من المنتظر أن يصدر عن الخارجية الأميركية قائمة استثناءات لبعض التعاملات الإجبارية مع مصرف سوريا المركزي، الذي طاولته الحزمة السادسة من عقوبات "قيصر"، تشمل التعاملات الإنسانية والصفقات المتعلقة بالغذاء والاحتياجات الإنسانية، وهذا ما تنتظره المصارف الخاصة في سوريا البالغ عددها 13 مصرفاً، والتي تعود أصولها إلى مؤسسات مالية عربية، ودولية، لتحديد قرارها بالانسحاب نهائياً من السوق السورية خشية العقوبات، أو البقاء.
ومنذ اندلاع الثورة السورية، حافظت المصارف الخاصة على مكانها في السوق السورية، لكن بالحد الأدنى من العمل المالي، غير أن إدراج المركزي السوري على عقوبات "قيصر"، سيؤدي إلى تنامي مخاوف هذه المصارف من شبح العقوبات، وخصوصاً وأن المركزي السوري أرغمها في أكثر من مرة على التعامل معه من خلال شراء شهادات إيداع.
ويبدو أن من شأن الخطوة الأميركية إدخال المصارف في حالة مراجعة حول قرار استمرارها في السوق الداخلية السورية، وهو ما أكد عليه المستشار الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات" خالد التركاوي، مرجحاً أن تشهد السوق السورية خلال الفترة المقبلة، انسحاب عدد من المصارف.
وضمن قراءته لتأثيرات إدراج المركزي السوري على عقوبات "قيصر"، توقع التركاوي خلال حديثه ل"المدن"، أن تلجأ المؤسسات الأجنبية التي لها أفرع في سوريا، إلى طرح نسبة من رأسمالها للبيع (أكثر من 50 في المئة) إلى مساهمين محليين، لتفادي العقوبات، بحجة أنها غير مؤثرة في قرار المصارف، وكمثال على ذلك، كشف بنك "بيمو السعودي الفرنسي" الأربعاء، عن مفاوضات متقدمة لشراء نسبة تقارب النصف من رأسمال بنك "عودة سوريا".
ولفت التركاوي إلى أن العُرف الأميركي في التعامل مع المصارف في الدول الموضوعة على لائحة العقوبات، يستثني تلك التي لا تحوذ فيها الشركة الأم على أكثر من نصف الأسهم من العقوبات، كما هو حال "بنك بركة" التابع لمجموعة "دلة البركة" السعودية، حيث تمتلك الشركة الأم نسبة أقل من نصف الأسهم، بينما تعود بقية الأسهم لمستثمرين محليين على علاقة بالنظام السوري.
بدوره، يرى مستشار العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية ناصر زهير أنه ليس بالضرورة أن تنسحب عملية بيع "عودة سوريا" على باقي المصارف الأجنبية العاملة هناك، لكن تعاملها في السوق السورية سيكون محدوداً جداً. وقال ل"المدن": "قياساً على الحالة الإيرانية، حافظت المصارف الأوروبية هناك على تواجدها المُجمد في ظل العقوبات الأميركية على طهران، لكنها بدأت تستعد للنشاط من جديد في العام 2015، بعد توقيع الاتفاق النووي".
وأضاف أنه "لدى المصارف الأجنبية حجة دائمة تمكنها من البقاء في الدول الموضوعة على لائحة العقوبات، وهي الحفاظ على مصالح العملاء، لكن بتعامل محدود جداً مع المصرف المركزي"، مؤكداً أن المصارف الخاصة في سوريا لها تجربة طويلة في التعامل مع العقوبات، لأن النظام المصرفي السوري خاضع للعقوبات الأوروبية والأميركية منذ مدة طويلة. وحسب المستشار، فإن عقوبات "قيصر" حتى الساعة لا زالت شكلية وغير مؤثرة في العمق.
فيما جزم الباحث الاقتصادي في جامعة "يوزنجويل فان" التركية أحمد ناصيف بأن العقوبات على المركزي السوري سترغم المصارف الخاصة المملوكة لشركات أجنبية إلى الإعلان عن الانسحاب نهائياً من السوق السورية. وأوضح ل"المدن"، أنه ليس من مصلحة أي بنك تعريض اسمه للعقوبات، وخصوصاً إذا ما نظرنا إلى إجبار المركزي السوري للمصارف على التعامل معه.
يُذكر أن الحزمة السادسة من العقوبات الأميركية، التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الثلاثاء، شملت 17 فرداً وكياناً مرتبطين بالنظام السوري، منهم أفراد في عائلة أسماء زوجة بشار الأسد، المقيمين في المملكة المتحدة، ومصرف سوريا المركزي.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها