عدا نسبة غير معروفة، نرجّح أنّها كبيرة في أوساط الشعب الثائر وكتائبه المسلّحة، اتفق الجميع؛ دوليّاً وإقليميّاً ومحليّاً، على ضرورة عقد "مؤتمر دولي من أجل سوريا"، بهدف ترجيح "الحل السياسي" لـ"الأزمة"، "الحرب الأهليّة"، أو "الطائفيّة"، " أو غير ذلك من التسميات التي يطلقها الإعلام الغربي على الثوّرة في سوريا. وافق نظام "المؤامرة الكونيّة" على حل دوليّ للمسألة استناداً إلى بيان جنيف الصادر في الثلاثين من حزيران العام الماضي، فيما تحدثّ في الوقت نفسه عن عدم وجود طرف يحاوره.
ما هي الدوافع والأسباب وراء الدعوة لعقد هذا المؤتمر الآن؟ وما هي التوقعات التي يمكن أن تعبّر عن تطلعات الشعب المنتفض منه؟
ـ "المخرج السياسي": ضرورة دوليّة!
يعتبر فائق المير، القيادي في حزب الشعب الديموقراطي، أن "صمود الثوّرة وانتصاراتها وطردها لقوّات الطاغيّة من مساحات كبيرة من الأرض السوريّة" قد "قلب توقعات المجتمع الدولي... وأوقعه في حرج وإرباك كبيرين دفعا به للبحث عن مخرج سياسي". يتحدّث المير عن "مأزقين: أخلاقي وسياسي" تعيشهما روسيا جراء فشل حليفها السوري في تحقيق انتصار على الثورة. أما أميركيّاً، فيرى المير أنّ" سياسة الإبقاء على النزيف السوري" التي تنتهجها أميركا، بما يعني ذلك "النأي بالنفس عن التدّخل وعن تحمل مسؤوليتها، كقوّة كبرى، في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين"، قد وضعا إدارة أوباما في مرمى النقد والضغط من قبل جهات عديدة: داخل أميركا وخارجها.
هذا وغيره الكثير من الأسباب أجبرا أميركا، بحسب المير، "على إعادة النظر في سياستها تجاه الصراع ، وضرورة البحث عن مخرج سياسي. فكان هذا التوافق الغامض الذي أعلن عنه".
من جهته، يرى معتز مراد، وهو ناشط سياسي من داريا، أنّ ما دفع قوى المجتمع الدوّلي إلى التوافق على عقد مؤتمر هو "الوضع المتأزم في سوريا، وعدم وجود بديل حقيقي للنظام يستطيع تسلّم مقاليد السلطة ويضمن التوازنات الاقليمية في المنطقة". ويضيف "ومن جانب آخر، فلا بد للإدارة الأميركية من أن تقوم بخطوة تحرّرها من الحرج بعد تجاوز النظام السوري للخطوط الحمراء التي وضعتها له: استخدام السلام الكيميائي".
أما طارق عبد الحي، وهو ناشط سياسي من السويداء، فيعتبر أنّ ما يقف وراء الدعوة لعقد المؤتمر يتمّثل في اعتبار أميركا لمنطقة الشرق الأوسط "منطقة أمن قومي، وقد شعرت بأنّ مصالحها الجيوستراتيجيّة ستتضرر جراء استمرار الفوضى وتصاعدها". ويضيف "أمّا روسيا فهي تخشى سقوط النظام السوري وقيام سلطة إسلاميّة، متطرفة ربما!". باختصار، يقول عبد الحي" الجميع، بمن فيهم وربما أوّلهم اسرائيل، يريدون الفوضى لكن على أن تكون مضبوطة؛ بمعنى ألاّ تتأثر مصالح أيّ من الأطراف جراء ما يحدث في سوريا".
ـ تطلعات الشعب ومصالح المؤتمرين!
"لا أتوّقع النجاح للمؤتمر"، يجيب فائق المير عن السؤال المتعلق بمدى إمكانيّة أن يحقّق المؤتمر آمال وتطلعات الشعب السوري.
يوّضح قائلا "ثمّة أكثر من سبب يدعوني لعدم توّقع النجاح للمؤتمر وأهمها أنّه يعقد على أساس بيان مؤتمر جنيف الأوّل والذي لا يقول شيئاً صريحاً فيما يخصّ مصير بشار وأركان نظامه"، ويضيف "هناك خلاف أميركي-روسي قديم على تفسيره. لم يرشح ما ينبأ باتفاق موّحد بينهما على مصير الأسد. كل المعطيات والتصريحات تقول أن الخلاف ما زال قائماً حول مصير الاسد في المرحلة الانتقالية. ناهيك عن قدرة الطرفين على فرض ذلك على الثورة وعلى النظام".
يعيد الناشط معتز مراد التذكير بعدم تضمن بيان جنيف1 بنداً يتعلّق بمصير الأسد. رغم ذلك يعتبر، وبعد اطلاعه على كامل البيان، أنّ" تركيز البيان على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، وإصلاح الأجهزة الأمينة، ودخول الإعلام الحر وغيره من بنود، هي كفيلة، في حال تحققها، برحيل الأسد ولو بعد فترة معينة". ويضيف "معظم المراقبين متشائمين أو غير متفائلين. ولكنني أعتقد أن الوضع في سوريا قد وصل إلى ذروته والخطر أصبح محدقاً بعموم دول المنطقة وهذا ما يجعلني متفائلاً بحذر بأن يصل المؤتمر إلى نتيجة تؤدي إلى بداية الانتقال السياسي في سوريا".
عكس ذلك، يبدي الناشط طارق عبد الحي خشيته من أن يكون "القصد من المؤتمر هو دعم استمرار النظام بوجه الثوّرة المسّلحة وأن يتسبّب المؤتمر بمزيد من الانقسام في أوساط المعارضة السوريّة". ويضيف" قد يؤدي المؤتمر إلى وقف حمام الدم، ولكن لن يتم ذلك إلاّ عبر إجهاض الثوّرة كحالة تغيير من الداخل ولأهداف داخلية ومبررات داخلية ومصلحة سورية صرفة".
من جهته، يؤكد المير أنّه "لا يمكن للعالم أن يفرض على الثوّرة التفاوض مع الأسد وأعتقد أنّ الأمور تتجه نحو جولات جديدة من الصراع". ويضيف" أعتقد أنّه وفي حال تحقيق أمرين هما: وقف القتل الذي يقوم به الطاغيّة ورحيله مع طغمته؛ فيما لو تحقق هذان المطلبان ونجح المؤتمر في فرضهما يمكن القول حينها أنّنا قد دخلنا عملية الانتقال والمخرج السياسي السليم، إذ تحقق الثوّرة، بذلك، الكثير من آمال الشعب الثائر".