تمر الذكرى التاسعة على تأسيس حركة "6 أبريل"، الأكثر تأثيراً بين قطاعات مختلفة من الشباب في المشهد السياسي المصري، وسط تحديات جمة وتضييق لم تعهده الحركة من السلطات الأمنية طيلة سنوات عملها، خصوصاً بعد حظرها من جانب محكمة مصرية اعتبرتها "منظمة إرهابية".
الحركة التي احتفى بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبنضالات أعضائها في اجتماعات مُعلنة مع رموزها عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني، حين كان يرأس جهاز المخابرات الحربية سعياً لكسب توقيعها على بيان الجيش لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، أصبحت في دائرة الحصار قضائياً وأمنياً خلال عهده.
آمال أعضاء الحركة التي تجسدت في شعارها "نضال لا يعرف اليأس" وقبضتها البيضاء المرفوعة داخل الدائرة السوداء، دفعت ببعض هؤلاء الحالمين إلى غياهب السجون، وأكثرهم مقيم في حالة إحباط واكتئاب، وأقلهم لايزال يقاوم، بينما تطالهم اتهامات الإعلام الموالي للسلطة مرة بـ"الخيانة" و"التمويل الأجنبي"، وتارة بأنهم مثليو الجنس.
وتعرض عشرات من قيادات الحركة للاعتقال في عهد السيسي، أبرزهم مؤسس الحركة أحمد ماهر، على خلفية اتهامه في قضية التظاهر المعروفة إعلاميا باسم "أحداث مجلس الشورى"، ومحمد عادل الذي قضي عقوبة حبس ثلاث سنوات لإدانته بانتهاك قانون التظاهر، و23 من أعضائها على خلفية التظاهر في ذكرى 25 يناير عام 2016، وعشرات آخرون في قضايا سياسية، فضلاً عن تعرض كافة أعضاء الحركة للملاحقة القضائية بحكم حظر أنشطتهم.
شريف الروبي، وهو أحد أعضاء الحركة، قال لـ"المدن"، إن الحركة تعيش أسوأ مراحلها نتيجة الملاحقات الأمنية والتضييق على أرزاق قياداتها بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات المالية، فضلاً عن اختراقها أمنياً، ما ساهم في انقسامات كُبرى لاتزال الحركة تعيش تبعاتها. ويوضح أن مشاركة الحركة في تظاهرات 30 يونيو/حزيران لم تكن إقراراً بخريطة الطريق، وأن حبس أحمد ماهر، كان على خلفية رفضه الترويج للثالث من يوليو/تموز في أوروبا على أنه ليس انقلاباً قاده السيسي.
واكتفت الحركة خلال سنوات عهد السيسي مع الأحداث السياسية بالتفاعل عبر "فايسبوك"، باستثناء التظاهر مرة واحدة ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي انتقلت بمقتضاها جزيرتا تيران وصنافير إلى السيادة السعودية، قبل بطلان الأمر قضائياً.
لكن رغم كل تلك الصورة السوداء، يعتبر الروبي أن الصراع القائم بين أجهزة الدولة سيساهم في توحيد القوى الثورية، واستعادة زخمها، خصوصاً مع تراجع شعبية السيسي بين قطاعات كبيرة من الشعب المصري، موضحاً أن اكتفاء الحركة بالتفاعل الكترونياً مرتبط بالمكسب والخسارة التي ستعود حال المشاركة على أرض الواقع، وهو ما أدى في فترات سابقة لاعتقالات واسعة من دون مكسب سياسي مُحدد.
وعن إمكان استعادة الحركة الشبابية لنشاطها بعد حالة الجمود التي عاشتها، أكد الروبي أن أعضاء الحركة يسعون لبناء توافق بين فرقاء الثورة، وتأسيس خطاب جديدة مقبول لقطاعات الشعب، يُحقق المراد، ومعني في المقام الأول بالمكسب السياسي لأن المعركة حيال السلطة الحالية لن تكون بالضربة القاضية.
حيثيات الحكم الذي أصدرته محكمة مصرية، في 28 إبريل/نيسان 2014 بحظر أنشطة الحركة ومصادرة ممتلكاتها ومقارها، حملت اتهام الحركة بأنها "حصلت على مال من دون ولاء لوطن ولا إحساس بذنب تجاه ما يحدث من آثار ما يقومون به من إراقة دماء والتعدي على جهات أمنية".
ولا يزال الأمل كبيراً بالنسبة لمؤسس الحركة في استعادة الحركة زخمها التي فقدته، رغم أنه يقضي فترة "مراقبة" مدتها ثلاث سنوات، عليه خلالها أن يبيت يومياً في قسم الشرطة منذ المغرب حتى صباح اليوم التاني، بعد قضاء عقوبة الحبس 3 سنوات بتهمة خرق قانون التظاهر والاعتداء علي قوات الأمن. ويقول "ما دامت الروح موجودة سيأتي وقت لموجة قادمة، الأهم تدارك الأخطاء، محطات نضال الناس ستظل باقية من أجل الحق والعدل والحرية". ويضيف "الجميع مُطالب بأن يستوعب كل تلك التيارات في تيار واحد محدد النقاط، ويستوعب كل هذه الاختلافات ويوظف المجهود كمجموعات وأفراد ومدونين ونشطاء في كيان واحد".
وكانت الحركة التي أعطت الحياة لصوت جموع الشباب الثائر، وبلورت غضبهم تجاه نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، هي أول من رفع شعار إسقاط نظام مبارك في أول وقفة لها على سلم نقابة الصحافيين في 28 يونيو/حزيران 2008، بعد مؤتمر التأسيس الذي أعلنت فيه عن نفسها وأهدافها.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، يعدد الصعوبات التي تواجه الحركة لاستعادة زخمها. ويقول لـ"المدن"، إن "الظروف الحالية أصعب من فترة مبارك سواء التضييق الأمني أو القمع السياسي، واستمرار حكم السيسي لفترة طويلة يفقد أي فرصة التغيير السلمي ويلغي أي احتمال لأي تطور ديموقراطي في مصر، في ظل السيطرة الحكومية علي كافة وسائل الإعلام، وموجة القمع غير المسبوقة".
ويرى السيد أن الحركة شكلت نموذجاً استثنائياً للحركات الاحتجاجية داخل مصر، عن طريق بلورة غضب قطاعات شبابية كبيرة، وأن النموذج قابل للتكرار لكن شرط أن تتغير تركيبة الحركة على مستوى الخطاب والتراتبية التنظيمية داخل هيكلها.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها