"ملحق" لتطبيق القرار 1701.. بانتظار جواب إسرائيل

غادة حلاوي
الأحد   2024/10/27
ليس معلوماً بعد نية إسرائيل بالانسحاب، وقبول حزب الله التراجع حتى شمالي الليطاني (Getty)

لكأن الميدان استعاد زمام المبادرة. أولاً، الأخبار الواردة من الجنوب أحدثت توازناً في مسار الحرب مع إسرائيل. ثانياُ، الضربة الإسرائيلية المحدودة على إيران، والتي طوقت مفاعيل حرب كانت متوقعة في المنطقة، وأظهرت وجود سيناريو متفق عليه بين إيران وأميركا. أما الواقعة الثالثة، فهي إصرار الموفد الأميركي آموس هوكشتاين على مواصلة جهوده حتى اللحظات الأخيرة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، والسعي لوقف النار وتطبيق القرار 1701. أقله هذا هو الانطباع الذي خلفه في ذهن من التقاهم، وما عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي نال تفويضاً من حزب الله للتفاوض بشأنه.

القرار الذي لا تعتبره إسرائيل كافياً كشرط لوقف النار، تسعى إلى تعديله من ناحيتي حرية التحرك باتجاه لبنان، تحت ذريعة وجود خطر يهدد حدودها، وإدخال إضافات على البند المتعلق بعمل اليونيفيل، تمنحها القيام بدورياتها بمعزل عن التنسيق مع الجيش. بينما بعتبر لبنان، وفق ما أبلغ برّي للموفد الأميركي، أن كل نقاط الحل موجودة في هذا القرار، بما لا يبرر الحاجة إلى تعديله، وأن التزام الطرفين بكل ما تضمنته آلياته التطبيقية هو المخرج الوحيد.

نص القرار وعقبات التنفيذ
زيارات مكوكية للموفد الأميركي، وفي كل مرة كان يحمل صيغة جديدة مختلفة تتماهى مع مصلحة إسرائيل، التي تفرض تطبيقاً أحادي الجانب للقرار، وترفض منح ضمانات الالتزام بتطبيقه، مغلبة الخيار العسكري على الديبلوماسي، بدليل رد نتياهو بالنار تزامناً مع زيارة هوكشتاين الأخيرة إلى لبنان.

تحديات التطبيق
ولا يعني مجرد الالتزام بمندرجات القرار 1701 أن تطبيقه متيسر من كلا الطرفين. تشي مراجعة سريعة لبنوده إلى وجود تعقيدات تجعل الاتفاق مستبعداً، إلا بموجب اتفاق يكون لإيران اليد الطولى فيه إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، ولا يقتصر على حزب الله وإسرائيل. الطرفان يسعيان حالياً إلى تحسين شروط التفاوض بالنار.
ينص القرار من ضمن ما ينص عليه، على الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كلا الطرفين، اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة"، ويطلب "التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، والقرارين 1559 و1680، والتي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان.

هل تنسحب إسرائيل؟
بمعنى آخر، يتحدث القرار 1701 عن انسحاب إسرائيل من النقاط الـ13 التي لا تزال تحتلها، وهناك مناطق متنازع عليها في شبعا وكفرشوبا وجزء من الغجر، ووقف الخروقات الجوية والبحرية (ارتكبت إسرائيل ما يزيد على 60 ألف خرق خلال السنوات العشرين الماضية).
ومن الجانب اللبناني يطلب انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، وتخليه عن السلاح في المرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية يتم تطبيق مفاعيل اتفاق الوفاق الوطني والقرار 1559 بحل جميع الميليشيات وحصر السلاح بيد الجيش.

الصيغ المتداولة للآلية التطبيقية
وليس معلوماً بعد نية إسرائيل بالانسحاب، وقبول حزب الله التراجع حتى شمالي الليطاني. لكن المؤكد -وفق ما تؤكد مصادر رسمية- أن العمل جار للتوصل إلى وقف نار نهائي وليس مؤقت، بناء على اتفاق مكتوب حول الآلية التطبيقية. والنقاشات لا تزال متواصلة.
تقول معلومات مصادر سياسية موثوقة، إن هوكشتاين لم يحمل مسودة للآلية التطبيقية للقرار 1701، بل مجرد أفكار طرحها للنقاش مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب، استنتجها من الورقة الإسرائيلية التي ناقشها نتنياهو مع الأميركيين، ويستحيل أن يرضى بها حزب الله.
ورد في هذه الآلية: ضبط الحدود لمنع نقل السلاح من سوريا إلى لبنان، ومنح صلاحيات استثنائية لقوات حفظ السلام (اليونيفيل)، حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وانتشار عناصره على طول الحدود، ومنع وجود أي مظاهر مسلحة إلى ما بعد شمالي الليطاني.

صيغة ثانية تقوم على إقامة منطقة منزوعة السلاح. حيث تحدثت مصادر رسمية عن محاولات، رفضها لبنان، لمنح اليونيفيل صلاحيات إضافية لتتمتع بحرية الحركة بمعزل عن التنسيق مع الجيش. لمس لبنان أن ما يهم الأميركيين ليس القرار 1559 بقدر ما يهتمون لوجود منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني وابتعاد حزب الله. وهذه النقطة الأصعب حيث لا يمكن لحزب الله تنفيذ انسحابه ببساطة، ومن دون ضمانات بالالتزام من قبل إسرائيل.
بالمقابل، تراجع البحث في إمكانية صياغة قرار جديد، نظراً للتباين الأميركي الروسي الصيني المستجد. ولذا، تم التحايل على الطرح، بإعداد ملحق تنفيذي للقرار الأساس، يتضمن تفاصيل الآلية التطبيقية، حيث يصار إلى اقتراح العدد المطلوب للجيش لتأمين انتشاره على الحدود، وصلاحياته مع اليونيفيل، وانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني.
مصادر ديبلوماسية قالت إن هذا الطرح مرهون بوقف الحرب، ولا يبدو أن نتنياهو بوارد اتخاذ قرار بوقفها عما قريب.

شرط التزام الطرفين
لذا، كثف لبنان جهوده. جال ميقاتي على الدول المشاركة في عداد قوات اليونفيل بهدف شرح حقيقة الموقف اللبناني من قضية صلاحيات اليونيفيل وعملها بالتعاون مع الجيش. الكلام الإيجابي الذي تكرر على مسامعه لم يبدد مخاوفة من عدم الضغط على نتنياهو لوقف الحرب والتزام وقف الخروقات. يشدد لبنان على التزام إسرائيل بتطبيق القرار كي يلتزم حزب الله بتطبيقه والانسحاب إلى حيث حدد القرار. لكن ثمة صعوبة في الإلتزام عبر عنها هوكشتاين، الذي قال إن أقصى ما يمكن هو انسحاب اسرائيل من 6 نقاط من أصل 13 لكنه طالب بانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني!
الأمور غير واضحة بعد. فإسرائيل لم تتعهد بالتطبيق الكامل لمندرجات القرار. بالمقابل، يجزم حزب الله بأن لا اتصالات في الوقت الحاضر، وليس من المتوقع أي تطور جدي قبل الانتخابات الأميركية وما يليها. يدرك أن الإسرائيلي كما الأميركي ليسا في وارد إعطائه أقل من القرار 1701، بالمقابل ليس في وارد أن يقبل ما هو أكثر من ذلك. أفكار عديدة تطرح عليه بالواسطة، ولكن لم تناقش مع الجانب الإسرائيلي المصر على استكمال حربه.

عودة هوكشتاين وجواب إسرائيل
الجيش من جانبه، أعد العدة استعداداً لوقف النار والاتفاق على تطبيق القرار 1701. وضع خطة لانتشار عناصره، وسيفتح الباب أمام الراغبين ابتداء من مطلع الشهر المقبل لتطويع 1500 جندي كمرحلة أولى. عرض قائد الجيش العماد جوزف عون الخطة على الدول المشاركة في مؤتمر باريس طالباً المساعدة. تعهد هوكشتاين مساعدة بلاده بجزء من المبالغ المطلوبة. وإلى أن يتم التطوع، سيطلب الجيش من مجلس الوزراء تسلم قوى الأمن الداخلي نقاط تمركزه ليتسنى له الانتشاره جنوباً.
تطورات مرتبطة بجواب إسرائيل على الآلية التي حملها هوكشتاين. زيارته إلى المنطقة وإذ ترافقت مع وصول مسؤولين دوليين وإقليميين، ولاسيما من فرنسا، تعد مؤشراً إلى تقدم إيجابي جدي بموضوع وقف النار وتطبيق القرار 1701.