هرّبت جهة استخباراتية تابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني أحد جواسيسها الملاحقين من المخابرات الروسية، من دمشق إلى طهران، بشكل سرّي، مطلع تشرين الأول/اكتوبر. تهريب الجاسوس الإيراني جاء فقط بعد انفضاح تجسسه على قيادات روسية في سوريا.
مصادر خاصة، قالت لـ"المدن"، إن القيادي في "فيلق القدس" الإيراني، المُلقّبِ بـ"الحاج أبو ايهم"، وهو سوري شيعي من قرية كفريا في ريف إدلب، قاد أكبر عملية تجسس لصالح الإيرانيين في سوريا ضد الروس والنظام، في مقر قيادة "الأركان العامة" التي يُسيطر عليها الروس بشكل كامل.
مصادر "المدن" أكدت أن "أبو أيهم" مُقرب من قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، وقد عمل لثلاث سنوات مضت في مجال التجسس على الروس في دمشق، وأقام شبكة من ضباط النظام للقيام بتلك المهام، وسط تردده الدائم على العراق وإيران، بحجة التنسيق العسكري.
وقد علم الإيرانيون بالشكوك الدائرة حول "أبو أيهم"، قبل مُداهمة "أمن الدولة" لمواقع تواجده، وقاموا بتهريبه بطائرة شحن إيرانية من دمشق إلى طهران، وفقاً لمصادر "المدن". دوريات تابعة لـ"أمن الدولة" نفذت مداهمات لمنازل وفيلات كان يتواجد فيها "أبو أيهم"، في دمشق وريفها، وصادرت أكثر من 150 مليون ليرة سورية (الدولار 450 ليرة)، فضلاً عن قطع من الآثار وسلاح فردي وذهب وسيارات. وحُلت مجموعات تابعة له، واعتقل مُقربون منه، على صلة مُباشرة بعمليات التجسس.
مصادر "المدن" أشارت إلى أن "أبو ايهم" سرّب إلى طهران معلومات، بالتعاون مع ضباط من النظام مقربين من الروس، ممن تمت إحالتهم لاحقاً إلى التحقيق والإيداع في سجن صيدنايا العسكري. والمعلومات المُسرّبة للإيرانيين كانت حول اجتماعات بين ضباط روس وسوريين تناولت تقليص الدور الإيراني في سوريا، والتنسيق مع اسرائيل لاستهداف مقرات "الحرس الثوري" ومليشيا "حزب الله" داخل سوريا، فضلاً عن لجم التمدد العسكري لإيران ووضعه تحت تصرف النظام بشكل مُباشر. وهو ما يحصل في الشهور الأخيرة، إذ أن جميع المجموعات التابعة للمليشيات الشيعية باتت مجبرة على التنسيق المباشر مع "أمن الدولة"، من أجل الدعم اللوجستي، وتُقدم لعناصرها بطاقات تحمل شعار "قوات الدفاع المحلي".
مصدر عسكري رفيع المستوى لدى النظام، وفي تصريح غير رسمي لـ"المدن"، قال: "على الرغم من التعاون العسكري المُباشر بين روسيا وإيران وسوريا، إلا أن عمليات التجسس والعمليات الاستخباراتية لا تتوقف بين الدول الثلاث، خوفاً من انفراد في قرار قد لا يُناسب الطرف الآخر"، ويضيف: "قادة النظام يعلمون أن للروس مُخبرين بين ضباطهم ممن يخرجون إلى موسكو بحجة الدورات التدريبية وكبعثات عسكرية، ويعودون للعمل كجواسيس لصالح الروس في قطع وثكنات الجيش، خاصة التي تُعتبر على تنسيق عالٍ مع جهات إيرانية".
الجانب الروسي أبلغ الإيرانيين بضرورة تسليم "أبو أيهم" لتورطه بقضايا تتعلق بـ"الأمن القومي" وتُثبت تعامله مع جهات خارجية ضد "الدولة السورية" والحُلفاء. ولم يُقدم الروس، وفقاً لمصادر "المدن"، اتهاماً مُباشراً للإيرانيين بالتجسس عليهم عبر "أبو أيهم" والشبكة التي يُديرها.
وجاء الرد الإيراني بأن "أبو أيهم" قيد الاعتقال وتم نقله إلى طهران بسبب اختلاسه أموالاً لـ"الحرس الثوري" وسرقة رواتب عناصر سوريين لأشهر طويلة، ورفع قوائم تحمل أعداداً وأسماءً وهمية للمجموعات التي انضمت إلى صفوف "الحرس الثوري" من مناطق "التسويات". مصادر "المدن" تشير إلى أن الجانب الإيراني سعى لتحويل القضية من تجسس إلى اختلاس، جرى على إثرها اعتقال "أبو أيهم" لـ"مُحاسبته".
وعيّن "فيلق القدس" مُباشرة بعد اعتقال "أبو أيهم"، "الحاج جواد" خلفاً عسكرياً له، مع إعطائه صلاحيات أوسع كونه إيراني الجنسية، مع تعيين نائب إيراني له أيضاً، وتوسيع مهامهم العسكرية وإجراء تغييرات طالت قادة لمليشيات شيعية ممولة من "الحرس الثوري" الإيراني.
مصادر "المدن" أكدت غضب الجانب الروسي من "المخابرات الجوّية" التابعة للنظام والمسؤولة عن أمن مطار دمشق وحمايته، جرّاء تهريب شخص مطلوب بهذه السهولة، من دون وجود مُهمة رسمية. وصدرت أوامر من الجانب الروسي، لإجراء تبديلات على مستوى ضباط الصف الأول في مطار دمشق الدولي، وتبديلات أخرى طالت الضباط على الحدود مع لبنان، على خلفية الحادثة، بعد ورود أنباء عن هروب أشخاص مُرتبطين بـ"أبو أيهم" إلى معاقل "حزب الله" اللبناني.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها