وكانت مروحية تابعة لقوات النظام، قد ألقت في 18 نيسان/إبريل، ما يُشبه صندوقاً محمولاً بمظلة فوق منطقة يسيطر عليها "جيش خالد بن الوليد" المبايع لـ"الدولة الإسلامية" في حوض اليرموك جنوب غربي محافظة درعا، بالقرب من تقاطع الحدود السورية والأردنية والإسرائيلية. وأكد شهود عيان لـ"المدن" إلقاء مروحيات لمظلات شرقي بلدة عدوان بالقرب من "كتيبة م.د" التي سيطر عليها عناصر تنظيم "داعش" مؤخراً.
مصادر من المنطقة أكدت لـ"المدن" سقوط مجسم غريب من طائرة مروحية تابعة للنظام، أمكن تتبعها بحسب المسار الذي سلكته. ونُقل هذا الجسم إلى سيارة رافعة تابعة لـ"جيش خالد بن الوليد"، بعد أن غُطّي وتم إخفاؤه بشكل كامل، قبل أن يتم نقله إلى بلدة الشجرة، أحد أهم معاقل "داعش" في حوض اليرموك، بحضور الأمير العام للتنظيم أبو محمد المقدسي، والأمير الشرعي أبوعدي جباب.
(المصدر: LM)
المصادر أكدت أن المظلة تحوي ذخائر وعملة أجنبية "دولارات" بحسب تسريبات من جيش "خالد بن الوليد". في حين أشارت مصادر أخرى إلى احتمال وجود مواد آخرى ضمن الصندوق، ولم تستبعد وجود قذائف معبأة بغازات سامة، قد يكون القصد منها دفع "داعش" لتنفيذ هجمات بها ضد مواقع إسرائيلية أو أردنية أو حتى ضد المعارضة.
الحادثة جاءت بعد هجوم فاشل لـ"داعش" استهدف مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة في مساكن جلين ومنطقة الأشعري وبلدة طفس، في 16 نيسان/إبريل، وتمكنت فصائل المعارضة من قتل 3 عناصر من "جيش خالد بن الوليد" وأسر آخرين. التعاون والتنسيق بين النظام و"داعش" لم يعد خافياً، ففي 20 فبراير/شباط استهدف طيران النظام مواقع للمعارضة بأربع غارات جوية في تل الجابية بالتزامن مع تقدم "داعش" إليها وسيطرتها على تل الجموع القريب من المنطقة.
والحادثة ليست الأولى من نوعها، فقبل عام تقريباً ألقت مروحيات النظام أجساماً مشابهة فوق بلدة جملّة معقّل "داعش" الرئيس في حوض اليرموك، قبل هجوم للتنظيم على المعارضة في بلدة تسيل في 21 آذار/مارس 2016.
هذه الأفعال اعتّبرها أبناء المنطقة دعماً معلّناً من النظام لـ"داعش" بهدف التقدم والسيطرة على مناطق جديدة في ريف درعا الغربي، و"زيادة القتل والإجرام" بحسب وصفهم.
ناشطون وقادة عسكريون معارضون في المنطقة قالوا إنه من الممكن أن تكون المظلات التي ألقاها النظام تحوي على غازات سامة، قد تستخدم ضد إسرائيل والأردن، إذا ما حصل تدخل للقضاء على "داعش" جنوبي سوريا، خاصة بعد تسريبات تحدثت عن تدخل أردني/بريطاني/أميركي قد يكون وشيكاً.
وكان الرئيس بشار الأسد قد قال مؤخراً لوكالة "سبوتنيك" الروسية إن "الأردن كان جزءاً من المخطط الأميركي منذ بداية الحرب في سوريا، سواء أحب ذلك أم لم يُحب، عليه إطاعة أوامر الأميركيين"، زاعماً أن "الأردن ليس بلداً مستقلاً على أي حال، وكل ما يريده الأميركيون سيحدث، فإذا أرادوا استخدام الجزء الشمالي من الأردن ضد سوريا، فإنهم سيستخدمونه". وادعى الأسد أن الأردن لديه خطط "لنشر قواته في سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
وزير الإعلام الأردني محمد المومني، ردّ على تصريحات الأسد، وعدّها "مرفوضة، وأنها ادعاءات منسلخة من الواقع"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا". وقال المومني إن "حديث الأسد منسلخ تماماً عن الواقع، ويدلل على حجم التقدير الخطر المغلوط لواقع الأزمة السورية في أبسط حقائقها، واستغرب أن يُعتقد أن أول دولة دعت إلى الحل السياسي للأزمة السورية، وأقنعت العالم بهذا الحل، ستدفع الآن باتجاه الحل العسكري". وأشار المومني إلى أن "الأسد يعلم أن الأردن في مقدمة من يوازن الأجندة الإقليمية والعالمية لأغلبية أزمات المنطقة؛ بسبب الاحترام الكبير الذي يحظى به، وبما يخدم قضية الشعب السوري والشعوب العربية ويحقن الدماء".
تصريحات الأسد تعّزز فرضية أن تكون المظلة تحوي قذائف محملة بالغازات السامة قد تستخدم ضد الأردن، إذا ما تدخل برياً. في حين استبعد ناشطون أن تستخدم هذه الأسلحة ضد إسرائيل، مستشهدين بتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون الأخيرة، والتي قال فيها إن "داعش أطلق النار مرة واحدة باتجاه الجولان المحتل عن طريق الخطأ واعتذر فوراً".
تقديم النظام "أسلحة كيماوية" لـ"داعش" عبر مروحية يمكن رصدها من مختلف جيوش الدول المجاورة، والتي ترصد كل ما يحدث على الأرض السورية، قد يكون إذا ما صحّ، انتحاراً بكل معنى الكلمة. لذا يُرجّحُ البعض أن يكون ما حدث رسالة تهديد للأردن وإسرائيل، بأن النظام مستعد للذهاب في الجنون إلى النهاية، إذا ما حدث تدخل عسكري بري من الجنوب السوري.
وكان بيان صادر عن الأمير الإداري في "الدولة الإسلامية/قاطع ولاية درعا" أحمد شباط أبو دجانة، نُشر في 21 نيسان/إبريل، لم يتم التأكد منه، قد قدّم "شهادة حق سوف أسأل عنها يوم الحساب الموعود"، بعدما صار في ضيافة "حركة أحرار الشام"، وجاء فيه: "كنت من أبرز المدافعين عن الدولة الإسلامية أما بعد ما رأيت بأم عيني الطائرة المروحية من بضعة أيام عندما ألقت مجسم غريب في بلدة عدوان وكان المكان قبل أن يلقى هذا المجسم محاطاً من قبل جنود الدولة وكان من ضمنهم الأمير العام أبو محمد المقدسي وأبوعدي جباب وأبو حمزه الكوم، والمفاجأه عندما سقط المجسم على الأرض في ساحة الجامع في عدوان وعلى الفور تم نقله بواسطة رافعة وتم تغليف الرافعة بشادر لون بني إلى بلدة الشجرة". البيان أشار إلى أنه "في نفس اليوم تم عقد اجتماع من قبل الأمير العام المقدسي وقال لنا بإن المجسم كان ضمنه أسلحة أميركية! وتم إتلاف هذه الأسلحة لأنها تحمل شرائح!". ومنذ تلك اللحظة، وبحسب أبو دجانة: "أصبح لدي شكوك في هذا الأمر حتى سمعتها من أشخاص من جنود الدولة وهم يقولون: طيران نصيري يرمي أسلحة علينا.. لماذا؟ وهل من المعقول موجود داخل الأسلحة شرائح لماذا الأمير العام لم يطلعنا على هذا الأمر بوضوح ولماذا لا يرينا الشرائح؟". وتساءل: "كيف الطيران يضرب المرتدين ولا يضربنا؟ بل يرمي علينا أسلحة هل نحن عملاء للنظام الإيراني؟ كما يقال عنا من عوام المسلمين".
تطورات ترافقت مع خلافات بين مكونات "جيش خالد بن الوليد" في حوض اليرموك، ظهرت إلى العلن للمرة الأولى، بين عناصر ما كان يعرف سابقاً بـ"حركة المثنى" وعناصر من "لواء شهداء اليرموك"، بعد سحب "شهداء اليرموك" العتاد الثقيل من "الشركة الليبية" وبلدة المزيرعة التي تسيطر عليها "داعش"، بعد معركة "نزع الخناجر" التي أطلقتها فصائل المعارضة قبل أيام. وتطورت الخلافات إلى إطلاق نار بين الطرفين في بلدة سحم الجولان، ما أدى إلى مقتل أبو صخر الدريزي، أحد عناصرالتنظيم وجرح آخرين.
الخلاف بحسب مصادر مطّلعة كان نتيجة رفض عناصر من "حركة المثنى" الانسحاب من بعض النقاط التي سيطر عليها "جيش خالد بن الوليد" مؤخراً، الأمر الذي عارضه عناصر من لواء "شهداء اليرموك" بعد أن تكبدوا خسائر بالأرواح والعتاد نتيجة المعارك الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل 5 عناصر وجرح أكثر من 20 آخرين، إضافة إلى تدمير 3 سيارات مزودة برشاشات وجرافة كانت تقوم بالتدشيم ورفع السواتر في بلدة جلين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها