أبصرت مبادرة تشكيل "مجلس قيادة ثورة موحد" يضم فيالق الجيش الوطني الثلاثة، النور أخيراً، بعد شد وجذب ورفض وموافقة ومفاوضات طويلة مع قادة الفصائل المنضوية تحت راية هذه الفيالق لتوحيد الموارد الاقتصادية القادمة من المعابر وإنهاء الاقتتال الدائم بسببها، وبالتالي منع تحرير الشام من استغلاله لاقتحام المنطقة عسكرياً.
وقال مصدر عسكري في الجيش الوطني ل"المدن"، إن المجلس الجديد يتألف من 28 عضواً من العسكريين والسياسيين التابعين للفيالق الثلاثة 7 منهم مستقلون، وسيتم على إثره تشكيل مجلس قيادة عسكري موحد، وإدارة اقتصادية واحدة، وقوة أمنية موحدة، وإدارة حواجز مشتركة، إضافة إلى مكتبين الأول للعلاقات العامة والآخر قانوني وهيئتان واحدة للرقابة والثانية عامة للشهداء.
رفض تركي
وأوضح المصدر أن فكرة تشكيل المجلس بدأت بمبادرة طرحها مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني السوري حسن الدغيم عقب دخول تحرير الشام إلى جندريس وعفرين بريف حلب الشمالي لدى تدخلها عسكرياً لصالح حركة أحرار الشام القاطع الشرقي (الفرقة-32) مع الجبهة الشامية (الفيلق الثالث) في حزيران/يونيو، ثم انسحابها بواسطة تركية، وما تبعها من تراشق الاتهامات الذي ساد حينها بين قادة الفصائل حول مسؤولية هذا الاختراق الذي تم بالتنسيق مع تحرير الشام وقائدها أبو محمد الجولاني.
ثم عادت مجموعة من الأكاديميين والناشطين في جامعة حلب الحرة بمبادرة توحيد مماثلة على خطٍ مواز مع مبادرة الدغيم، ومع مبادرة أخرى يعود تاريخها إلى الفوضى التي واكبت قضية محاسبة قائد فصيل سليمان شاه محمد الجاسم المعروف ب"أبو عمشة" في شباط/فبراير.
إلا أن "الجانب التركي لم يبدِ أي ردة فعل إيجابية على أي من المبادرات الثلاث" خلال طرحها من قبل القائمين عليها، مما اضطرهم للجلوس على طاولة واحد وتوحيد المبادرات، أخذت على إثرها شكلاً أكثر جدية، حسب المصدر.
موقف الفيالق
وأضاف المصدر أن أصحاب المبادرة التي أمست مشتركة طرحوا فكرتها في بادئ الأمر على قيادة الفيلق الثالث الذي أبدى "موافقته بشكل مباشر" عليها، في حين أدى "التفاعل السلبي" من الجانب التركي على الفكرة إلى موقف "متردد" من الفيلق الأول الذي يشكل فصيل "أحرار الشرقية" عموده الفقري، و"علّق الأخير موافقته بقبول جميع الأطراف عليها"، بينما كان موقف "ثائرون للتحرير" التي تعتبر الأقرب والأكثر ارتباطاً بالموقف التركي "معطلاً وليس متردداً".
لكن قائد ثائرون فهيم عيسى، عاد بموقف إيجابي بعد مرور عدد من الجلسات التفاوضية التي كان موقفه معطلاً فيها خصوصاً على نسب العائدات الاقتصادية من المعابر، وأبدى موافقته في الجلسة التي سبقت الاتفاق الكامل على المبادرة، موضحاً أن النسب توزعت 30 في المئة للفيلق الأول و36 في المئة للفيلق الثاني و34 في المئة للفيلق الثالث.
هل يستمر الاتفاق؟
ويأتي المجلس الموحد تزامناً مع نزاع عسكري بين الفصائل لأسباب كثيرة ضمن مناطق سيطرة الجيش الوطني، ويشكل الصراع على عائدات المعابر على وجه الخصوص أبرز أسبابها، وهو السبب الحقيقي لشرارة الاقتتال بين الفرقة-32 والفيلق الثالث قبل شهور، والذي أدى إلى ولادة هذه المبادرة بالوقت نفسه، بعد تدخل تحرير الشام.
وعند هذه الصراعات التي جرّت المنطقة إلى فلتان أمني، يرى الباحث السياسي في مركز "جسور" للدارسات وائل علوان في حديث ل"المدن"، أن المبادرة مطلب قديم متجدد، تدعو إليه الحاجة لاستقرار مناطق الجيش الوطني أمنياً وعسكرياً، والحاجة لتنظيم الفصائل مؤسساتياً وإدارياً ومالياً، لكن يبقى اختبار جدية التنفيذ بعد الوصول لهذا الاتفاق، ثم آثار ذلك على المناطق المحررة.
وقال علوان: "ليس تشاؤماً، لكن ليس كل ما يُعلن ويقال صحيح، وليس كل ما سيذكر من وعود وأهداف سيتحقق"، موضحاً أنها بمثابة خلق آلية إدارة واردات المعابر بين الفصائل كي لا يحصل أي صدام بينها يكون فرصة جديدة للجولاني".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها