وأشار الكاتب جوش روغن إلى أن العاهل الأردني عبدالله الثاني قاد تطبيعاً إقليمياً سريعاً مع حكومة الأسد، منذ أن التقى بالرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. ورغم تعارض التطبيع مع السياسة الأميركية، لكن إدارة بايدن قررت أنها لن تكافح بنشاط هذا الاتجاه التطبيعي مع سوريا بعد الآن.
واعتبر روغن أن الاتصال بين الملك الأردني والأسد، أنهى سياسة استمرت عقداً من الزمن لعزل الأسد. وكشف أن أعضاء الكونغرس وجماعات المعارضة السورية الذين يدركون أن الأردن أعاد فتح حدوده مع سوريا قبل أيام قليلة فقط، غضبوا حقاً وطالبوا إدارة بايدن بالتحرك. وتابع أن التطبيع مع النظام السوري ليس جديداً، لكن سرعته المتقدمة تنذر بالخطر للكثيرين.
ونقل الكاتب عن رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض سالم المسلط قوله: "كيف يمكنك أن تكافئ حاكماً قتل شعبه بالأسلحة الكيماوية وجعل أكثر من نصف سكان البلاد لاجئين؟"، مؤكداً أنه "الآن، يبدو أن لا أحد يقول لا للتطبيع، وكلمة واحدة من إدارة بايدن ستحدث فرقاً كبيراً".
وأشار الكاتب إلى أن بايدن أعطى تأكيدات صريحة بأنه لن يُعاقب المطبعين مع نظام الأسد بموجب قانون قيصر، رغم مطالبة المعارضة السورية الحكومة الأميركية والمجتمع الدولي بمواصلة الضغط على النظام السوري، خلال زيارتها لواشنطن قبل أسابيع.
ونقل الكاتب عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله إن "سياسة الولايات المتحدة لا تزال هي منع أي دولة عن تطبيع العلاقات مع الأسد. لم نعطِ الأردن ضوءاً أخضر أو برتقالياً".
وأضاف المسؤول للصحيفة، "لم نؤيد الاتصال بين عبد الله والأسد. لقد أوضحنا أن قيود العقوبات لا تزال سارية ولا ينبغي أن يأتي شيء بالمجان". ورغم المعارضة للاتصالات مع النظام إلا أن المسؤول اعترف بأن إدارة بايدن لن تعمل بنشاط بعد الآن لمنع الدول من التعامل مع الأسد، إلا عندما يتطلب القانون ذلك على وجه التحديد.
وتطرق الكاتب إلى صفقة نقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، "مما سيؤدي بالتأكيد إلى مدفوعات نقدية للأسد، معلقاً بأنه وبدلاً من افشال الصفقة، نصحت إدارة بايدن الدول المشاركة بأنه يمكنها تجنب العقوبات عن طريق تمويل الصفقة من خلال البنك الدولي، مما يعزز بشكل أساسي ثغرة في القانون الأميركي".
وقال المقال إن صفقة الغاز المصري عبر سوريا تُظهر بوضوح النهج الجديد للولايات المتحدة الذي تعارض فيه الولايات المتحدة التطبيع مع سوريا في العلن لكنها تسمح به في السر، كان ذلك واضحاً في الأسابيع التي تلت اجتماع بايدن وعبد الله في البيت الأبيض.
ضوء أخضر أميركي
ومن مظاهر السياسة الأميركية الجديدة اجتماعات وفد النظام السوري مع بعض القادة العرب، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد تلك الاجتماعات تعهد وزير الخارجية المصرية بسامح شكري بالمساعدة في "استعادة مكانة سوريا في العالم العربي".
ويبرر مؤيدو التطبيع مع سوريا بأن 10 سنوات من العزلة والضغط على الأسد لم تسفر عن أي تقدم في التسوية السياسية، بينما أدت العقوبات إلى تفاقم معاناة السوريين. كما يجادلون بأن الانخراط العربي يمكن أن يضعف القوة الإيرانية في سوريا.
وذكر الكاتب بأن كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط بريت ماكغورك قال خلال مقال عام 2019، إن "الولايات المتحدة يجب أن تكف عن معارضة الجهود التي يبذلها شركاؤها العرب لتطبيع العلاقات مع الأسد". وكتب كذلك أن "على الولايات المتحدة تشجيع شركائها داخل سوريا، مثل قوات سوريا الديمقراطية، على إبرام اتفاق مع الأسد حتى تتمكن القوات الأميركية من المغادرة ويمكن لروسيا والحكومة السورية تولي المسؤولية هناك".
وبحسب روغن فإن المشكلة الأساسية في هذا النهج هي أن نظام الأسد وروسيا انتهكا كل الصفقات المبرمة مع المعارضة المحلية، مما يعرضها لقسوة ومعاناة جديدة، وستكون النتيجة على المدى الطويل المزيد من التطرف واللاجئين وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
واعتبر الكاتب أن الأمل الوحيد في تحقيق سلام واستقرار وعدالة حقيقية في سوريا هو أن تعاود الولايات المتحدة الانخراط دبلوماسياً وتعمل على إحياء العملية السياسية الدولية وقيادتها. في هذه الأثناء، يجب على الولايات المتحدة أن تساعد في تحسين حياة السوريين الذين يعيشون خارج سيطرة حكومة الأسد، بدلاً من نصحهم بعقد اتفاقات معها، معتبراً أن التطبيع مع النظام السوري لن ينهي الحرب، وغض النظر الأميركي عن ذلك هو استراتيجية مفلسة أخلاقياً واستراتيجياً.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها