التحقيقات مكثفة في تفجيرات "البايجر": هل استخدمت للتنصّت؟

محمد علوش
الخميس   2024/09/19
هناك أجهزة من ضمن الشحنة المستوردة، غير مستعملة بعد ولم تنفجر (Getty)

تنقل الخروقات الأمنية الإسرائيلية الجديدة التي حصلت يومي الثلاثاء والأربعاء الأحداث إلى مرحلة جديدة من التفكير الإجرامي الإسرائيلي المبنيّ على قدرات تكنولوجية وأمنية كبيرة جداً. فإذا كانت أجهزة "البايجر" قد فُخخت منذ الخطوة الأولى في خط إنتاجها، إلا أن بعضها لم ينفجر، وهو ما سيكون من النقاط الأساسية التي يتم التوقف عندها والإنطلاق منها عند التحقيق، بينما الأجهزة اللاسلكية كان لها وسيلة تفجير مختلفة بعض الشيء.

تمكّن بعض حاملي أجهزة البايجر، بحسب مصادر متابعة، من التخلص منها قبل ثانيتين أو ثلاثة من انفجارها بسبب سخونتها الزائدة، ما يعني حكماً أن حرارة الجهاز قد ارتفعت إلى درجة كبيرة قبل الإنفجار، بينما هناك أجهزة من ضمن الشحنة المستوردة، غير مستعملة بعد ولم تنفجر، ما يدلّ على وجود ترابط ما بين عمل الجهاز والبطارية المفخخة. وتنطلق التحقيقات اليوم من هذه الإشارات لمعرفة ما حصل، والأهم التحقيق منذ اللحظة الأولى لعقد الصفقة والمسار الذي سارت به من الاتفاق إلى التصنيع والتجهيز والإستيراد والوصول إلى لبنان؛ علماً أن المصادر نفسها تؤكد خضوع هذه الشحنة، كما كل الشحنات المشابهة، إلى فحوص قبل وضعها في الخدمة.

أما مسألة تفجر أجهزة اللاسلكي من نوع "أيكوم" فكانت مختلفة بعض الشيء، أقله من حيث الشكل والحجم وطريقة التفجير، خصوصاً بظل ما يُحكى عن انفجار للبطاريات بوقت كانت فيه مفصولة عن الأجهزة.

بحسب المصادر، اشترى حزب الله منذ أشهر شحنة بطاريات ليثيوم لزوم تشغيل الأجهزة لضمان استمرارها في العمل لفترة طويلة، علماً أن هذه الأجهزة نادراً ما تُعتمد على الجبهات، وهي تخص، إجمالاً، الأفراد العاملين في الشق الصحي أو الاجتماعي أو البلدي والكشاف، ويبدو بحسب المصادر أن التحقيقات الأولية تُشير إلى تفخيخ هذه البطاريات، لا الأجهزة.

أجهزة لتحديد المواقع
القلق الأساسي اليوم، بعد اهمية وأولوية ضحايا هذه التفجيرات، هو بضرورة الوصول الى نتائج كاملة للتحقيقات، والتأكد من روايات متداولة تتحدث عن قيام بعض الأشخاص بفصل البطارية عن الجهاز فور بدء التفجيرات، وانفجار البطارية بشكل مستقل، وهذا يعني بحال تم التأكد من صحته، بأن البطارية المفخخة بحدّ ذاتها لها آلية إرسال واستقبال منفصلة عن الجهاز، أي أن تفعيل المواد المتفجرة داخلها يتطلب القدرة على تحديد مكانها والقدرة على الوصول إليها عن بُعُد، ما يعني وجود جهاز ما تمكن من تعقبها. وبالتالي، فإن الخطر الأكبر سيكون، بحال ثبت ذلك بالتحقيقات، هو أن الإسرائيلي تمكن من مراقبة هذه الأجهزة وتحديد كل أماكن تنقّلها، كما يمكن أن يكون قد فعل ذلك أيضاً في أجهزة "البايجر"، ما يعني أن لديه اليوم خرائط كاملة لتحرك هذه الأجهزة والأماكن التي تنقلت عبرها.

أجهزة تنصّت؟
كذلك تكشف المصادر أن هناك قلقاً لدى المعنيين بأن تحتوي أجهزة "البايجر" وبطاريات الأجهزة اللاسلكية على أجهزة تنصّت، تُمكّن الإسرائيلي من مراقبة الصوت، أي تمكنه من رسم الخرائط والوصول الى المحتوى وسماع ما يدور حول كل حاملي هذه الأجهزة الملغومة.

تؤكد المصادر أن كل هذه الخروقات لم تصل إلى العاملين على خط المواجهة في الجبهات، لأنهم لا يستخدمون "البايجرات" ولا هذا النوع من الأجهزة، إنما هذا لا يلغي الخطر المحتمل والذي يجب أن تُجيب عليه التحقيقات التي بدأها الحزب، والتي يبدو بحسب المصادر أنه يستعين لأجلها بخبرات غير لبنانية، لرسم الصورة الكاملة لما حصل وحجم الخرق الذي تمكّنت إسرائيل من تحقيقه.

كل هذه الفرضيات غير مؤكدة بعد، لكنها حاضرة على طاولة من يعمل على هذا الملف، خصوصاً بعدما تبيّن أن العدو الإسرائيلي قادر على تحقيق خروقات نوعية من خلال التطور التكنولوجي الذي وصل إليه، وهو ما يشكل نوعاً جديداً من الحروب قد ظهرت بوادرها منذ بداية الحرب في تشرين الأول الماضي، وتوضّحت أكثر خلال الأسبوع الجاري.