أنشأ القيادي السابق في "اللواء الأول" معاوية البقاعي المُلقب بـ"أبو بحر"، والذي يعمل حالياً ضمن صفوف "الأمن العسكري"، مصنعاً لمواد البناء الأولية في حي برزة الدمشقي، واشترى آليات خاصة بصناعة مواد البناء.
وبدأ البقاعي، منذ آب/أغسطس تجهيز مصنعه، "المركز" كما يُحب تسميته، فبنى سوراً حول أرض وسط حي برزة، ببوابة حديدية كبيرة. ويستجر "أبو بحر" مواده الأولية من مصنع "أبو الطيب" القائد السابق لـ"اللواء الأول"، في منطقة سليّمة المعروفة بمنطقة المكاسر التابعة لحي برزة.
الحظر المفروض من قبل النظام على إدخال وتصنيع مواد البناء في المناطق المُدمّرة بريف دمشق، وضع "أبو الطيب" في ورطة مع بعض الذين أرادوا الدخول كشُركاء مع "أبو بحر"، فبلّغ أحدهم "الأمن العسكري" بمصنع "أبو بحر". دورية من "العسكري" رصدت المنطقة خلال إدخال المواد الأولية ليلاً من مصنع "أبو الطيب" إلى مصنع "أبو بحر". وتم استدعاء "أبو بحر" من قبل شركائه في "الأمن العسكري"، وفتح تحقيق بالقضية التي تورط فيها "العقيد هشام" من فرع "المخابرات الجوية" في حرستا، وشريك "أبو بحر".
استدعاء "أبو بحر" للتحقيق دفع بزوجة إحدى قدامى المتنفذين في النظام والملقبة بـ"الدكتورة"، للتدخل في القضية، دفاعاً عن دورها في "مُصالحة برزة"، وعلاقتها الوثيقة بقيادات سابقة في المُعارضة ممن أصبحوا في صفوف مليشيات النظام، أو ضمن فريقها "الخيري التطوعي".
وتملك "الدكتورة" مجموعة كبيرة من الشركات الخاصة بتصنيع الألبسة والمكياج، وهي رئيسة "فريق تطوعي خيري" يُقدّم المعونات العينية لقوات النظام على الجبهات، ويُشارك بأعمال حفر الخنادق والأنفاق إلى جانب قوات النظام أثناء معاركها. وبرز فريق "الدكتورة"، خلال السنوات الأخيرة، كغطاء لأعمال غير مشروعة.
"الدكتورة" باتت بتدخلها لصالح "أبو بحر" شريكة غير رسمية في "مصنعه"، بحصّة مالية شهرية مقابل الحماية. كما أن الوساطات التي وضعها "العقيد هشام"، الشريك الآخر في المصنع، أجبرت أطرافاً أمنية على التدخل لحمايته، وبالطبع مقابل حصص مالية شهرية.
دخول تلك الوساطات لحماية مصنع "أبو بحر" و"العقيد هشام"، دفع بعمل "المصنع" إلى الأمام بسرعة كبيرة، وأصبح مركزاً لبيع مواد البناء لأهالي برزة والتل ومعربا والبساتين، بل والتصدير إلى خارج دمشق.
مصادر خاصة، أكدت لـ"المدن"، أن "أبو بحر" خرج بمجموعة عسكرية مليشياوية نحو بادية الشام بُعيد المُشكلة التي حدثت معه، واستطاع أسر عنصرين من تنظيم "الدولة الإسلامية" من جنسيات أجنبية، قدمهما "أبو بحر" هدية لرئيس "فرع المُداهمة 215" التابع لـ"الأمن العسكري"، مقابل التغاضي نهائياً عن مصنعه لمواد البناء.
وبعد انتهاء المُشكلة وعودة "أبو بحر" للعمل بشكل علني، بات اقتسام نسب الأرباح ضرورياً بين الشركاء الثلاثة؛ "الدكتورة" و"أبو بحر" و"العقيد هشام"، ورسا التقاسم على 40 في المائة لـ"العقيد هشام"، لقاء دوره في الحماية ودور عناصره في نقل المواد وتفريغها، وبلغت نسبة "الدكتورة" 20 في المائة، و40 في المائة حصة "أبو بحر" صاحب المصنع الأصلي.
"أبو بحر" أراد أن يُبعد الشُبهات أكثر عنه، حول مصادر الأموال التي يعمل بها، فنشر في حي برزة، عبر عناصره، عروضاً للراغبين بتشغيل أموالهم لديه، متعمداً إرسال أشخاص من طرفه، لإعطائه أموالاً، لتشغيلها ضمن المصنع. وحين ذهب لشراء آليات إضافية لمصنعه، أشار إلى أنها تعود لمدنيين راغبين بتشغيل أموالهم لديه.
مصادر "المدن"، أكدت أن "أبو بحر" و"العقيد" يعملان حالياً على فتح خط تصريف لمنتجاتهما، باتجاه مدن وبلدات الغوطة الشرقية، واحتكار السوق عبر شراكة مع ضباط من "شُعبة المُخابرات العامة"، المسؤولة عن ملف الغوطة، والحواجز المُحيطة بها، والتي تقوم حالياً بتهريب كميات من مواد البناء عبر تُجار آخرين من أبناء الغوطة، بعد فرض أتاوات مالية على "كل حبة رمل" تدخل مدن الغوطة.
لم يكتفِ "أبو بحر" بمصنعه في برزة، بل وصلت أعماله ومقاولاته إلى منطقة السلميّة في ريف حماة، حيث بات يُقيم لفترات طويلة، وأصبح له فيها موالون وعناصر تابعون لمليشياه المسلحة. وهناك، بدأ "أبو بحر" بناء محاضر سكنية، ليبيعها لاحقاً، بعد الحصول على التراخيص الرسمية بأسماء أشخاص من أهل المنطقة المُقربين منه.
مصادر خاصة، أكدت لـ"المدن"، أن "أبو بحر" تلقى تهديداً من آل شاليش، الذين تعهدوا منطقتي القابون وغربي حرستا مؤخراً، بأعمال البناء والمقاولات، بعد إزاحة رجل الأعمال محمد حمشو، المقرب من ماهر الأسد عن ملف المنطقة. آل شاليش هددوا "أبو بحر" بشكل مُباشر، بعد اقترابه من قطاع سيطرتهم، من أي محاولة تهريب لمواد بناء إلى المنطقة التي بدأ أهلها بالعودة إليها، بشكل تدريجي، لتأهيل مزارعهم وأراضيهم وممتلكاتهم.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها