مع مباشرة قوات النظام عملياتها العسكرية في درعا والقنيطرة، منتصف العام 2018، بدأت بعض المليشيات الإيرانية، تنفيذ انسحابات "تكتيكية"، ضمن تفاهمات روسية-إسرائيلية. الانسحاب الإيراني من الجنوب السوري كان محصوراً بقوات المشاة، وبعض قوات الدفاع الصاروخية. ومع ذلك، ما زال التأثير الإيراني حاضراً بقوة في الجنوب السوري.
في آب/أغسطس 2018، انسحب 40 مقاتلاً من "فرقة المهدي شيراز الصاروخية" و"فيلق القدس"، وأزالوا الشعارات والرايات التي تدل على وجود قوات إيرانية في مواقع تمركزهم في "اللواء 12 مدرعات". وارتدى عناصر "الفرقة" المتبقين بدلات عسكرية خاصة بقوات النظام، في محاولة للالتفاف على الاتفاق الروسي–الإسرائيلي.
مصادر "المدن" أكدت أن القوات الإيرانية أخفت منصتي صواريخ تمويهاً لانسحابها، و"بات العمل داخل مقار كتيبة المدرعات تنسيقياً، فالقوات الإيرانية لا تريد الانسحاب من المنطقة، إنما تقوم بتخفيف تواجدها".
واعتبرت مصادر "المدن"، أن "قوات المهدي الصاروخية" استراتيجية بالنسبة لإيران، ولا تنتشر إلا في بضع مناطق وتقتصر مهمتها على تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي السورية، وتواجدها في مناطق حيوية قرب الحدود السورية الإسرائيلية لطالما أقلق إسرائيل.
في بداية العام 2013 انتشرت قوات "فرقة المهدي شيراز الصاروخية" في ثكنتين عسكريتين تتبعان "اللواء 12 مدرعات"، وذلك مع بداية توسيع النفوذ الإيراني في سوريا عبر جهازه الرئيسي "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" وتوصية من خبرائه في القطاع الجوي بمطار الثعلة العسكرية. وفي منتصف العام 2015 انتشر 120 مقاتلاً من "فرقة المهدي الصاروخية"، في ثكنتي "اللواء 12" إلى جانب عناصر من "فيلق القدس" كانت مهمتهم حماية أمن "الفرقة". ووفقاً لمصادر "المدن" فالمنطقة تخضع لرعاية مسؤول المعدات اللوجستية في "الحرس الثوري" المقيم في مقر قريب من مقام زينب جنوبي العاصمة دمشق، بحماية مليشيا "حزب الله" اللبناني.
وأضافت مصادر "المدن" أن القوات الإيرانية اتخذت أيضاً من "الفوج 175" ومركز قيادة "اللواء 12" و"الفرقة الخامسة" مواقع عسكرية لها، انتشرت فيها مليشيات "القوة الجعفرية" و"لواء فاطميون" و"لواء السيدة رقية"، بما يقارب 1800 مقاتل. أغلب تلك القوات سُحبت إلى ريفي حماة وحلب. وأبقت إيران على ما يقارب 350 مقاتلاً، إلى جانب مسؤولي التنسيق في تلك الميلشيات. جميع العناصر يرتدون بدلات عسكرية لقوات النظام.
وتشير مصادر "المدن"، إلى أن الضباط الإيرانيين ما زالوا إلى الآن في مركز "الفرقة الخامسة"، التي تخضع بشكل شبه كامل لإشرافهم. ودائماً، يحضر الضباط الإيرانيون الاجتماع الصباحي لضباط "الفرقة الخامسة" في مقرِ قيادتها بإزرع.
في العام 2015 انتشرت قوات إيرانية في "كتيبة جدية" التابعة لـ"الفرقة التاسعة" في منطقة الصنمين من ريف درعا الشمالي، بعد هجوم لقوات "الجبهة الجنوبية" المعارضة على الكتيبة. حينها استُقدِمَت تعزيزات من مليشيات "حزب الله" و"حركة النجباء" العراقية من جنوبي دمشق، ومن "لواء فاطميون" الذي كان ينتشر في "مثلث الموت". التعزيزات آنذاك كانت بغرض الدفاع عن الكتيبة، إلا أن إيران أبقت على مليشياتها في المنطقة، نظراً لموقعها المهم بالقرب من "مثلث الموت". مصادر "المدن" أكدت تواجد ثلاثة "منسقي عمليات" يتبعون مباشرة إلى "الحرس الثوري" في "كتيبة جدية".
وفي تموز/يوليو استُقدِمَت تعزيزات جديدة إلى "كتيبة جدية" بالتزامن مع حملة النظام العسكرية على الجنوب، إلا أنها انسحبت بعد شهر من ذلك. ولا تزال المليشيات الايرانية الأساسية في جدية بكامل قوامها، لكن مع زي الجيش السوري. الأمر ذاته تكرر في التل الأحمر بريف القنيطرة الشمالي الذي تسيطر عليه قوات "اللواء 90".
وتطلق مصادر "المدن" وصف "الانسحابات الناعمة" على حالة التواجد الإيراني في الجنوب السوري. وتخشى إسرائيل من قيام إيران بعمليات تجسس استخباراتي عبر طائراتها أو أجهزة التنصت كتلك التي كانت موجودة في تل الحارة سابقاً.
وأكدت مصادر "المدن" أن إيران سحبت 500 مقاتل من "لواء فاطميون" و"القوة 313" من بلدة حمريت، في انسحاب جزئي أيضاً. الانسحاب جرى من مواقع عسكرية في تلال فاطمة، التي أخرجتها المقاتلات الإسرائيلية عن الخدمة بعدما استهدفت المنظومة الصاروخية المؤلفة من "غراد بي 21"، ومنصتي "صواريخ جولان".
وتعتبر بلدة حمريت من أهم بلدات "مثلث الموت" في ريف دمشق الغربي، واعتمدتها إيران كمركز رئيسي للطائرات المُسيرة، لرصد مواقع المعارضة المسلحة في ريفي درعا والقنيطرة. وكانت البلدة قد أفرغت بشكل كامل من أهلها، واتخذت كمقر رئيسي للتواجد الإيراني. مصادر "المدن" أشارت إلى أن الانتشار الإيراني في حمريت تركز في 4 مواقع أهمها "ظهرت حمريت" وما زال التواجد الإيراني قائم فيها إلى الآن وتحوي على راجمات صواريخ من نوع "جولان" وتخضع لسيطرة "حزب الله" وقوة من "اللواء 90".
"ولم يحدث انسحاب فعلي من "ظهرت حمريت" بل سُحِبَت منها منصة صواريخ حديثة، وبعض العناصر، نحو مركز "الفرقة الأولى" في الغوطة الغربية، بحسب مصادر "المدن".
الانسحاب الكلي من حمريت، كان من تلال فاطمة بعدما باتت مسرحاً لعمليات "حزب الله"، ومركز تواجد غير دائم لـ"الحاج أبي عبد الله" قائد عمليات "حزب الله" في مثلث الموت.
كما انسحب "حزب الله" من وحدة حمريت الإرشادية، التي كانت مركزاً لأطلاق الطائرات المسيرة عن بعد، لرصد مواقع قوات المعارضة، وهي دائماً كانت تقترب من الشريط الحدودي في ريف القنيطرة، وأسقط بعض منها. في حين لا يزال تل الشعار، أهم تلال القنيطرة، تحت القبضة الإيرانية، إذ "لم يتم منه أي انسحاب، بل أرسل إليه بعض القياديين من حزب الله"، بحسب مصادر "المدن". ويتواجد في التل "أبو العباس" مسؤول معسكرات التدريب في نبع الفوار بريف القنيطرة، إلى جانب "حسين زينب" مسؤول العمليات الصاروخية في "مثلث الموت"، والذي كان يقيم في بلدة حمريت سابقاً.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها