اللجنة التي تم تشكيلها قبل عشرة أيام، أرسلت كتاباً يوم السبت إلى رئيس الائتلاف الأسبق نصر الحريري تطلب فيه منه المثول أمامها، بينما جدد الأخير اعتراضه عليها، متهماً أطرافاً في الائتلاف بالتآمر عليه.
الحريري يعترض
هذا الموقف أوضحه الحريري في رسالة وجهها للهيئة العامة للائتلاف يوم الاثنين، أكد فيها نيته عدم المثول أمام اللجنة المؤلفة من القاضي عبد الحميد حمادة رئيساً، والخبير القانوني اسماعيل الخلفان، والمحامي محمد صالح نجم، كأعضاء.
ويرى الحريري أن عمل اثنين من أعضاء اللجنة لدى الحكومة المؤقتة التي يرأسها عبد الرحمن مصطفى، الذي يمثل طرفاً أساسياً في الخلاف، "يؤثر على استقلاليتها". ويقول في تصريح لـ"المدن": "اعتراضي الأول على الشكل، فنحن أمام لجنة عسكرية على ما يبدو، لأن رئيسها يعمل لدى إدارة القضاء العسكري في وزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة، وأعضاؤها كذلك مرتبطون بالحكومة، وهذا يجعل الهدف من تشكيل اللجنة واضحاً، وهو تصفية الحسابات السياسية بسبب الموقف من انتخابات الائتلاف الأخيرة".
ويضيف: "أما من حيث المضمون فإن أي لجنة تحقيق يجب أن تشمل مهامها كل ما حدث من مخالفات أو أثير من قضايا تنظيمية ومالية وسياسية في الائتلاف على مدار السنوات الماضية، وعدم الاقتصار على خلاف شكلي من هذا النوع".
سبب الإشكال
وكان الحريري قد كشف في إحدى الرسائل التي وجهها إلى أعضاء الائتلاف، في الفترة التي سبقت الانتخابات التي جرت في أيلول الماضي، عن أن رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، قال أمام مجموعة من الأعضاء إن هادي البحرة سيفوز بمنصب الرئاسة "بالصرماية"، ما تسبب بضجة واسعة وغضب كبير في أوساط المعارضة السورية. واعترض الحريري مع نائب رئيس الائتلاف المنتهية ولايتها ربا حبوش، بشدة، على ترشح البحرة لرئاسة الائتلاف في الانتخابات الأخيرة، ودخلوا في سجال مع الكتل المهيمنة بسبب ذلك.
لكن مصطفى ينفي بشكل قاطع أن تكون هذه الجملة قد صدرت عنه، كما ينفي وقوفه خلف تشكيل لجنة التحقيق أو نيته الانتقام بسبب الخلافات التي شهدتها تلك المرحلة.
وقال لـ"المدن": "لا شك أن ادعاء نصر الحريري بأنني قلت هذا الكلام، أو أنني ضغطت لصالح انتخاب أي مرشح، أمر أساء لي كثيراً، لكن مع هذا فأنا لم أطالب بالتحقيق معه". وأضاف: "اجتمعت الهيئة السياسية للإئتلاف ووافقت على طلب مكون العشائر لتشكيل هذه اللجنة بأغلبية ساحقة، حيث صوت 23 عضواً لصالح المقترح، بينما امتنع عضو واحد عن التصويت، ولم يكن لي أي دور في اختيار أعضاء اللجنة ولا تجمعني بهم أي معرفة، وقد اتصلت بالحريري شخصياً وأبلغته ذلك".
إدانات وغضب
رغم ذلك، لا يبدو أن موقف مصطفى وحلفاؤه داخل الائتلاف يحظى بأي تعاطف، حيث شن الكثير من السياسيين والناشطين السوريين المعارضين هجوماً عليهم، متهمينهم بالإجهاز على المؤسسة وتجييرها لمصالحهم.
وقال الرئيس الأسبق للائتلاف معاذ الخطيب في رسالة تحت عنوان "رأيي حول محكمة الائتلاف": "لقد صارت المؤسسة مضحكة الشعب والدول، ولم تعد صورتها سوى أنها نسخة مصغرة عن النظام، تعيش على أرواح الناس، وتعكس كل مفاسد هذا النظام، وبدل القيام بتغييرات جذرية، فقد عمد المسيطرون عليها إلى مصادرة السلطة، وتبادل الطرابيش بطريقة مخجلة".
وأضاف الخطيب: "قامت الهيئة السياسية بإنشاء محكمة يتبع أعضاؤها للائتلاف، لا لدراسة الثغرات والفجائع التي قاد الائتلاف المعارضة إليها، بل للالتفاف على الواقع المرِّ، وهو أمر مؤسف".
الموقف القانوني
ويرى المحامي عبد الناصر حوشان، أن تشكيل اللجنة وصلاحياتها لا ينسجم والسند القانوني القائم، خصوصاً وأن أعضاءها من خارج الملاك، بالإضافة إلى العديد من النقاط التي تؤثر على سلامة موقفها.
ويقول لـ"المدن": "مع احترامي لأعضاء اللجنة الذين لا نشك بنزاهتهم، إلا أن قرار تشكيل اللجنة من قبل الهيئة السياسية أو من رئيس الائتلاف أو الحكومة، لا يستقيم والأصول القانونية، خصوصاً لجهة غياب السند القانوني لتشكيل لجنة من خارج الائتلاف، في ظل وجود المكتب القانوني التابع له".
الأمر الثاني الذي يشير إليه حوشان، (وهو عضو في نقابة المحاميين السوريين الأحرار)، يتمثل في تحديد ولاية اللجنة واقتصارها فقط على واقعة محددة، منبهاً من أن "تقصي الحقائق يفتح الباب لكشف مخالفات جسيمة، وربما جرائم لا يمكن لها أن تتجاوزها، وهذا يؤثر على سلامة ونزاهة اللجنة، مما يقتضي تشكيل اللجنة من أهل الاختصاص، تضم سياسيين وإداريين وقانونيين أكفاء".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها