ليلة الانفجارات الغامضة في البقاع: أضرار بثلاثة مستشفيات وجامعة

لوسي بارسخيان
الأحد   2024/10/13
ضرب صروح مختلفة في منطقة البقاع في ليلة واحدة (Getty)

شهد البقاع ليل السبت- الأحد حالة من الذعر والإرباك لم يعرف لهما مثيلاً منذ تمدد العدوان الإسرائيلي إلى مناطقه، فاقمها عدم قدرة المصادر الأمنية، ومجموعات رصد مواقع الغارات الإعلامية أو الحزبية، من تقديم تفسير واضح وسريع لما جرى. وهذا ما صعّب مهمة حتى صحافيي المنطقة الميدانيين في تقديم إجابة واضحة، فهل كان خرقاً لجدار الصوت، خلّف انطباعات مشتركة لدى أهالي كل قرية بأنها استهدفت مباشرة، أم هي غارة كبيرة لم يحدد موقعها.

الجامعة الأنطونية
لاحقاً تبيّن أن ليل البقاع شهد مزيجاً من الإثنين. فبعيد دقائق من خرق جدار الصوت على علو منخفض، شهدت المنطقة سلسلة غارات يبدو أن أعنفها، وأقربها إلى منطقة زحلة وقضائها، كان في سهل النبي آيلا التابع عقارياً لمنطقة تمنين في بعلبك. وقد خلفت الغارة أضراراً جسيمة في صرح الجامعة الأنطونية الجامعي الأقرب إلى مكان الغارة، بالإضافة إلى تضرر مستشفيي رياق وتمنين. فيما رجح أن تكون الأضرار التي شهدها مستشفى تل شيحا في مدينة زحلة أيضاً، ناجمة عن الخرق القوي لجدار الصوت الذي سبق الغارة.

في معاينة ميدانية صباحاً لما خلفته الغارة في الجامعة الأنطونية، التي تقع على الطريق العام المؤدي إلى منطقة أبلح، دخلنا من الأبواب المخلعة إلى داخل الصرح، حيث كان العمال منشغلين بإزالة كميات الزجاج المتناثرة في كل أرجاء المبنى المستحدث منذ العام 2001. وكان واضحاً أن الضرر المادي لم يستثن أيضاً تجهيزات مختلف فروعها، التي تعنى بتدريس هندسة الكومبيوتر، علوم الكومبيوتر، مختبرات الأسنان، العلاج الفيزيائي وعلوم الرياضة، وإدارة الأعمال. وهو ما يضاف إلى ما لحق بنحو ألف طالب من أذى معنوي، أصاب أيضاً الموظفين والعاملين في صرح جامعي خاص هو من الأهم في منطقة البقاع، ويؤمن منذ ولادته حاجة طلاب المنطقة، غير القادرين على متابعة اختصاصاتهم خارج مدنهم. وكانت إدارة الجامعة قد قررت، وفقاً لمديرها أنطوان رعيدي، أن تواصل الدروس للطلاب إفتراضياً بعد أسبوع من انطلاق العام الجامعي، حماية لأرواح طلابها وأساتذتها الذين يحضرون من مختلف أنحاء البقاع. وأشار رعيدي إلى أن مهندسي الجامعة سيعملون على إحصاء الأضرار لتحديد حجمها، إلا أنه لم يشكك بأن الضرر كبير.

مستشفى تمنين
في بلدة تمنين شكل واقع مستشفاها الذي يقع في وسط نيران العدوان الإسرائيلي المتكرر على البلدة يومياً، أقرب إلى الشلل. ويبدو أن المستشفى الذي يضم 78 سريراً، ويفترض أن يكون على خطوط التماس الأولى مع المواطنين، أقله لتقديم العناية الأولية للمصابين جراء الغارات، قد خرج تدريجياً عن العمل، وصولاً إلى نقل آخر نزلائه، وعددهم أربعة، إلى مستشفيات أخرى. وعليه لم يبق في المستشفى سوى ثلاث عائلات نازحة، ذكر المدير التمريضي قاسم بستاني أنهم من أبناء البلدة الذين اضطروا للنزوح إلى المستشفى كمقر آمن، وجرى استقبالهم في الطابق العلوي الذي كان مخصصاً لحضانة الأطفال.

وأشار بستاني إلى أنه منذ نحو أسبوع وقعت ثلاث غارات متتالية في محيط مستشفى تمنين، الذي يعتبر موقعه محورياً بين منطقتي شرق بعلبك وغربها. فوقعت الغارة الأولى على بعد نحو مئة متر من جهة الشرق، والثانية 50 متراً من جهة الغرب. أما الغارة الثالثةـ فكانت الأقوى ليل السبت على بعد مئة متر لجهة الجنوب. وهذا ما دفع إلى إخلاء المستشفى من المرضى، لأنه لم يعد هناك مقومات لعلاجهم. وإذ أكد بستاني بأن إدارة المستشفى ستعمل كل جهدها لإعادة تشغيله، طالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل كي تحيد المستشفيات عن عدوانها.

مستشفى رياق
لم تنتظر إدارة مستشفى رياق في المقابل طويلاً لتعيد إصلاح الأضرار التي لحقت به أيضاً جراء الغارة نفسها، علماً أنها بقيت وفقاً لمصادرها محدودة. والمعلوم أن المستشفى يستقبل العدد الأكبر من مصابي الحرب من مختلف أنحاء محافظتي البقاع وبعلبك، وبقيت طواقمه على جهوزية تامة لأي حالة طارئة.

هذا في وقت أصدر مستشفى تل شيحا في زحلة بياناً أعلن أن الضرر الذي لحق ببعض تجهيزات المستشفى، لن يثنيه عن خدمة أبناء المنطقة في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، ووزعت الدائرة الإعلامية صوراً لهذه الأضرار التي ذكرت أنها لم تصب المرضى بأي أذى.

والضرر الذي ترجم في ليلة واحدة بصروح مختلفة في منطقة البقاع، ليس سوى صورة تعكس الواقع الدقيق والخطير الذي يعيشه أبناء البقاع منذ بدء العدوان الإسرائيلي، حيث يتسبب كل عدوان بأذى مادي وبشري شامل في محيطه. وهذا ما يرفع منسوب القلق لدى المواطنين، الذين ما عادوا يجدون مكاناً آمنا لهم في قراهم وبلداتهم.