمكن كسبها من خلاله، كونه عملاً غير ثابت، فضلاً عن غياب القوانين التي تضمن حقوق العاملين.
وتوضح فاطمة التي تختص في إدارة الصفحات التجارية والرد على الاتصالات والرسائل، أن مخاطر التعرض للاحتيال وخسارة الأجور مرتفعة، لعدم وجود عقود عمل رسمية، وأيضاً الالتزام الشديد بالمواعيد.
وتقول لـ"المدن": فقدت أكثر من وظيفة لعدم اتصالي الدائم بالانترنت. وهذا يعود لانقطاع الكهرباء الطويل، عدا عن تعرضي للنصب وخسارة مستحقاتي الشهرية من العمل
مع صفحات تجارية خارج سوريا وداخلها، بعد عدة أشهر من العمل، لأسباب وذرائع مختلفة.
ورغم المخاطر والتحديات الكثيرة التي تقيد انسيابية وتطور العمل عبر الانترنت في سوريا، يرى العاملون فيه أنه طوق نجاة من براثن الفقر وانتظار الوظائف التقليدية، التي لا تتجاوز عوائدها 20 دولاراً أميركياً شهرياً .
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها