التضامن الوطني أولاً.. السياسة فيما بعد

رأي علي مراد
الإثنين   2024/09/23
الأولوية هي للتضامن كفعل سياسي قبل كل شيء (علي علوش)

إسرائيل بحالة حرب وعدوان مع كل لبنان.

مختلفون في هذا البلد تقريباً على كل شيء، ولا حاجة للتذكير بذلك كله. هذا الاختلاف له أسبابه والتي ليس من داع سردها اليوم. فهي بدأت منذ انتهاء الحرب وتعمقت بعد عام 2005، وتجذرت بعد 2019، وترافقت مع فاتورة دم ليس فقط في السياسة.

صحيح أن هناك من يختلفون في البلد حول دور الحزب في لبنان والمنطقة، وتحالفاته الإقليمية وكيفية إمساكه التدريجي بالبلد، وصحيح أيضاً أن هناك خلافاً منذ 8 تشرين الأول 2023، حول كيفية التعامل مع الحدث الفلسطيني، أو ما يسمى بـ"جبهة الإسناد".

مع كل هذا الحديث، ثمة حقيقة اليوم أن إسرائيل قررت بدء حربها على لبنان. وهذه حقيقة. حرب إسرائيل اليوم على البلد كله. هي هكذا بكل وضوح.

اليوم قرار الحرب والسلم لم يعد بيد الحزب (أو بالحد الأدنى، لم يعد هو المقرر الرئيسي). قرار الحرب اليوم بيد إسرائيل التي ترتكب مجازر في لبنان وغزة والضفة. إسرائيل كحكومة ودولة ومؤسسات ومجتمع. وهذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها أو التنكر لها، لمجرد وجود خلاف سياسي كبير مع الحزب.

الشعب اللبناني سيكون جاهزاً تماماً لأعلى حالة تضامن وطني وإنساني كبيرة في البلد. لكن حالة التضامن السياسي غير متوفرة بالقدر الكافي. وهذا أمر خطير لا يجب النظر إليه فقط من زاوية اتهامية متبادلة، تخوينية أو تبسيطية كما جرت العادة. هناك شيء خاطئ حدث في البلد منذ 2005، ندفع كلنا كمجتمع فاتورته اليوم، والحزب يتحمل مسؤولية رئيسية عنه، وإن لم يكن الوحيد حتماً. ولولا هذا الأداء المتراكم، لكان البلد اليوم في مكان آخر تماماً، حتى على مستوى التضامن السياسي.

ومن موقع المختلف مع الحزب تقريباً على كل شيء، اليوم يجب أن نتعلم كمجتمع، معنى التضامن الوطني، تضامن من موقع الاختلاف وليس من موقع التماهي. تضامن بعيداً عن العواطف وشعارات التخوين والشماتة.

التضامن كفعل سياسي قبل أن يكون إنسانياً، تضامن مع المهجرين من القرى الأمامية، الذين بات واضحاً أن عودتهم ليست قريبة. تضامن مع أفواج النازحين القادمين من وسط وشمال الليطاني، تضامن وطني يطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها السياسية والإغاثية والدبلوماسية، وأن لا تقف متفرجة عاجزة. تضامن  لنفكر في كيفية الخروج من هذه الحرب أولاً، وكيف تجنب آثار الحرب بعد اليوم التالي، ونخفف من مخاطر تفتيت المجتمع ككل.

اليوم، ومهما كان الرأي بمسار الأحداث وتدحرج الأمور، إسرائيل في حالة حرب مع كل لبنان. ولذلك، الأولوية هي للتضامن كفعل سياسي قبل كل شيء. وبعد ذلك، سيأتي وقت السياسة.

هذه مهمتنا ومسؤوليتنا كمجتمع في الساعات والأيام المقبلة.