درعا: الطيران الروسي يمّهد لمليشيات إيران

يدور الحديث عن رغبة "مركز المصالحة" في قاعدة حميميم الروسية، الدخول في مفاوضات "غير مشروطة" مع فصائل المعارضة في الجنوب السوري، لـ"تسوية الوضع"، بعد ساعات من تدخل الطيران الروسي الحربي لدعم معركة تقودها مليشيات إيرانية. ويتوقع أن ترفض فصائل المعارضة العرض الروسي، لأنها تعتبر المفاوضات بداية الطريق لتسليم السلاح الثقيل وإعادة النظام إلى المناطق المحررة، أي اﻹستسلام. وحتى اللحظة لم تعلن غرفة العمليات العسكرية للمعارضة عن موافقتها أو رفضها الدخول في مفاوضات مع النظام برعاية روسية.

واستهدفت قوات النظام أحياء درعا البلد المُحررة بأكثر من 60 صاروخ أرض-أرض من نوع "فيل"، وقرابة 15 برميلاً متفجراً، مع ساعات الصباح الإثنين اﻷولى. وتجاوز عدد الغارات الجوية التي استهدفت قرى وبلدات الريف من الشرقي من درعا 50 غارة كان النصيب اﻷكبر منها لبلدة بصر الحرير.

وكانت قوات النظام والطيران الروسي قد استهدفا، خلال الساعات الـ24 الماضية، قرى وبلدات اللجاة وبصرالحرير والحراك والصورة في ريف درعا الشرقي، بأكثر من 150 غارة وبرميلاً متفجراً، ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقتل في الحراك شقيقان، أحدهما ممرض والأخر متطوع بالدفاع المدني.

القصف تزامن مع محاولات النظام التقدم بإتجاه بلدات اللجاة، خاصة بلدة جدل والتي تمكنت مليشياته من السيطرة عليها لساعات قبل أن تشنّ فصائل المعارضة هجوماً عكسياً استعادت فيه السيطرة الكاملة على البلدة، وقتلت العديد من عناصر المليشيات فيها عُرف منهم العقيد هيثم أحمد عبود من "قوات النمر".

وقالت غرفة العمليات المركزية للمعارضة إنها تمكنت من التصدي لمحاولة تسلل لمليشيات للنظام وإيران على محور "القاعدة الجوية" غربي درعا، ودمرت سيارة مزودة برشاش في "كتيبة الرادار" القريبة من بلدة ناحتة.

وكانت روسيا قد تدخلت بشكل مباشر في معارك الجنوب ليل السبت/اﻷحد بعد استهدافها بلدة بصر الحرير بعشرات الغارات الجوية مخلفة أضراراً في الممتلكات. ويشير التدخل العسكري الروسي المباشر، بحسب مراقبين، إلى انتهاء العمل بمنطقة "خفض التصعيد" الجنوبية.

القصف الروسي ودخول المعركة إلى جانب النظام، ترافق بإسناد من المليشيات اﻹيرانية على اﻷرض، والتي بدأ النظام بإستقدامها للمنطقة منذ منتصف أيار/مايو. وتوزعت المليشيات الإيرانية في أرياف القنيطرة ودرعا الشرقي والغربي، ويتجاوز عدد مقاتليها ألف مقاتل.

مجموعات "حزب الله" اللبنانية أعادت تمركزها في منطقة "مثلث الموت" بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل. وسبق أن انسحبت تلك المجموعات قبل شهر من قرى وبلدات ديرالعدس والدناجي وديرماكر والهبارية وتلال فاطمة وقرين وتلة أيوبا و"اللواء 121" في ريف دمشق الغربي، لتعود للمنطقة بزّي قوات "الحرس الجمهوري".

مليشيا "لواء القدس" الفلسطيني التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني مباشرة، تمركزت في مدينتي البعث وخان أرنبة في محافظة القنيطرة بقيادة قائدها محمد سعيد. في حين توزعت عناصر ومجموعات مليشيا "الحرس القومي العربي" بقيادة ذو الفقار العاملي، في بلدة جبا وقيادة "اللواء 90" في بلدة كوم اللويسية في ريف القنيطرة.

مليشيا "لواء فاطميون" اﻷفغانية والتي شاركت في معارك "مثلث الموت " في العام 2015 وصلت إلى مطار الثعلة في ريف السويداء الغربي. في حين تتمركز "القوة الجعفرية"، والتي تضم مقاتلين شيعة من سوريا والعراق ولبنان، في مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا اﻷوسط. ووردت أنباء عن استهداف إسرائيل لمواقع بعض تلك المليشيات، اﻷحد، من خلال طائرة استطلاع حلقت بإتجاه الشريط الحدودي مع الجولان.

وتعتبر أغلب القوات التي زج بها النظام في معركة الجنوب ذات مرجعية شيعية، بما فيها مليشيا "قوات النمر" بقيادة سهيل الحسن، وقوات "الفرقة الرابعة" التي يقودها ماهر اﻷسد. ويعتبر "فوج الحيدر"، الذي يضم مقاتلين من بلدات كفريا والفوعة ونبل والزهراء، من أهم مكونات "قوات النمر" التي وصلت إلى قرى وبلدات الريف الغربي من محافظة السويداء، وشاركت في محاولات تسلل واقتحام بإتجاه بلدات اللجاة.

"لواء زينبيون" و"لواء الباقر" استقدما أعداداً قليلة إلى الوحدات العسكرية القريبة من مدينة ازرع وبلدة جباب في ريف درعا.

وبالرغم من التحذيرات الإقليمية عموماً، واﻹسرائيلية خصوصاً، بضرورة إبعاد تلك المليشيات عن المنطقة الجنوبية، إلا أن النظام ما زال يدفع بالمزيد منها إلى الجنوب، ليس تجاوزاً للخطوط التي رسمتها إسرائيل مسبقاً وإنما ربما نتاج تفاهمات روسية-إسرائيلية أكدتها المشاركة الروسية في المعركة.