بالتزامن مع انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، يشهد الساحل السوري حالة انكماش اقتصادي وجمود، من دون أن تترافق مع انخفاض في أسعار البضائع التموينية، بحسب مراسل "المدن" شادي الأحمد.
إذ ترافق ركود الأسواق مع مظاهر غريبة؛ خلو المؤسسات الحكومية التموينية من البضائع الغذائية الرئيسية، وارتفاع أسعار بعضها بشكل مفاجئ، وانتشار بضائع إغاثية عليها شعار الأمم المتحدة في الأسواق الشعبية.
وتبع ذلك نقص في الكميات الموزعة من السكر والسمن ومواد التنظيف. وعلمت "المدن" أن اختفاء بعض البضائع التموينية الرئيسية ترافق مع زيادة التصنيع في معامل المعلبات الغذائية والكونسروة في الساحل. إذ نشطت المعامل خارج أوقات عملها الطبيعية. وتبين لـ"المدن" أن ندرة المواد التموينية، رغم انكماش الأسواق، يعود إلى سياسة جديدة للنظام بسحب المواد التموينية تباعاً من السوق، وإلزام أصحاب معامل المعلبات على زيادة الإنتاج، لإرسالها عبر معابر التهريب إلى لبنان لصالح "حزب الله" اللبناني، لدعم بيئته بالمواد الغذائية التي يحتاجها.
ويُشرف على معابر التهريب إلى لبنان "حزب الله" بشكل مباشر وبالتنسيق مع النظام. مسؤول قسم انتاجي في معمل غذائي مشهور في الساحل، قال لـ"المدن"، إن ارسال البضائع إلى جهات لبنانية جاء بعدما أخطرت الأجهزة الأمنية أصحاب المعامل، بضرورة التعامل مع مسؤولين جدد من "حزب الله" في اللاذقية. وهذه المعامل الخاصة كانت تلتزم سابقاً بتقديم كميات كبيرة من المنتجات لمقاتلي "حزب الله" داخل سوريا عبر وسطاء، أما اليوم فيعمل وسطاء الحزب على توريد المواد إلى الداخل اللبناني أيضاً.
ووجه النظام مؤسساته العامة، والمعامل الخاصة، لدعم بيئة "حزب الله" بالمواد الضرورية واليومية، لعزلها عن تداعيات الحراك الشعبي في لبنان. ويعمل "حزب الله" مع المداجن الرئيسية في طرطوس واللاذقية، على استيعاب الكمية الفائضة عن الأسواق السورية، نتيجة انكماش الحركة الاقتصادية، بـ"تصديرها" إلى لبنان. وتسبب ذلك باستقرار سعر بعض المواد المُنتجة في الساحل. وفعلياً باستثناء الزيوت، لم تشهد المواد التموينية الأخرى من المعلبات ومنتجات الدجاج، ارتفاعاً في الأسعار داخل اللاذقية حتى الآن.
ومع خلو السوق من الزيوت النباتية والسمن والزبدة والملح، غرقت الأسواق الشعبية في الساحل ببضائع كان تجار مرتبطون بعصابات آل الأسد، قد اقتطعوها عنوة من مخصصات الإغاثة. وباتت البضائع التموينية المختومة بشعارات الأمم المتحدة متوافرة في الأسواق، بأسعار زهيدة، وتباع عبر البسطات المتواجدة في كل زاوية من شوارع المدينة من دون ترخيص أو رقابة.
وهذه المواد سُرقت من مخصصات الإغاثة الدولية، من قِبل مليشيات "الدفاع الوطني" و"جمعية البستان"، خاصة من جماعة يسار الأسد وأبناء عمومته، الذي حصل عام 2012 على مناقصة تسمح له بتأمين وتغليف المنتجات الإغاثية الواصلة إلى سوريا. وأشرف أبناء العائلة الحاكمة على "حق" تجارة المواد الإغاثية المخصصة للتوزيع المجاني في سوريا.
وما يحدث اليوم هو اختفاء البضائع من مؤسسات الحكومة التموينية، لصالح تهريبها إلى بيئة "حزب الله" في لبنان، ويتم التعويض عنها ببضائع الإغاثة المنهوبة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها