أعلن أهالي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، امتناعهم عن تسلم المساعدات الغذائية التي تقدم لهم عبر حاجز قوات النظام السوري عند مدخل المخيم الرئيسي. فالمخيم الواقع تحت حصار خانق منذ حوالي السنة، يتعرض قاطنوه لانتهاكات إنسانية يقوم بها عناصر قوات النظام خلال تسلمهم للمساعدات.
وقد جاء في بيان الأهالي المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 7 حزيران/يونيو: "نظراً للوضع الإنساني الصعب واستشهاد 145 لاجئاً على مذبح الجوع، وبسبب ما نتعرض له خلال استلام المساعدات الغذائية من سوء المعاملة المتمثلة بالإهانة والضرب واعتقال النساء والرجال من قبل عناصر الأمن السوري. وبسبب مماطلة النظام السوري في تنفيذ مبادرة تحييد المخيم عن الصراع السوري، نعلن الامتناع عن استلام المساعدات الغذائية".
التحرش الجنسي الذي تتعرض له النساء، من قبل عناصر النظام ومليشيا "الجبهة الشعبية-القيادة العامة" الموالية له، يأتي على رأس الأسباب التي دفعت الأهالي إلى التحرك. ويقول الناطق الإعلامي باسم "اتحاد شبكات أخبار المخيمات الفلسطينية" للـ"المدن": "منذ بدء عملية التوزيع قام النظام السوري باعتقال حوالي 150 رجلاً و15 امرأة. ورغم احتجاجاتنا المتكررة على ذلك استمر باعتقال المدنيين، وكان آخرها اعتقال امرأة مع أولادها على حاجز ببيلا". وحصلت على أثر الاعتقال مواجهة بين قوات المعارضة والنظام، باعتبار ذلك السلوك مخالفة للاتفاق. وعلى الرغم من مخاطر الاعتقال، استمر الأهالي بالمجازفة، والذهاب للحصول على المساعدات أو "الكرتونة"، بحسب ما يسميها أهل المخيم. ويكمل الناطق الإعلامي: "لكن ازدياد حالات التحرش الجنسي بنسائنا اللاتي يتجمعن عند الحاجز، من قبل عناصر النظام و جماعة أحمد جبريل (القيادة العامة)، وهو الأمر الذي لا يستطيع أحد السكوت عنه، ولذلك قاموا بالتوقف عن استلام المساعدات والمطالبة بفك الحصار عن المخيم".
وبدأت المساعدات الإنسانية بالدخول إلى مخيم اليرموك المحاصر، مع نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2014. وذلك بعد مماطلة طويلة من قبل النظام، والذي تذرع حينها بأن قوات المعارضة هي من تحول دون وصول المساعدات إلى الأهالي. واقتصرت المساعدات على المواد الغذائية فقط، مع السماح لأعداد قليلة من الحالات المرضية الحرجة بالخروج من المخيم للاستشفاء. وقد دفعت الاعتقالات المتكررة بحق الرجال أثناء توزيع المساعدات، من دون أسباب واضحة، إلى قيام النساء في هذا الدور بالنيابة عن أزواجهن وأولادهن. وأصبحن بذلك يكابدن مشقة النهوض منذ الصباح الباكر، والتوجه يومياً نحو الحاجز، حيث يتكدسن على اختلاف أعمارهن، في مساحة ضيقة بين أكوام المباني المدمرة، وذلك بانتظار دورهن في الطوابير الطويلة والممتدة لمئات الأمتار، وقد يضطررن للوقوف فيها على مدى أيام للحصول على حصة واحدة من المساعدة الغذائية، والتي لا تكفي بدورها سوى لأيام قليلة فقط، مما يدفعهن لمعاودة الكرة من جديد. وخلال هذه العملية المريرة، يُجبرن على تحمل كل أنواع الإهانات التي يقوم بها عناصر النظام وشبيحته من شتمهن وشتم "الذات الإلهية". فضلاً عن الاعتقال وأخيراً بدأ التحرش الجنسي.
عبر هذا التحرك، يطالب الأهالي بفك الحصار نهائياً عن المخيم و"تحييده" عن الصراع الدائر في البلاد. وجعله منطقة منزوعة السلاح، والسماح بعودة الأهالي المهجرين إليه. وذلك تطبيقاً للاتفاق الأخير مع النظام السوري. وهو المسؤول بدوره عن عرقلة تنفيذه، بحسب الأهالي. حيث يقول أحد المحاصرين في اليرموك: "عدم استلام المساعدات هو خطوة مهمة، بعد أن تحول توزيع "الكرتونة" إلى إبرة تخدير، يقدمها النظام من أجل إسكات الناس، والمماطلة في فك الحصار".
يستمر اضراب أهالي اليرموك منذ أيام، ولكن من ناحية واقعية قد لا يكتب له الاستمرار طويلاً، وذلك نظراً لانعدام المصادر الغذائية البديلة، أو شحّها لدى مئات العائلات المحاصرة منذ 333 يوم. وهو أمر يعلمه النظام جيداً، ومن المتوقع في هذه الحالة، أن يستبدل الأهالي حراكهم بخطوة جديدة.
وكان أهالي اليرموك قد قاموا خلال الفترة الماضية، بالعديد من التحركات لفك الحصار عن المخيم. ومنها "معركة الأمعاء الخاوية"، ومظاهرة "الأواني الفارغة" التي قام بها الاطفال المحاصرون. وكانت المظاهرات السلمية التي توجهت نحو حواجز النظام، قد تعرضت لقمع وحشي ودموي، وسقط خلالها 12 شهيداً مدنياً. وآخرها مظاهرة الأكفان في شهر كانون أول/ديسمبر 2013.