تواصل قوات النظام والمليشيات المساندة لها تقدمها في المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية الواسعة التي تستهدف البوابتين الجنوبية والجنوبية الغربية لمحافظة ديرالزور، وباتت قوات النظام أقرب نحو هدفها في فك الحصار عن مناطق سيطرتها في مدينة ديرالزور، المحاصرة منذ مطلع العام 2013.
وتمكنت قوات النظام ليل الأحد/الإثنين، من السيطرة على منطقة ناظرة جنوب غربي محافظة ديرالزور، بعد معارك عنيفة مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأصبحت على مسافة 20 كيلومتراً من "اللواء 137"، أقرب نقاط قوات النظام المحاصرة في الجهة الغربية لمدينة ديرالزور، وما زالت المعارك مستمرة في المحور الجنوبي الغربي في منطقة الحّوية.
وتهدف مليشيات النظام من خلال تحركاتها العسكرية، إلى التقدم من الجهة الجنوبية الغربية والسيطرة على منطقة عضّمان وحقل الخراطة النفطي والمنطقة الممتدة شرقاً حتى قرية الشولا، ووصلها بمناطق قواتها في "اللواء 137" والبانوراما، والالتقاء مع قواتها المتقدمة من محور طريق دمشق–ديرالزور جنوباً.
(المصدر: LM)
التقدم من الجهة الجنوبية الغربية، يأتي بالتوازي مع تقدم آخر تحرزه قوات النظام والمليشيات المساندة لها من جهة طريق دمشق–ديرالزور، حيث تمكنت من السيطرة على منطقة هريبشة بعد معارك مع تنظيم "الدولة"، وباتت على مسافة أقل من 7 كيلومترات من مدينة كباجب، أكبر مدن ريف ديرالزور الجنوبي.
وخسرت مليشيات النظام أكثر من 50 عنصراً على الأقل في تلك المعارك، بينهم قائد الحملة العميد غسان جميل سعيد، كما تكبد التنظيم خسائر تجاوزت 35 عنصراً بينهم مقاتلون أجانب. واتبعت مليشيات النظام في معاركها سياسة الأرض المحروقة والتي تكفلت بها مقاتلات حربية روسية وأخرى تابعة للنظام، استهدفت مناطق الاشتباكات بعشرات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة. كما تم استخدام أسلحة محرمة دولياً بينها الفسفور الأبيض في عمليات القصف.
مليشيات النظام المتواجدة داخل مدينة ديرالزور أشعلت محاور إضافية بالتزامن مع العمليات العسكرية المستمرة جنوبي وجنوب غربي المدينة، لإشغال التنظيم وتشتيت قواته عبر الهجوم على مواقع سيطرته في منطقة الرواد وحي البغيلية غربي المدينة، ومنطقة البانوراما جنوباً وحي الرشدية داخل المدينة.
تنظيم "الدولة" استقدم تعزيزات إضافية إلى قرية الشولا وحقل الخراطة النفطي ومحيط "اللواء 137" في محاولة لصد هجوم مليشيات النظام ومنعها من فك الحصار عن قواتها المتواجدة في "اللواء 137" وحيي الجورة والقصور والمطار العسكري وحي هرابش.
مصدر من ريف ديرالزور الغربي، قال لـ"المدن"، إن قرى ريف ديرالزور الغربي "شامية" تتعرض لقصف جوي عنيف من الطيران الحربي الروسي منذ انطلاق العمليات العسكرية على ديرالزور، ما تسبب بمقتل العشرات من المدنيين بينهم نساء وأطفال ودمار العشرات من المنازل والمساجد. كما أجبر القصف الجوي أهالي قرى الريف الغربي الممتد من قرية عياش وحتى بلدة التبني على النزوح باتجاه قرى خط الكسرة وأطراف نهر الفرات.
وأضاف المصدر، أن النازحين يعانون من ظروف إنسانية سيئة للغاية، لعدم توافر الأماكن لإيوائهم فافترشوا الأراضي الزراعية وضفة الفرات منذ أيام، إضافة لعدم توفر الرعاية الصحية وعدم قدرة العبارات النهرية على نقل جميع العائلات باتجاه قرى خط الكسرة، التي تعتبر أكثر أمناً وأقل تعرضاً للقصف.
ويأتي تقدم مليشيات النظام من جهة البادية الجنوبية الغربي، بعد فشلها في التقدم عبر ريف الرقة الشرقي وريف ديرالزور الغربي المحاذي لضفة نهر الفرات اليمنى، بسبب الكثافة العمرانية في المنطقة والتي ساعدت تنظيم "الدولة" على أعاقة تقدم مليشيات النظام عبر تفخيخ المنازل وزراعة الألغام. كما ساهمت الكتل السكنية بالتقليل من فعالية سلاح الجو الذي تعتمد عليه مليشيات النظام في تقدمها.
المساحات الصحراوية الواسعة في الجنوب والجنوب الغربي، ساعدت مليشيات النظام بالتقدم السريع على حساب تنظيم "الدولة"، نتيجة وجود الغطاء الجوي المكثف الذي رصد تحركات التنظيم وسط تلك البوادي، وخاصة من المروحيات الروسية التي منعت تحرك آليات التنظيم وتعاملت معها، إضافة للكثافة النارية التي تصب في صالح مليشيات النظام.
وتهدف مليشيات النظام في المرحلة التالية لالتقاء قواتها المتقدمة مع قواتها المتمركزة/المُحاصرة في مدينة ديرالزور، إلى فك الحصار عن مطار ديرالزور العسكري وحي هرابش شرقي المدينة، ثم التقدم ومحاولة السيطرة على ريف الرقة الشرقي وريف ديرالزور الغربي، الذين سيكونان محاصرين من قبل ميليشيات النظام من السبخة غرباً والبادية جنوباً و"معسكر الطلائع" و"اللواء 137" شرقاً ونهر الفرات شمالاً، وهوالمنفذ الوحيد لتنظيم "الدولة" باتجاه مناطق سيطرته في ناحية الكسرة.
خلو المنطقة من السكان وعدم وجود منفذ بري للتنظيم يساعده على نقل الأسلحة الثقيلة والمعدات، باتجاه القرى المتبقية من ريف الرقة الشرقي وريف ديرالزور الغربي، سيعيق عمليات التنظيم على عكس مليشيات النظام التي تتوافر لها خطوط إمداد كثيرة وميلان القوى العسكرية لصالحها بوجود سلاح الجو الروسي. وهذا سيجعل من قضية سيطرة مليشيات النظام على تلك المناطق مسألة وقت فقط.
وتعتبر قضية تقدم النظام إلى ديرالزور، تأكيداً عملياً على
قضية التوافق الروسي-الأميركي على اقتسام المحافظة، بحيث تكون المناطق جنوبي نهر الفرات من صالح النظام وحلفائه الروس والإيرانيين، أما المناطق شمالي النهر فستكون لصالح أميركا عبر حليفها العسكري "قوات سوريا الديمقراطية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها