المواجهات نحو التوسيع.. وواشنطن تدعم عمليات إسرائيل

المدن - لبنان
الأحد   2024/09/22
طال قصف مدفعيّ وفوسفوريّ بلدات رب ثلاثين وأطراف مركبا وحولا بجنوب لبنان (Getty)

بعد توسيعه مدى الاستهدافات بصواريخٍ جديدة وثقيلة، وصلت إلى مناطق واسعة من الجليل والجولان وضواحي حيفا، كـ "ردٍّ أوليّ" على تفجيرات أجهزة الاتصال الـ "Pagers"، تجدّدت المواجهات المُسلّحة جنوبًا بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيليّ، منذ صباح اليوم، الأحد 22 من أيلول الجاري، بوتيرةٍ تصعيديّة واضحة. وذلك وسط التهديدات الإسرائيليّة الّتي توعدت الحزب بتصعيد الهجمات على لبنان. وجاء هذا التصعيد بُعيد اغتيال مسؤول العمليات في حزب الله، إبراهيم عقيل، وقائد العمليات العسكريّة لوحدة الرضوان، أحمد وهبي، في ضربةٍ إسرائيليّة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة الماضي.

وفي هذا السّياق، نقلت القناة 12 الإسرائيليّة، أن التقديرات تُشير اليوم، إلى أنّ حزب الله قد يوسع دائرة الاستهداف لمناطقٍ إضافيّة، وقالت "القرار في إسرائيل هو التصعيد التدريجيّ، دون أن يصل ذلك إلى حربٍ مع حزب الله، ونقلت واشنطن رسائل لإسرائيل بدعم عملياتها ضدّ حزب الله ولكن حذّرتها من الانجرار إلى الحرب.

المواجهات جنوبي لبنان
واستشهد ثلاثة أشخاص وأصيب آخرون اليوم، في سلسلة غاراتٍ نفذّها جيش الاحتلال الإسرائيليّ على مواقع جنوب لبنان. في الوقت نفسه، وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أنّ الغارات استهدفت مواقع عسكريّة لحزب الله في بلدات أنصار والطيبة وياطر ومروحين وراميا، مهددًا بتصعيد الهجمات. وأصدرت قيادة الجبهة الداخليّة للجيش الإسرائيليّ تعليمات جديدة بفرض قيود على الأنشطة في الجولان والجليل ومنطقة حيفا بسبب التوتر المتصاعد مع حزب الله. ونعى حزب الله مقاتلاً في صفوفه "ارتقى شهيدًا على طريق القدس"، في مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وهو محمد علي زريق (باقر)، من مواليد عام 1985 من بلدة المعلّقة في البقاع. وحلّق الطيران الاستطلاعيّ والمسّير بشكلٍ مكثف فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل ومناطق عدّة من الجنوب، لينحسر هو والغارات في ساعات المساء الأولى. كما وطال قصف مدفعيّ وفوسفوريّ بلدات رب ثلاثين وأطراف مركبا وحولا بجنوب لبنان.

توسيع نطاق القتال
من جهته، أعلن حزب الله وفي سلسلةٍ من البيانات، أنّ مقاتليه شنّوا "هجومين جويين بأسرابٍ من المسيّرات الانقضاضيّة على تموضعات مستحدثة ‏لجنود العدو في محيط موقع المنارة وثكنة يفتاح وأصابت أهدافها بدّقة". وقال إن ذلك يأتي "دعمًا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة، وردًا على ‏اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة". هذا في وقتٍ نقلت فيه إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزارة التعليم إعلانها عن "استمرار تعليق الدراسة في مستوطنات الشمال غدًا الاثنين تنفيذًا لتعليمات الجبهة الداخلية". وأشارت تقارير عن سماع دوي صافرات الإنذار في مستوطنتي مرغليوت ومسكفعام، بالتزامن مع سماع أصوات انفجارات أيضًا في محيط المرج وثكنة راميم.

وفي بيانٍ صدر عن الجيش الإسرائيليّ ظهرًا، أٌفيد عن اجتماع عقده قائد المنطقة الشماليّة في الجيش الإسرائيليّ، أوري غوردين، مع رؤساء السّلطات المحليّة الإسرائيليّة شمالي البلاد، وجاء في البيات أنّه "وخلال الاجتماع، تمّت مناقشة تقييم الوضع حتّى الآن وعمليات الاستعداد لتوسيع نطاق القتال في المنطقة. كما أجرى قادة قيادة الشمال نقاشات حول الصورة الحاليّة مع رؤساء السلطات المحلية ورؤساء فرق الطوارئ في المنطقة". وأضاف الجيش الإسرائيليّ أنّه "إضافة إلى ذلك، تم تنفيذ تدريبات شاملة في المناطق القريبة من خط التماس (الحدود مع لبنان) لتعزيز جاهزية الفرق الطارئة التي تعمل بالتعاون مع الجيش وتعد جزءًا لا يتجزأ من الحفاظ على أمن المستوطنات". وقال الجنرال غوردين: "لقد نفذنا ضربات قوية ضد حزب الله وسنستمر في تعميق هذه الضغوط. نحن في نقطة تحول. بجانب مهمة الدفاع، نحن في جاهزية عالية للخطط الهجومية الإضافية ضد حزب الله".

مرحلة "الحساب المفتوح"
وخلال تشييع القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل وعنصر الحزب محمود حمد في الضاحية الجنوبية لبيروت، أكّد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، أنّ "إسرائيل ارتكبت 3 جرائم حرب مؤلمة بالنسبة إلينا، وهي تمثّل أعلى درجات التوحّش"، موضحًا أنّ "إسرائيل استهدفت الأطفال والمسعفين والصيدليات والمنازل وكل حياة شريفة آمنة ولم تستهدف المقاتلين فقط، وحتى هذا لا يبّرر لها استهداف المدنيين"، ذلك في معرض حديثه على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

ولفت إلى أنّ "إبراهيم عقيل كان قائدًا للعمليات وأسس قوّة الرضوان وهو شهيد القدس وفلسطين أرقى ميادين الجهاد". وذكر قاسم أنّ إسرائيل "كانت تريد من عملية الاعتداء على قادة الرضوان شلّ المقاومة وتحريض بيئتها عليها وإيقاف جبهة المساندة لغزة لإعادة سكان الشمال، لكن المقاومين عطّلوا هذه الأهداف"، مشيرًا إلى "أننا سرعان ما تغلبنا على الصدمة وعدنا إلى مواقعنا أقوى وأصلب ويؤازرنا الناس"، وقال: "عدنا أقوى والميدان سيشهد بذلك". وقال: "أيها الأميركيون أصبحتهم في الأسفل ولن يصدقكم أحد وستلحقون بإسرائيل "التي ستنهار حتمًا". وشدد قاسم على أنّ "جبهة الإسناد اللبنانية مستمرّة مهما طال الزمن إلى أن تتوقف الحرب على غزة"، وقال: "لن نحدد كيفية الرد على العدوان ودخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح"، وتابع "ما جرى ليلة أمس (في إشارة إلى ضربة حيفا) دفعة على الحساب في معركة الحساب المفتوح وراقبوا الميدان".

لن ننزلق
إلى ذلك، أكدّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يستمر في تحويله البلدات الجنوبية إلى أرض محروقة غير مأهولة يصعب العيش فيها بإتلافه مساحاتها الخضراء الصالحة للزراعة بالقنابل الفوسفورية الحارقة، وتدمير المنازل وتسويتها بالأرض، وقتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ومسعفين وعاملين في القطاع الصحي". وشدد بري، في تصريحٍ له على أننا "نحن من جانبنا لا نريد الحرب ولن ننزلق إليها، لكن من حقنا الدفاع عن النفس بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، ولن ندّخر جهداً لتأمين مقومات الصمود لأهلنا في الجنوب لمنع إسرائيل من تهجيرهم". واتهم بري نتانياهو بأنه "يضغط بالنار لجر لبنان والمنطقة لحرب كبرى، ونحن من جانبنا لن ننجر، ولن نقع في الفخ الإسرائيلي، لا بل سنقاوم مخططه، ونتمسك بقواعد الاشتباك، ونطالب بتطبيق القرار 1701، وما على المجتمع الدولي إلا الضغط لتطبيقه على جانبي الحدود بإلزام إسرائيل بوقف خرقها الأجواء اللبنانية".

ولفت الى أننا "نطالب الولايات المتحدة الأميركية بأن تمارس الضغط الكافي على نتنياهو لوقف عدوانه على لبنان، بدلاً من أن تتركه يبتزها، ويشل قدرتها على التحرك لوقف العدوان، ويتفلّت من الضغوط لوقف العدوان، وهو يستغل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي يدفع واشنطن إلى التردد في حسم موقفها للقيام بالضغط المطلوب، وضمان وقف النار، والشروع بوضع تطبيق القرار 1701 على نار حامية".

التهديدات الإسرائيليّة
في المقابل، صرّح رئيس الأركان الإسرائيليّ هرتسي هاليفي، قائلاً: "إنني أقول لسكان الشمال إن الجيش يبذل جهودًا على مدار الساعة لإعادتكم لدياركم"، مع استمرار عمليات حزب الله المساندة لغزة جرّاء الحرب ومواصلة الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان. وقال: "سنعيد مواطنينا في الشمال لديارهم وإذا لم يستوعب حزب الله ذلك فسيتلقى مزيدًا من الضربات"، مضيفًا "نحن نعمل على جبهات متعددة في غزة والشمال واليمن والعراق وإيران".

ولفت رئيس الأركان الإسرائيلي، إلى "أننا كثفنا عملياتنا ضد حزب الله خلال الأيام الأخيرة وسنواصل ضرباتنا إذا لزم الأمر". وحول الحرب على غزة، أشار هاليفي إلى أنّه "علينا إعادة كل الأسرى الأحياء سريعًا"، مضيفًا "عملياتنا تسير بشكل صحيح من أجل تكثيف الضغط العسكري لتحقيق هدف تحريرهم". ورأى رئيس الأركان الإسرائيلي أنّ "عملياتنا ألحقت ضررًا كبيرًا بحركة حماس في غزة".

المواقف الدوليّة
وفي السّياسة، أشار مسؤول السّياسة الخارجية للاتحاد الأوروبيّ جوزيف بوريل، إلى "أننا نشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد في لبنان وتصاعد العنف بين حزب الله وإسرائيل". وكشف أنّه "يجب تفادي الحرب بالوساطة الدبلوماسية المكثّفة، وسنركّز على ذلك خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة". وقال: "الاتحاد الأوروبي يشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد في أعقاب هجوم الجمعة على الضاحية وتصاعد العنف عبر الحدود"، مضيفًا "المدنيون على جانبي الحدود الإسرائيلية واللبنانية يدفعون ثمنا باهظا ووقف إطلاق النار الفوري أمر ضروري". وخلال الفترة الممتدة بين 24 و30 أيلول الحالي، ستقام المناقشة العامة للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث سيدلي زعماء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية بخطاباتهم لتقديم الرؤى بشأن أهم القضايا الدولية ومواجهة التحديات العالمية، في حين تخيّم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وخطر اتساع الحرب إلى لبنان على المشهد".

من جهته، حذّر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الأحد، في تصريح لوكالة فرانس برس، من أن ارتفاع حدّة التصعيد بين إسرائيل وحزب الله يهدّد باندلاع "حرب إقليمية شاملة"، معتبرًا أنّ التصعيد الأخير "يؤثر سلبًا" على المفاوضات التي ترمي للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، تؤدي في إطارها مصر دور وساطة.