عَثر أبناء عشيرة البوسرايا التي تقطن ريفي ديرالزور الغربي والجنوبي وجزء من مدينة ديرالزور وريف المحافظة الشرقي قبل أيام، على 7 جثث من أبناء العشيرة المخطوفين والذين بلغ عددهم قرابة 20 شخصاً خلال آذار/مارس، والذين فقد الاتصال بهم خلال بحثهم عن فطر الكمأة في بادية ديرالزور، وتبين لاحقاً أنهم قتلوا جميعاً وتم التخلص من جثثهم في مناطق البشري ومنطقة بادية المسرب وأبو حّية.
وفتحت حادثة الخطف الأخيرة باب المواجهة المباشرة بين المليشيات الإيرانية من جانب وأبناء العشيرة المدنيين والمنتسبين لقوات النظام السوري ومليشيا الدفاع الوطني من جانب آخر، بعد اتهام عشيرة البوسرايا للمليشيات الإيرانية بالوقوف وراء عمليات الخطف الأخيرة، التي تطاول أبناءها في بادية المحافظة الجنوبية والجنوبية الغربية.
وتركزت المواجهات العسكرية بين الطرفين التي لم تتوقف خلال الأسبوعين الأخيرين من آذار، في مناطق أبو حية والأطراف الشرقية لجبل البشري، بين قوات عسكرية ومدنية مسلحة من أبناء العشيرة والمليشيات الإيرانية التي تنتشر في البادية السورية، وتسببت هذه المواجهات بمقتل وجرح عدد من أبناء البوسرايا، فيما قتل 6 عناصر من المليشيات الإيرانية وجرح آخرون.
وعملت سلطات النظام السوري في محافظة ديرالزور، على وقف المواجهات العسكرية بين الطرفين، عبر وساطة رؤساء الفروع الأمنية وقائد اللواء 137 في المحافظة، وتضمنت الوساطة وقف المواجهات العسكرية، وقيام قوات النظام بتمشيط البادية الجنوبية وتطهيرها، بينما اشترطت العشيرة انسحاب المليشيات الإيرانية من مناطق البادية، وتسليم إدارتها مع مناطق وجود العشيرة، لأبناء المنطقة المدنيين والمنتسبين للجيش السوري أو القوات الرديفة له.
وتأتي مواجهة عشيرة البوسرايا للمليشيات التابعة لإيران، بعد أقل من شهر على مواجهات بين العشيرة ذاتها والفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري، على خلفية قتل عناصر من الفرقة لشابين من قرية عياش غرب ديرالزور. وانتهت المواجهات بعد إزالة حواجز الفرقة وإخلاء مقراتها من مناطق تواجد العشيرة، ووصول ضباط كبار ممثلين عن ماهر الأسد قائد الفرقة، نقلوا التعازي بالقتلى، وتعهدوا بمحاسبة القتلة ومحاكمتهم على الملأ وتعويض ذوي الضحايا معنوياً ومادياً.
ثبوت عمليات الخطف الأخيرة على المليشيات الإيرانية في ديرالزور، والذي أكده بعض الأشخاص الذين نجوا من عمليات الخطف، إضافة لشخصيات كبيرة عاملة مع النظام السوري مثل مهنا الفياض شيخ العشيرة وعضو مجلس الشعب السوري وعدد من قادة مجموعات الدفاع الوطني العاملة غرب ديرالزور، يعيد فتح ملفات خطف وقتل مئات المدنيين في ريف ديرالزور والرقة، إضافة لريف محافظة حمص الشرقي، والتي طالما اتهم بها تنظيم "داعش" من دون وجود أي أدلة دامغة على ذلك.
ويعود حصر عمليات الخطف بحق عشيرة البوسرايا لأسباب كثيرة، أولها، دفع العشيرة للاستنجاد بالمليشيات الإيرانية والتعاون معها على المستوى العشائري والعسكري، بعد أن رفضت العشيرة كل محاولات إيران السابقة لاستمالتها، فالمتتبع للأحداث في السنوات الأخيرة يعلم جيداً، أن إيران لم تستطِع بسط نفوذ لها داخل العشيرة وزعاماتها المحلية ومناطق وجودها الجغرافي، حيث رفُض مشروعها العقائدي والعسكري هناك.
وشيخ عشيرة البوسرايا مهنا الفياض، الذي يعتبر أهم الشخصيات الموالية للنظام السوري في ديرالزور، يرى أن العمل مع النظام هو "خط وطني" ويرفض ما دون ذلك وخاصة العمل مع إيران، لهذا رفض دعوات لزيارة طهران مراراً، رغم توافد أغلب شيوخ المحافظة في مناطق النظام هناك لزيارة إيران والعمل معها.
وأكد مصدر قيادي من الدفاع الوطني في ديرالزور ل"المدن"، أن "تصعيد المليشيات الإيرانية لعمليات الخطف غرب ديرالزور مؤخراً، يهدف إلى إرباك عشيرة البوسرايا وتوجيه تهديد مباشر لها، حيث كانت العشيرة تتحضر لهجوم عسكري لطرد المليشيات الإيرانية من مناطق نفوذها خاصة في البادية، ويبدو أن معلومات العملية تسربت لقادة القوات الإيرانية في المحافظة، ما دفعهم للتصعيد بغية ثني العشيرة عن قرارها".
وتوضح المواجهة بين العشيرة وإيران حقيقة أن المجتمع المحلي في مناطق النظام وإن كان مؤيداً له، لكنه لا يعني بالضرورة وقوفه إلى جانب إيران حليفة النظام. ويعود هذا الرفض لأسباب كثيرة على رأسها الخلاف العقائدي الذي لا يمكن تجاوزه. وحالة الرفض هذه يمكن أن تتطور يوماً إلى مواجهة دامية لن تتوقف إلا بقضاء أحد الأطراف على الآخر.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها