دفع غلاء الأدوية السوريين إلى شراء بعض الأصناف من الأسواق السوداء بدلاً من الصيدليات، رغم المخاطر الصحية المرتفعة الناجمة عن عدم خضوع الأدوية "المُهرّبة" التي تعرض على البسطات إلى الرقابة الصحية على فعاليتها وصلاحيتها.
وإلى جانب الغلاء في أسعار الأدوية، يضطر البعض إلى البحث عن بعض أصناف الأدوية في البسطات، لعدم توفرها في الصيدليات.
وبينما تطالب شركات الأدوية برفع أسعار الأدوية بسبب تكلفة الإنتاج المرتفعة وهبوط قيمة الليرة، يتهم صيادلة الشركات بعدم بيع العديد من الزمر والأصناف الدوائية، تحسباً لارتفاع قادم في أسعار الأدوية، بعد تأكيد نقابة الصيادلة في دمشق في وقت سابق من هذا الشهر، أن وزارة الصحة تدرس تعديل أسعار بعض أصناف الأدوية حتى لا يكون هناك انقطاع لهذه الأصناف من الأسواق.
وتقول شركات الأدوية إنها تتعرض لخسائر كبيرة لأنها تشتري المواد الأولية المستوردة بالدولار الأميركي، في حين تتم عمليات بالليرة السورية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب غلاء حوامل الطاقة والمستهلكات والمواصلات.
ولا تقتصر الاتهامات بالاحتكار على المستودعات وشركات الأدوية وإنما تعدتها إلى الصيدليات، وفق شهود ل"المدن" من حلب، موضحين أن "غالبية اصحاب الصيادلة يخزنون الأدوية ويمتنعون عن بيعها بذريعة عدم توفرها".
وتقول معلمة مدرسة تقيم في حلب ل"المدن" إنها تواجه صعوبة بالغة في تأمين بعض أصناف الأدوية مثل المضادات الحيوية، وأدوية ضغط ومميعات الدم، وتوضح أنه "قبل كل ارتفاع في سعر الأدوية تمتنع الصيدليات عن البيع"، مضيفة: "الغريب أن الأدوية تتوفر في اليوم التالي بعد التسعيرة الجديدة".
وبحسب المعلمة، فإن الفعالية العلاجية للأدوية المحلية تراجعت كثيراً، مبينة أنه "لا تمانع في رفع أسعار الدواء مقابل تحسين فعاليته وقدرته العلاجية".
من جانب النظام، أكدت وسائل إعلام رسمية أن حكومة النظام تتجه للموافقة على رفع سعر الأدوية، علماً أنه لم يمضِ على رفعها مدة طويلة، وبنسبة وصلت لأكثر من 50- 80 في المئة، مبررة ذلك بدعوى استمرار توفيرها في الأسواق، وتماشياً مع ارتفاع سعر الصرف وفق نشرة المصرف المركزي.
وأضافت أن صناعة الأدوية تحتاج لتكاليف كبيرة تدفع الشركات باستمرار للمطالبة برفع أسعارها تجنباً للخسارة أو الاضطرار لقفل أبوابها وتسريح كوادرها، لكن في الوقت ذاته يجب أن يُؤخذ الوضع الاقتصادي للمواطن بالاعتبار، من دون أن تقدم أي حلول أو تطالب بضرورة تحسين الوضع المعيشي ورفع الأجور.
وفي مطلع العام 2023، رفعت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري أسعار الأدوية بنسبة 50 في المئة، والحجة استمرار توفيرها في الأسواق، وقبل ذلك بنحو شهر جرى رفع الأسعار أيضاً، ما أدى في نهاية المطاف إلى استغناء غالبية السوريين عن شراء الأدوية إلا في الحالات الضرورية والقصوى.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها