تحليلات إسرائيلية لما بعد التفجيرات.. إما التسوية أو الحرب

المدن - لبنان
الخميس   2024/09/19
تستعد إسرائيل بجدية لاحتمال رد قوي من حزب الله قد يؤدي إلى حرب أوسع (علي علّوش)
تتواصل التحليلات والتقديرات الإسرائيلية لما بعد تفجيرات أجهزة الاتصال لدى حزب الله، وتتراوح التحليلات بين خيارات الحرب الواسعة أو الضغط في سبيل تحقيق تسوية سياسية. ويشير محللون إسرائيليون إلى احتمال تصاعد الأوضاع الأمنية بين إسرائيل وحزب الله، وسط تساؤلات حول نوايا القيادة الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو؛ ففيما يرى البعض أن إسرائيل قد تسعى لاستغلال الضغط المتزايد على حزب الله لدفعه نحو وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق يشمل انسحاب قوات "الرضوان" إلى شمال نهر الليطاني، يشير آخرون إلى احتمال سعي إسرائيل لجر الحزب إلى مواجهة عسكرية شاملة.
وأوقعت موجة جديدة من تفجيرات أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في لبنان، أمس الأربعاء، 20 قتيلا وأكثر من 450 جريحا في مختلف أنحاء البلاد، وجاء هذا الهجوم غداة هجوم مماثل غير مسبوق نسب إلى إسرائيل وأوقع 12 قتيلا ونحو ثلاثة آلاف جريح، في انفجارات أجهزة "بيجر" تابعة لحزب الله، الأمر الذي يزيد المخاوف من حرب شاملة في ظل التوقعات برد حزب الله، ما قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق.

بضعة أيام
وفي هذا السياق، وفي أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية بإضافة "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان" إلى أهداف الحرب، وفي ظل التطورات الأخيرة، قلل المحللون الإسرائيليون من فرص التسوية مع حزب الله التي تتيح لإسرائيل إعادة سكان البلدات الحدودية إلى منازلهم، الأمر الذي قاله صراحة وزير الأمن، يوآف غالانت، خلال مناقشاته الأخيرة مع المسؤولين الأميركيين. وقال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إنه "من المحتمل أن تمر بضعة أيام قبل أن يتضح ما إذا كان ذلك يأتي ضمن خطوة إستراتيجية تُعدها القيادة الإسرائيلية بعد الضربة العملياتية التي تلقاها حزب الله". وتساءل "هل نحن على أعتاب حرب، أم أن إسرائيل تكتفي بحساب النقاط الإيجابية التي جمعتها، وكأنها تعتقد أن عددًا كافيًا منها سيكفي لهزيمة حزب الله؟".
واعتبر أن "تفسيرين محتملين لنوايا نتنياهو، الذي يبدو الآن أنه يقود صياغة السياسة المتعلقة بالشمال. الأول هو أن رئيس الحكومة يأمل أن الضغط المتزايد والبارانويا المتصاعدة من الخوف من ضربات إضافية، ستؤدي في النهاية إلى نقطة انهيار لدى حزب الله". وتابع "سيفهم الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن الثمن الذي يدفعه لدعمه حماس في غزة، من خلال إطلاق الصواريخ المستمر، وقذائف مضادة للدبابات، والطائرات من دون طيار منذ بداية الحرب، أصبح باهظًا جدًا، وسيسعى إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في الشمال، يتضمن انسحاب قوات ‘الرضوان‘ إلى شمال نهر الليطاني، مما سيسمح بعودة بعض السكان إلى البلدات الحدودية". والتفسير الثاني، بحسب هرئيل، هو أن "إسرائيل ربما تحاول جر حزب الله إلى الحرب. فعندما يرد الحزب، ستستغل إسرائيل الشرعية الدولية المحدودة التي ستحصل عليها بعد استهداف مدنييها، وسيكون لديها ذريعة لدخول حرب شاملة في لبنان، فيما يفضل حزب الله وإيران الاستمرار في التصعيد الحالي دون دفع ثمن مواجهة عسكرية غير محدودة".

رسالة إلى نصر الله
بدوره، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إن "كبار المسؤولين في إسرائيل بعثوا برسالة إلى نصر الله مفادها أنه يمكنه وقف إطلاق النار، إذا قرر قبول الاتفاق الذي يتضمن إبعاد قوات ‘الرضوان‘ عن الحدود حتى لا تشكل تهديدًا على سكان الشمال". ونقل عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم: "نحن عازمون بشدة على خلق الظروف الأمنية التي تعيد السكان إلى منازلهم بأمان، ونحن مستعدون لفعل كل ما يلزم لتحقيق ذلك. لدينا قدرات كثيرة لم نستخدمها بعد. القاعدة هي: في كل مرة نعمل فيها على مرحلة معينة، نكون مستعدين لإطلاق المرحلتين التاليتين بقوة. وفي كل مرحلة يجب أن يدفع حزب الله ثمنًا باهظًا".
وأضاف يهوشواع أنه "وفقًا للتصريحات الصادرة من لبنان وعمق الضرر الذي لحق بحزب الله، فإن إسرائيل تتوقع أن يرد الحزب بطريقة مختلفة عما كان حتى الآن. هل سيكتفي برد محدود؟ هذا غير واضح. لكن أي تصعيد من جانبه قد يؤدي إلى تبادل ضربات قد تجرنا إلى حرب واسعة النطاق". وتابع أنه "لذلك، في هذه المرحلة، تستعد إسرائيل بجدية لاحتمال رد قوي من حزب الله، وهو رد قد يؤدي إلى حرب أوسع"، معتبراً أن "حرب لبنان الثالثة قد بدأت بالفعل"، واستدرك قائلا: "المصلحة الإيرانية هي إنهاك إسرائيل في جميع الجبهات في حرب طويلة الأمد. أما المصلحة الإسرائيلية فهي تقصير الحرب. إذا لم نستغل الوضع مع مرور الوقت، فقد يكون ذلك إشارة إلى عدم وجود من يرغب في تقصير الحرب في إسرائيل".