ورغم أن اجتماع "الهيئة" كان مقرراً السبت، إلا أن عدم الاتفاق على جدول الأعمال دفع لتأجيل انطلاقته إلى يوم الأحد، الذي شهد انتخاب أنس العبدة رئيساً جديداً للهيئة، بغياب ثلاثة من مكوناتها، وهي هيئة التنسيق الوطني ومنصتا القاهرة وموسكو، بالإضافة إلى العضوين بسمة قضماني وابراهيم الجباوي، بينما تأجل انتخاب نائب الرئيس وأمين السر، مع تمديد الاجتماع الذي يجري عبر الانترنت، ثمان وأربعين ساعة أخرى، حسب مصادر من الهيئة.
المصادر أبلغت "المدن" أن التمديد جاء بهدف اقناع الفئات المقاطعة من أجل الالتحاق بالاجتماع، الذي يعتبر رغم ذلك قانونياً حسب النظام الداخلي للهيئة، الذي يتطلب حضور 19 عضواً ليكون النصاب مكتملاً، بينما عدد الحضور المسجل في الاجتماع الحالي حتى الآن 22 عضواً، وأن المجتمعين فضلوا الاقتصار على إنجاز انتخاب رئيس الهيئة، الملف غير الاشكالي بالنسبة لجميع الأطراف، وتأجيل النظر بالملفات الاشكالية ليتم بحثها بحضور الجميع، حفاظاً على تماسك الهيئة واستمرارها في تمثيل جميع قوى المعارضة".
ما يجري في "هيئة التفاوض" يعبر عن خلافات الدول المؤثرة على القوى التي تتكون منها هذه المؤسسة، وهو ما أشار إليه المعارض السوري سمير نشار في تغريدة قال فيها: "خلافات هيئة التفاوض حول كتلة المستقلين أثبتت أنها موزعة الولاءات للدول الاقليمية وليس للسوريين، وبالتالي فهي لا تمثل مجتمع قوى المعارضة السورية".
لكن نائب رئيس الهيئة الحالي، وممثل منصة القاهرة جمال سليمان يرى أن السبب الحقيقي للخلافات، إلى جانب تصاعد الاستقطاب الاقليمي، هو هيمنة الائتلاف على الهيئة بسبب انحياز معظم المستقلين له.
وفي تصريح ل"المدن"، أكد سليمان أن "المشكلة ليست في انتخابات الرئاسة، فهذا استحقاق ملزم و متفق عليه، وقد جرى سابقاً تأجيله لثلاثة أشهر لأنه تزامن مع بدء أعمال اللجنة الدستورية، وبالتالي لم تكن الظروف مناسبة للدخول في الانتخابات. ثم جاء بعد ذلك موضوع تمثيل كيان المستقلين داخل الهيئة، ثم بعدها انتشار جائحة كورونا التي عطلت الاجتماعات الفيزيائية المباشرة".
وأضاف أنه "خلال السنتين الماضيتين ظهرت مشكلة عدم وجود توازن داخل الهيئة التي تتألف من ستة مكونات، من بينها مكون المستقلين، الذي أثبتت التجربة أن معظم أعضائه، و عددهم ثمانية، (أي ما يعادل عدد ممثلي مؤتمر القاهرة و منصة موسكو مجتمعين، وبالتالي أكبر كتلة عددية في الهيئة)، يدورون في فلك الإئتلاف، بل إن بعضهم أعضاء في الإئتلاف ولم يمثلوا في الحقيقة توجهاً مستقلاً يحقق جوهر وجودهم كقوة مستقلة سياسياً عن الكتل التنظيمية الموجودة في الهيئة، بما يحقق التوازن المطلوب ويؤدي لتمثيل إرادة طيف واسع و متنوع من المجتمع السوري المعارض".
وتابع أن انحياز المستقلين "أدى إلى شعور باقي المكونات بأن القرار في الهيئة يقع في غالب الأحيان بقبضة الائتلاف، مما خلق شعوراً بالإقصاء وتناقضاً مع جوهر القرار 2254 الذي يؤكد على التمثيل الفعلي لاطياف المعارضة و رؤاها السياسيه"، بحسب سليمان.
وحول رؤية كل طرف لملف المستقلين في الهيئة، باعتباره الملف المعطل حالياً، قال سليمان: "خلال مؤتمر الرياض-2، وبسبب عدم وجود مرجعية تنظيمية للمستقلين، فقد تم الاتفاق على أن تجري اعادة انتخابات سنوية لمكوّن المستقلين، مما يتيح فرصة تجديد الأصوات و الحفاظ على الاستقلالية".
وأوضح أن ذلك "لم يجرِ في السنة الأولى، و عندما جرى في السنة الثانية ظهرت اعتراضات كثيرة من قبل معظم المستقلين و كذلك ممثلي الائتلاف، الذين اعتبروا أن ذلك غير قانوني وغير شرعي، بينما نعتبر نحن في مؤتمر القاهرة وهيئة التنسيق ومنصة موسكو أنه أمر مشروع".
وشدّد سليمان على أن "المسألة بالنسبة لنا ليست شخصية ولا تناحرية، و نحن نكّن لزملائنا، سواءً في الإئتلاف أو المستقلين، كل تقدير و كل احترام، ونسجل بأننا استطعنا معا أن ننجح في كثير من الامتحانات الصعبة وأن نخدم قضيتنا الوطنية بتوافق وبإخلاص، و لكن في أحيان أخرى، وخاصة في السنة الأخيرة، برزت هيمنة غير صحية للائتلاف على الهيئة بسبب انحياز معظم مكون المستقلين لرؤيته السياسية والتنظيمية، وكذلك اشتداد الاستقطاب الإقليمي بصورة قاسية و فجة".
ورأى أن ذلك "انعكس على مكون المستقلين بشكل سلبي، و أصبح لا بد من إجراء تغيير يحافظ على التوازن في الهيئة الذي هو أولويتنا قبل الرئاسة وغيرها من المسائل غير الجوهرية بنظرنا".
وكان رئيس هيئة المفاوضات المنتهية ولايته نصر الحريري، قد رفض نتائج اجتماع الرياض الذي عقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وأفضى إلى اختيار ممثلين جدد عن فئة المستقلين، حيث اعتبرت الهيئة أن الاجتماع يخالف النظام الداخلي كما أنه جرى بغياب أكثر أعضائها، كما وجه الحريري رسالة إلى السعودية تم الكشف عنها في آذار/مارس الماضي تعترض على الطريقة التي عقد بها الاجتماع وما نتج عنه.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها