عاد اسم محمد حمشو، رجل الأعمال المسؤول عن استثمارات ماهر الأسد، للظهور مجدداً كفاعل سياسي اقتصادي في المشهد الاقتصادي السوري. ويُعتقد أن حمشو سيلعب دوراً مهماً في تذليل الصعوبات أمام شركاء النظام الاقتصاديين في مرحلة "إعادة الإعمار".
ويشغل محمد حمشو حالياً منصب أمين سر غرفة تجارة دمشق، وأمين سر اتحاد غرف التجارة السورية، وعضو مجلس الشعب عن دمشق، وهو خاضع للعقوبات الأميركية منذ العام 2011، وقد استطاع رفع العقوبات الأوروبية عنه نهاية العام 2014 بحجة عدم وجود دلائل كافية على تورطه مع النظام.
وزار حمشو قبل أيام صناعيي المنطقة الصناعية في القابون بدمشق، المنطقة التي تم اخضاعها للتنظيم، وبالتالي للهدم، بعدما شملها مؤخراً المرسوم رقم 10، بعدما تذرّعت محافظة دمشق بأنها مدمّرة بنسبة 80%. وصدر المرسوم 10 في نيسان/أبريل، ونص على جواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية.
صناعيو القابون كانوا قد رفضوا تنظيم مدينتهم الصناعية، لا بسبب الدمار الذي ألحقته الحرب بها، بل لأنه يتوجب عليهم اخلاءها لصالح إقامة مشاريع سكنية وتجارية كبيرة. والبديل الذي قدم لهم هو نقل أعمالهم إلى مدينة عدرا الصناعية، والتي لم تُشفَ من مأساتها الأخيرة بعد انهيار سد الضمير. حمشو زار أيضاً مدينة عدرا الصناعية بعد انتهاء زيارته للقابون، في خطوة "تضامن شكلي" مع المتضررين.
ورافق حمشو في مقابلة الصناعيين، رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس، والذي كان دوره هامشياً. وظهر حمشو بموقع المُفوّض من النظام لنقل الرسالة لصناعيي القابون: "التحضير للانتقال". ولحمشو سطوته بين التجار والصناعيين الدمشقيين، ما يسهل مهمته ويظهر بصورة "حلّال مشاكل النظام". وقد تبلور ذلك في تأكيده على عدم منح الصناعيين موافقات لترميم منشأت المدمرة، مع افساح المجال، مؤقتاً، لادخال المعدات والآلات التي تمكن أصحاب المنشأت من العمل، ريثما يصدر القرار النهائي حول تنظيم المنطقة التي ضمّت إلى العاصمة دمشق. حمشو طلب من الصناعيين التوقيع على "تعهد" بالإخلاء عند الطلب، وبذلك يتأكد عزم النظام على هدم المنطقة الصناعية بالكامل، لصالح مشاريع قد يكون هو أحد المستفيدين منها.
وكان حمشو قد زار العاصمة الإيرانية طهران في 21 و22 تشرين الأول بالتزامن مع إعادة عملية إحياء صورته داخلياً، بصفته أمين سر اتحاد غرف التجارة السورية على رأس وفد يضم 50 رجل أعمال. وغاب عن الوفد رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع.
وتعني رئاسة حمشو لوفد رجال الأعمال إلى طهران، أن ماهر الأسد يتحدث من خلاله مع الإيرانيين، بالأعمال والمشاريع. وواقع العمل التجاري بين النظام وإيران شهد تشدداً ايرانياً في المرحلة الأخيرة، من حيث الشروط المفروضة على التاجر السوري. فالإيرانيون يعيشون تحت عقوبات صارمة لا تمكنهم من المبادرة بضخ سيولة في بلد مهدم مثل سوريا، وبالتالي هم من يحددون مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين، كون المعوقات الكبرى من طرفهم.
وحظيت زيارة حمشو إلى إيران، بإهتمام شخصيات إيرانية بارزة، وتمت تغطيتها عبر وسائل الاعلام الإيرانية والروسية. وقد تشهد العلاقات الاقتصادية مع طهران عودة فعلية قريبة، وإن كان التنبوء بحجمها صعباً.
حمشو لعب دوراً رئيسياً في التوقيع على الاتفاقيات القليلة المبرمة في الزيارة، ومنها التوقيع على الإجراءات التنظيمية التي تمكّن من تسريع إنشاء غرفة تجارة مشتركة بين سوريا وإيران، مع العلم أن مذكرة التفاهم الخاصة بها موقعة سابقاً منذ العام 2012، ما يؤكد بطء العلاقات التجارية بين البلدين.
ومن المفترض أن تكون الغرفة الجديدة مشروعاً مشتركاً بين اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة إيران للتجارة والصناعة والمناجم والزراعة. وتم الاتفاق على تسمية أعضاء مجلس إدارة الغرفة، خلال ثلاثة أشهر، وَبعد ذلك ستتم عملية تقييم أنشطة الغرفة.
وقد ظهر محمد حمشو كصاحب مبادرات، وقدّم مشاريع استراتيجية يتجاوز حجمها منصب أمين سر غرفة تجارية، فقد أعاد طرح موضوع انشاء بنك سوري إيراني، كان قد طُرح سابقاً تحت اسم بنك "أمان"، بالإضافة إلى تأسيس شركة سورية إيرانية قابضة، تكون بمثابة المظلة للعديد من الشركات المشتركة التي قد يتم انشاؤها مثل المصارف، وشركات تحويل الأموال وشركات التطوير العقاري وغيرها. كما اقترح العمل على تأجير مستودعات في المناطق الحرة في سوريا وإيران تعرض فيها مواد البناء وغيرها من المنتجات، وذلك لتخفيف الرسوم الجمركية على البلدين.
وتطرّق حمشو إلى الاتفاقية الشائكة بين البلدين؛ اتفاقية التجارة التفضيلية التي حلّت محل اتفاقية التجارة الحرة بينهما. وطالب حمشو بتنفيذها، موضحاً أن سوريا لا تستفيد من هذه الاتفاقية بخلاف الجانب الإيراني، بعدما استبعدت منها 88 سلعة. ونصت الاتفاقية على تخفيض الرسوم الجمركية إلى صفر بدلاً من 4 في المائة. وعلل حمشو عدم استفادة سوريا من الاتفاقية، بأن معظم السلع التنافسية السورية تندرج ضمن لائحة السلع التي تم استبعادها.
كما سُمح لمحمد حمشو بالحديث مباشرة حول المعوقات التي يتحمل بعضها الجانب الإيراني، من دون أي مؤشر على تحسنها؛ كالتأخير الكبير في تخليص البضائع السورية المصدرة إلى إيران، بالإضافة إلى عدم وجود خط بري للشحن المباشر ما يطيل زمن تسليم البضائع بين البلدين. وأشار حمشو إلى الدور الذي سيلعبه افتتاح معبر نصيب-جابر الحدودي مع الأردن، ومعبر البوكمال مع العراق. وافتتح معبر نصيب-جابر فعلياً بعد أيام من زيارة حمشو إلى طهران. ولم يكن مستغرباً، أن حمشو نفسه، كان على رأس وفد صناعي سوري، دخل الأردن، مباشرة بعد افتتاح المعبر.
يسير حمشو بخطى ثابتة نحو دور سياسي واقتصادي فاعل، على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن المرشح جداً أن يلعب دوراً مهماً في إعادة افتتاح معبر البوكمال، والذي لا يمكن فهم عدم استئناف العمل به على الرغم من سيطرة القوات العراقية والسورية على طرفيه.
حمشو قد يصبح معبّراً عن مرحلة جديدة عنوانها تهيئة المناخ المناسب لشركاء النظام، وتذليل العقبات أمامهم، للعب دور أكثر فاعلية في السوق السورية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها